المشهد القضائي في الجمهورية الثانية يشهد مستجدات متواترة لتحقيق العدالة الاجتماعية، عبر تمكين الأكفاء من الحاصلين على إجازة القانون، بالتعيين في الجهات والهيئات القضائية بهدف توسيع دوائر العدالة الاجتماعية، وتحقيق الاستقرار المجتمعي من خلال مبادئ أساسية وشروط عامة مجردة بمعايير تقوم علي الكفاءة العلمية والأهلية التي يحددها القانون ،خالية من التمييز الطبقي والعنصري والحد من الاستحواذ، والإقصاء.
و تجسدت هذه المستجدات في ضوابط وإجراءات أكثر دقة وشفافية، متمثلة في فحص جميع ملفات المرشحين بدون استثناء سواء في الأجهزة الأمنية المختلفة والرقابة الإدارية، وإجراء الاختبار النفسي، ومنع التكرار في التعيين في الجهات والهيئات القضائية لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص تنفيذا لقرارات المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي والتي تدعو إلي التفاؤل في المستقبل القريب أمام الجميع ممن استوفوا كافة الشروط والتحريات الأمنية والرقابية واجتياز الاختبار النفسي للمرشحين من دفعة ٢٠٢٠، وتظلمات ٢٠١٩ بالتعيين في النيابة العامة والمرتقب صدور القرار الجمهوري في يونيو أو يوليو ،بعد أن ينتهي مجلس القضاء الأعلى من القرار المنشئ وإرساله الي رئاسة الجمهورية للتصديق عليه.
وتعد هذه الدفعة محورية لأنها الأخيرة التي تشمل ذكور فقط كما أن الجميع يترقب إنهاء حالة الإقصاء والتمييز لغير أبناء المؤهلات العلمية العليا .
متطلعين من مجلس القضاء الأعلى في أن تشمل هذه الدفعة وما بعدها كافة أبناء المهن، ومن خريجي جميع كليات الحقوق والشريعة والقانون بجميع المحافظات ممن استوفوا كافة الشروط والتحريات الأمنية والرقابية، واجتازوا الامتحان النفسي ، والإختبارات التي أجريت على كافة المرشحين بدون استثناء لتكون نقطة انطلاق للدفعة القادمة ٢٠٢١ والتي سوف تشهد لأول مرة تعيبن الإناث في النيابة العامة من بداية السلم القضائي تنفيذا لتكليفات وقرارات المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي وانفاذا للدستور الذي نص على المساواة بين الجميع دون تمييز ، بهدف توسيع دوائر العدالة الاجتماعية وامتصاص غضب ممن يتم استبعادهم دون مبرر إجرائي وقانوني .
فلا شك أن المستجدات التي وجه بها الرئيس عبدالفتاح السيسي بتطبيقها تفتح باب الأمل أمام الجميع، مما يعيد الجهات والهيئات القضائية إلي مسار التاريخ الحضاري القضاة والقضاء والعودة الي السلف الصالح ، وهو مسار حافل تذخر به الموسوعة التاريخية القضائية، بغض النظر عن بعض الممارسات التي تمت خلال عهود ماضية بمحاولات تعيين دفعات سابقة على درجة مساعد نيابة عامة ، وتوجهات البعض من رموز سابقة بتمكين غير المستحقين من أبناءهم ، واصفين هذه الممارسات بالزحف المقدس . وآخر اعتبرها سنة واجبة "ان ابناؤهم بغض النظر عن تقديرهم فهو من بيئة تختلف عن بيئة باقي الشعب " ، فلا قبول لغير أبناء المؤهلات العليا بالمخالفة للدستور والقانون .
اتخذ البعض في وقت سابق أشكال التمييز النمطية الممنهجة ، بسلوك و فكر عميق بعيد المدى قائم بميزان الكيل بمكيالين في ظاهره شكل قانوني بالرغم أنه يخلو من أي معايير عامة تنطبق على الجميع، دون أي التزام بقوانين أو لوائح تطابق المطلوب مع المستهدف .
لاشك أن هذا النموذج التمكيني قد اختفي مع الجمهورية الجديدة حيث التنازع على المناصب والوظائف ، فكان البعض يكرسون فكرة التمكين والتمييز لصالح فئة معينة على أرض الواقع لتصبح مبدأ بغض النظر عن العدالة والشفافية.
ولكل مسؤول سريرة في قلبه يجب أن تنسجم مع سلوكه وفعله دون شوائب ، حتى لا يقع الضرر وحتى لا يكون هناك خلل في الانتماء بحكم المصالح والمنافع . ومحاولات لتثبيت أفكار هادمة لمستقبل وطموح الشباب وزعزعة استقرار البلاد وشحن الشعب بالحقد والحسد ، مما يهدد العدالة وتعكر صفو الأمة.
فكان لزاما أن يتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته الرئيس الأعلى للجهات والهيئات القضائية، بتوجيه الجهات والهيئات القضائية بوضع ضوابط وإجراءات أكثر دقة، وتحقيق العدالة في الترشيح والاختيار من خلال فحص ملفات المرشحين بالأجهزة الأمنية والرقابية بدون استثناء .
فما تم مؤخرا في التحاق أعضاء جدد بالجهات والهيئات القضائية المختلفة في مجلس الدولة وقضايا الدولة والنيابة الإدارية من دفعات ٢٠١٧،٢٠١٨،٢٠٢٠ بإجراءات وضوابط تدعو إلى الأمل فلا فرق بين نجل خفير وعامل بسيط ووزير ،اختير أبناء الفلاحين والبسطاء والعمال واستبعد أبناء الوزراء ، لتتحقق الجمهورية الثانية في ضبط إجراءات التعيينات بالهيئات القضائية بالرضا العام وفتح باب الأمل أمام الشباب وإتاحة الفرصة للجميع .
تطبيق العدالة الاجتماعية والاقتداء بالسلف الصالح وتوجهات الرئيس عبدالفتاح السيسي لتحقيق الشفافية وتكافؤ الفرص ، وتوازن نفسي بين جميع أبناء الشعب المصري .
واختم مقالي برسالة "علي بن أبي طالب" كرم الله وجهه التي أرسلها إلى الأشتر النخعي والي مصر، حين كانت تابعة لحكمه، وفيها يقول "ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، ولا تحكمه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر في الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تستشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، أوقَفُهُمْ في الشبهات، وآخَذُهم بالحجج، وأقَلُّهم تبرماً بمراجعة الخصوم، وأصبرهم على كشف الأمور، وأصرمهم على اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل، ثم أكثر من تعاهد قضائه، وأفسح له في البذل ما يزيل علته، وتقل معه حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ، ليأمن بذلك اغتيال الرجال عندك..
في هذه الرسالة أيضاً: أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تَظْلِم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته ، وكان لله حرباً، حتى ينزِع أو يتوب. وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله، وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد".