هبة المنسي تكتب: الفتى المتيم بالمسبحة

الجمعة 02 يونية 2023 | 10:03 مساءً
هبة المنسي
هبة المنسي
كتب : هبة المنسي

فى عالم موازي .. كان الفتى مولعاً بالنساء كحبات مسبحة لاتفارق يمينه .. كل صباح يحمل مبخرته و يجمعهن حوله ليطمئن قلبه أن ما من حبة قد غادرته أو انفرط عقدها رغماً عن أحلامه ..وفى المساء يطوف عليهن واحدة تلو الأخرى حاملاً ذات المبخرة يرتل تعويذته ليوهم كل منهن أنه منحها بعضاً من ضوء القمر .. كان وجودهن ينزل برداً وسلاماً على ظمأ مغرور لا يفتر مطلقاً وروح طوافة.. سيدة فقط بالكلمات سخية بنظم الابتسامات ذات صباح .. على ضفاف رماله المتحركة وبراح أيامه المتخمة بكل صنوف النساء.. حملتها أقدراها على الاقتراب منه ..أهدته مسحبة منقوش عليها أحرف اسمه ..همست فى اذنيه : مسبحتى صلاة العاشقين قارورة عطر مقطر بعبق النبوة ..الروح تتدثر بها وتكتفى ..تزمل بمسبحته القديمة واستعاذ من شرور الدرويشة ..وانصرف البارحة كان حزينًا.

روادته أحلامه بإيعاز من ذات روحه العطشى ان يقبل عطية الدرويشة ويكمل مسبحته بحباتها المضيئة .. عاد إليها يطوى قصاصة ورق كتب على حافتها ..لاتقارنى نفسك بأحد .أنت منى بمنزلة النفس للجسد ..زادى قليل وعهدك مصان هنا سقطت الدوريشة فى خدر الكلمات ..انحرفت ومالت إليه بمسبحتها ..نادى عليها منادى من بعيد ..تريثى فإن الفتى صياد مولع بالمسابح شباكه حبلى بالحورايات دائما ..أشاحت بوجهها عن الصوت ومضت تتوضأ من عرق الفتى تصلى من أجله كل مساء وتقرا ورد الحب لعينيه أخبرته فى إحدى الليالى الممطرة بعيون الزرقاء ..لقد رايت فيما يرى النائم أنك تخرج من بحر لجى الظلمات وتخفى حورية تحت عبائتك نهرها الفتى بابتسامة ساخرة أخفقت فى أن توراى سوءات نفسه.

وقال : أضغاث أحلام ..أنت الفريضة وكل النساء نوافل تممت الدرويشة : لكنها قلوب العاشقين يبيبن لها مالا يكاد يبين ذات مساء ذهبت إليه سمعته من خلف أبوابه المواربة دائماً يقتات طقوس الخداع بعباءة الناسك.

ويرتل آياته : أنت الفرضية وكل النساء نوافل ...زادى قليل وعهدك مصان بثياب اليأس عانقت أوهامها ريثما أدركت أن الضوء قد لايستطع فى الظلام مطلقاً أن نفق الروح المجبولة على العصيان لا تعرف العشق ...غادرته بعد ان رسم الحزن فوق ملامحها أخديد حزن صامت تآلفت معه ..افترشت والدارويش قوارع الحى تروى حكايا ما قد كان.. تردد صدى أوجاعها : نحن الدروايش جراحنا تلئتم بلسع النار .