مصر وترامب

الجمعة 14 فبراير 2025 | 03:01 مساءً
ياسين غلاب
ياسين غلاب
كتب : ياسين غلاب مدير تحرير الأهرام المسائي

يملأ ترامب ونتنياهو الفضاء الإعلامي بوابل من التصريحات، وكأنها وابل من إطلاق النار في كل اتجاه. لم يمضِ شهر على توليه رئاسة الولايات المتحدة إلا وأصابت رصاصاته الكثير في هذا العالم البائس. 

لم تكن رصاصات "فشنك"، ولم تكن أيضًا قاتلة؛ هي مثل الخرطوش، فقط تجرح من يخاف منها.

العالم قد تغير

يدرك ترامب وفريقه أن العالم قد تغير ولم يعد كما كان، تأمر أمريكا فيُطاع. العالم بالفعل قوي للدرجة التي تسمح له بأن يُعقل "المجنون". بيد أن ترامب يملك من الأوراق ما يجعل هذه الرصاصات تؤدي وُكلها للأهداف الحقيقية التي يريدها وفريقه، أو على الأقل معظمها كما يخططون.

التاريخ البعيد يقول لنا إن الولايات المتحدة لم تكسب معركة عسكرية قط. "القريب" يقول لنا أيضًا ذلك، ويضيف أن أمريكا في أزمة اقتصادية طاحنة، لكنها تملك أوراقًا لا تزال صالحة، أهمها ليست القوة العسكرية، بل الدولار والأسواق. 

الأخيرة هي الملعب الذي يجيد ترامب اللعب فيه. الفكرة ببساطة: إن لم نتفق، فسأمنع منتجاتك من الاستهلاك في أسواقي. لعبة خطيرة لها مردود خارجي وداخلي. 

يلعب ترامب على الوتر الحساس ويوهم خصومه بأنه ماضٍ في طريقه. بعض الخصوم الضعفاء يرضخون لطلباته، التي تعني مزيدًا من الجزية تحت اسم الرسوم الجمركية.

استراتيجية الصدمة، أو إطلاق النار بأكبر معدل في كل اتجاه، ليست جديدة. طبقتها دول كثيرة، مثل فرنسا في 2017 وبريطانيا عند الخروج من الاتحاد الأوروبي.

 المشكلة أن أكبر اقتصاد في العالم، نظريًا، يطبقها. هذا من شأنه أن يسبب آلامًا حادة لمن يرتبطون بهذا الاقتصاد. لهذا يصرخ الحلفاء قبل الخصوم، ولهذا تخشى الدولة الثرية قبل الفقيرة.

يحاول ترامب وفريقه تحقيق أكبر مكاسب من الخارج. انظر إلى ما يأتي من أخبار حول العالم. 

سيتفق معه الكنديون والمكسيكيون، وكل من يحيطون بالولايات المتحدة تجاريًا، ليس أكثر من ذلك. كذلك سيتفق معه الأوروبيون، لأنهم لا يملكون أكثر من ذلك في الوقت الحالي. 

ربما يكون الفائزون هم الروس، أيضًا بشكل مؤقت. تكاد تكون معظم قراراته بين أمرين: الترشيد في النفقات وزيادة المكاسب. قوة الممانعة الظاهرة حتى الآن هي الصين، التي بادرت بفرض رسوم مقابلة ورفض الرئيس الصيني "شي" الرد على مكالمات الرئيس الأمريكي.

فيما يتعلق بمصر والتهجير، هي نفس السياسة بملابسات أخرى. يريد ترامب ونتنياهو القفز إلى الأمام، الحديث عن أمر مستحيل لكي يكون قابلاً للنقاش، والتغطية على ما قام به الكيان من جرائم الإبادة والاتفاق على شروط جديدة؛ 

  • حدود الرابع من يونيو 1967 لم تعد مقبولة. 
  • الاستيلاء على مزيد من الأراضي واستعادة قوة الردع الإسرائيلية. 

مصر ردت وكأنها لا تقيم وزنًا لكل ذلك. بيانات الخارجية المصرية تقول: "القدس الشريف وحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967". تستمر مصر في إدخال المساكن الجاهزة وباقي المساعدات.

ربما كانت سياسة الصدمة، أو حتى الصدمات التالية، تُرعب في السابق، لكن الآن العالم كله تغير، وهذه التكتيكات من الماضي.

 بيد أن الأمر لا يزال خطيرًا. الثبات والصمود والرد القوي مطلوب. 

كل ما في الأمر أن يقف العرب بجوار مصر لإفشال هذا المخطط الضعيف. 

أكبر نقطة ضعف في هذا المخطط أنه يصطدم بمصر، حتى لو كان هذا الاصطدام خفيفًا.

 

اقرأ أيضا