الدكتورة إلهام يونس تكتب: اللادراما والبحث عن ترند

الثلاثاء 04 مارس 2025 | 02:12 مساءً
الدكتورة إلهام يونس
الدكتورة إلهام يونس
كتب : بلدنا اليوم

تعد الدراما التليفزيونية قوة ثقافية عاكسة وكاشفة لما يحدث في المجتمع وهي قوة لا يستهان بها بسبب انتشارها الواسع وقدرتها الفائقة على الإبهار واستيلائها على أوقات المشاهدين بالإضافة إلى قدرة الرسالة الدرامية على تخطي جميع الحواجز اللغوية والثقافية والسياسية والدينية وغيرها.

ومن المفترض أن تسهم الرسالة الدرامية في البناء القيمي والثقافي للإنسان من خلال مضمون هادف يعكس واقع المشكلات المجتمعية المتنوعة بأسلوب يحترم خصوصية البيت المصري ويقدر عقول المشاهدين.

فلماذا بعدت الدراما عن دورها الرئيس في نشر الثقافة الرفيعة والارتقاء بمستوى الذوق العام وتزويد المشاهدين بالفكر الراقي وبث القيم والسلوكيات الايجابية .

فالأعمال الدرامية التي شاهدتها في بدايات شهر رمضان أحدثت لي حالة من الاستياء لما وصل له مستوى النص المكتوب للعديد من الأعمال وما يحمله من ألفاظ نابية وايحاءات جنسية فجة ومفردات غريبة على مسامع جمهور التليفزيون . بالإضافة إلى الانحلال الأخلاقي الذي بات عاملًا مشتركًا لمعظمها مدعماً بالفجور والدعارة وتجارة المخدرات والبلطجة وتحويل المرأة إلى سلعة وتشويه من مكانتها المرموقة التى تتبوئها حاليًا؛ والتى تعد بعيدة تماماً عن الصورة السلبية التي تعكسها هذه الدراما الهابطة لها، بالإضافة إلى الخيانة وغياب الحياء حتى باتت مسلسلات رمضان أو بعض منها حتى لا أتهم بالمبالغة لا تتناسب أبداً مع روحانيات الشهر الكريم ولا قدسية عباداته لدرجة تعكس للعالم الغربى أن شهر رمضان هو مارثون درامى راقص تزداد فيه جرعة الخروج عن المألوف من اجل البحث عن ترند وتتحول فيه الدراما من وجبة ثقافية عالية القيمة إلى محتوى ردىء صنع بمعزل عن ملوك الشغلانة بما يرسخ صورة ذهنية سلبية تهد كل طقوس وثوابت هذا الشهر المعظم ..

فعلى الرغم من التنوع الهائل الذي تشهده الوجبة الرمضانية هذا العام إلا انها في معظمها تحمل الفاظ متعدية ومشاهد خارجة عن الاداب وتحوي إيحاءات خادشة للحياء وعلاقات غير شرعية ومن المستغرب أن يوظف صناع الدراما هذه التفاصيل بغرض جذب المشاهدين بغض النظر عما يترتب على مشاهدة هذه الدراما من إفساد الصوم وخدش الحياء.

وكأن هؤلاء الصناع وجدوا في تلك الأساليب الرخيصة طريقهم لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة.

وهنا يأتي الدور في الحديث عن هشاشة الرقابة أو عدم وجودها تقريباً. فقد عكست مواقع التواصل الاجتماعى وهى بارومتر المشاهدة والرأى العام حالة من الاستياء وسط أوساط الإعلاميين والمثقفين مما وصل اليه مستوى الحوار في بعض مسلسلات دراما رمضان 2025 والسؤال الذى يطرح نفسه هل يتراجع دور الرقابة لصالح المعلن والموسم الرمضاني ومنتجوا المسلسلات !!!!وسؤال أهم يطرح نفسه أيضًا؛

أين المسئولية الاجتماعية لكتاب وصناع الدراما اللذين هم جزء من هذا الخلل فعندما تقتضي الضرورة الدرامية تقديم نماذج سيئة لكن يتعلم منها المشاهد لا يجب أن تكون ألفاظ أو أفعال فجة بهذا الشكل بل من الممكن أن تكون المعالجة رمزية فقط، هل تناسى صناع الدراما التليفزيونية مسئوليتهم في تسخير الدراما لخدمة المجتمع... وهل تغافلوا مفاهيم الغرس الثقافى والمحاكاة التى تحدثها الدراما فى الشباب والمشاهدين بشكل عام !!!

وهل يتقبل ملوك الدراما ونقادها ما نشاهده عبر الشاشات من ابتذال فج وتنميط سلوكيات أقل ما يقال عنها أنها سلبية .. هل تحول صناع الدراما إلى تجار مشاهد مفككة وزوايا تصوير وأساليب قطع مهترئة.. ام صراخات النجمات فى وجه المشاهد الذى يجلس أمام الشاشة مع أسرته وهو لا يملك أن يكون أكثر من إسفنجة سريعة الامتصاص لما يرى ويسمع ...

وهنا يتبادر في ذهني سؤال آخر هل يعتبر الفنانين أن مؤشر نجاح المسلسل هو الترند!! أو إجتزاء جملة من السياق الدرامي ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لتحقق انتشار سريع ويتداولها الأطفال ورواد السوشيال ميديا في أحاديثهم فمن المؤسف أن بعض الفنانين ينفقوا مبالغ طائلة للوصول للترند من خلال شركات تسويق الكتروني وهمية لبعض المشاهد.

أسئلة كثيرة فرضتها على متابعتي في الأيام الأولى القلائل من هذا الشهر الكريم لبعض الأعمال الدرامية و أتمنى ان استكمل المتابعة لأجد إيجابيات أكتب عنها حتى لا يتهمنى القراء بالهجوم على الدراما ولم يمض أيام على عرضها ... 

اقرأ أيضا