عبدالرحمن دياب يكتب: التضخم بين الفرص والتهديدات

الخميس 06 ابريل 2023 | 12:34 صباحاً
عبد الرحمن دياب خبير الضرائب ودراسات الجدوى
عبد الرحمن دياب خبير الضرائب ودراسات الجدوى
كتب : عبدالرحمن دياب

لقد استطاع مواطني أسيا إدراك أهمية الاستفادة القصوى من كافة حالات الازدهار الاقتصادي أو العكس ذلك أنهم اعتادوا على أن يروا في كل تهديد فرصة وفى كل ازدهار فرصة، ولما كانت جائحة كورونا وما تلاها من تبعات أعادت تشكيل المشهد الاقتصادي بالعالم، كذلك قد استطاعت إظهار قدرات غير محدودة لدى العديد من الدول وكانت كاشفة لقدرات دول أخرى رسم لها طريق الأساطير، وعلى هذا فإن المشهد في العالم لما بعد جائحة كورونا قد اتسم بنجاح كل من قام بانتهاز الفرصة ووثق في قدراته واستعمل إمكانياته وما أتيح إليه من تكنولوجيات في أن يقوم بعرض منتجه وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه.

أنه على مدار التاريخ لم يكن من الثوابت احتكار دول بعينها لصناعات محددة بل تشكل ذلك بعد الحرب العالمية الثانية حيث انتهج الصناع نهج رؤية الفرصة في كل تهديد كما هو الحال الآن، فإن هذه السياسة ليست وليدة اللحظة بل هي سياسة تاريخية لمن أراد أن يعلي شأنه، وقد وقف العالم بعد جائحة كورونا منتظرًا استرجاع الكراسي المفقودة لكل من دول العالم وهي التي كانت أمورها محسومة قبل الأزمة إلا أن الحرب الأوكرانية الروسية قد بددت أحلام كل دول العالم، فها هو الاقتصاد الأمريكي يعانى ويلات الحرب التي لم ولن يطلق فيها رصاصة واحدة ولم يطلق عليه، وها هو الاقتصاد الإفريقي والآسيوي يعانى بفعل قوى التضخم التي أطاحت بنسب النمو المستهدفة لكل دول إفريقيا وأسيا تقريبًا.

ولما كانت مصر لديها من الإمكانيات التي تحتاج فقط إلى الفرصة وها هي الفرصة تدق الأبواب ولعلنا أن نضرب مثلا بأحد البرامج التكنولوجية والمبرمجة بأيادي مصرية خالصة قد حددت قيمته قبل الأزمة بمبلغ مائتي ألف جنيهًا أي ما يعادل إحدى عشر ألف دولار تقريبًا، فلما أصبح هناك من مظاهر التضخم والتعويم للعملات؛ ما استدعى أن قام هؤلاء المطورين بزيادة سعر البرنامج ليصبح بمبلغ مائتي وخمسون ألف جنيهًا أي ما يعادل قرابة الثمانية آلاف دولار، ولما كان هذا التخفيض الواضح في قيمة البرنامج بالدولار مشجعا للعملاء فقد جعل الإقبال على استخدام هذا البرنامج دوليًا وشرق أوسطيا منقطع النظير قياسًا بمبيعاته خلال السنوات الماضية، ذلك أنه إعادة إلى دائرة المنافسة السعرية بخلاف أنه أصبح يبتعد عن أقرب منافسيه بمسافة سعرية تمكن متخذ القرار من الأريحية عند اتخاذ القرار بالتعاقد على شراء البرنامج، وكذلك لم يعد متخوفًا من تجربته فلديه من الضمانات ما يكفيه، علاوة على وجود عملاء آخرين دوليين قد سبقوه بشراء البرنامج وامتدحوا إمكانياته.

وأخيرًا أننا يمكننا تطبيق هذه الحالة على كل ما حولنا من إمكانيات ومنتجات لإحداث فارق في ميزان المدفوعات الذي سيتأثر حتما بزيادة التصدير وخفض الاستيراد فلينظر كل منا حوله ولينظر في أمره بحيث يستطيع أن يدفع نفسه للأمام ووطنه بيده.

أنني لا أتحدث عن شعارات رنانة أو فرص غير مدروسة.. فلننظر جميعا في ما حولنا من فرص تصديرية وكيفية التواصل مع من يحتاج تلك السلعة بالشرق الأوسط أولًا ثم باقي دول العالم.

هي فرصة واضحة لا التباس فيها، فرصة مشتركة للمواطن المصري ومصر.. مشتركة بين أحلامه وبين أهداف الدولة مشتركة بين مستقبل أولاده ومستقبل وطنه.

دمتم في أمان الله

عبدالرحمن دياب

خبير الضرائب ودراسات الجدوى

المدير التنفيذي لمجموعة أجياد للاستشارات المالية