صالح المسعودي يكتب هل أنت حرامي ؟

الجمعة 11 مارس 2022 | 08:56 مساءً
كتب : ديسك مان

قصة قصيرة استوقفتني بعدما نشرها احد أصدقائي على حسابه الخاص في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ومفاد القصة التي يرويها طالب ( سوداني) يدرس في إحدى الدول الأوربية والذي اعتاد أن يشتري ( الكاكاو ) من احد المحلات المجاورة للمكان الذي يقطن فيه وكانت تدير هذا المحل سيدة وكان يشتري عبوة الكاكاو التي تعود عليها بمبلغ 18 سنتاً ولكنه لاحظ في إحدى المرات أن هناك نوع آخر من الكاكاو على ( رف ) آخر ومسعر بمبلغ 20 سنتاً فسأل الطالب السيدة هل هذا نوع آخر من الكاكاو ذو جودة عالية مما استوجب أن يباع بمبلغ أعلا من الأول ؟

قالت السيدة ( لا بل هو بنفس الجودة الموجودة في العبوة الأولى التي تشتري منها ) فيقول لها الطالب إذاً لماذا تبيعينه بسعر مختلف ؟ فتقول السيدة ( لأننا نستورده من نيجيريا وتتوارد الأنباء أن هناك بعض المشكلات التي تواجه هذا البلد الإفريقي مما جعل الكمية الأخيرة التي استوردناها من نيجيريا تأتي بسعر أعلى من سابقه وبالتالي وضعته على رف آخر بسعره الجديد.

فيقول لها الطالب السوداني إذاً سيشتري الناس من العبوات ذات السعر الأدنى حتى تنتهي فتقول له السيدة ( ليس هناك مشكلة على الإطلاق فقد اشتريناه أيضاً بسعر أدنى وأخذنا هامش الربح الذي يناسب تكلفة بيعه للمشتري )

فيختبرها الطالب بقوله ولماذا لا تخلطي البضاعة القديمة مع الجديدة وتبيعيها بنفس السعر الجديد فهذا سوف يزيد مكسبك

فترد عليه السيدة بقولها ( هل أنت حرامي ) ؟

يترك الطالب السوداني هذه السيدة لتكمل بيعها وتجارتها ليجلس شارداً بذهنه في أحوال أمتنا وما نعيشه الآن من جشع وطمع وتنافس التجار على المكاسب وزيادة الربح بكل الطرق الصحيحة والغير صحيحة ( إلا من رحم ربي ).

بالتأكيد أعتذر للقارئ المحترم على طول السرد ولكني لم أقاوم أحداث القصة الحقيقية ولم أجد مفر من كتابتها بعدما لامست واقعنا المرير وهي التي جعلتني أتذكر حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن التاجر الأمين الذي يحشر يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولائك رفيقا ( إن صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وهذا أكبر دليل على أهمية دور التاجر في أي مجتمع فصلاحه مهم جداً لصلاح أي مجتمع فهو من يتعامل في أقوات الناس

وجلست أتساءل هل تخزين البضائع حتى تجف من السوق ويرتفع سعرها ليتضاعف مكسب البعض من الدين والأخلاق والإنسانية في شيء ؟

وهل من يخلط الرديء مع الجيد ليباع بسعر الأخير يستحق منا أن نطلق عليه وصف ( حرامي ) ونبدأ في اجتناب الشراء منه حتى يعود لرشده ؟

أليس من الطبيعي أن يكون للمجتمع دور فاعل من خلال مقاطعة كل من يتعدى حدود الدين والأخلاق في التجارة من خلال الامتناع عن الشراء منه حتى يتعرض لخسارة تعيده لصوابه ؟ أعتقد أننا نقدر على فعل الكثير من خلال توحيد الجهود لان الإصلاح المجتمعي لا يقوم به فرد أو حكومة لمجرد أنها تصدر القوانين فالأمر يحتاج من الجميع الوقوف صفاً واحداً لبناء أوطان عانت الكثير.