حذر خبراء سياسيون في ليبيا من تكرار سيناريو حرب عام 2014 التي أشعلها تنظيم الإخوان في البلاد بعد خسارته الانتخابات التشريعية آنذاك، إذ تتشابه الأحداث الحالية كثيرا بما كان الوضع عليه أبان هذه الحرب.
السلطة الجديدة في ليبيا تواجه مخاطر تسلط الميليشيات المسلحة، التي إعتادت على تمرير مصالحها الخاصة مقابل مصالح الليبيين في ظل الضوء الأخضر الذي منحته لها حكومة الوفاق الوطني السابقة بقيادة فايز السراج.
وفي أثناء محاولات الليبيين تضميد الجراح وتوحيد الصفوف تبقى مشكلة سطوة الميليشيات القوية في المنطقة الغربية من البلاد، ورفضها للقرارات الداعية لحلها وإنضمامها لقيادة الجيش الوطني، وممارساتها الإجرامية بين الآونة والأخرى.
هذا وقد اقتحمت ميليشيات "بركان الغضب" عقب اجتماع لقادتها، مقر المجلس الرئاسي في طرابلس، حيث أظهرت لقطات مصورة لحظة هجوم العناصر المسلحة على مقر اجتماع المجلس الرئاسي، الذي يقع في فندق "كورنثيا" وتطويق محيطه بالكامل بالعشرات من العربات العسكرية المجهزّة وسيارات رباعية الدفع، حيث طالبوا بإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش واللواء حسين العائب، من رئاسة جهاز المخابرات العامة، بعد أقل من يوم من تعيين الرئاسي للأخير.
في هذه الأثناء، أفادت وسائل إعلام أن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قد ينقل مقر عمله إلى مدينة سرت تجنباً لتكرار ما حدث من قبل الميليشيات، مطلع الشهر الجاري من أحداث صدمت الشارع الليبي.
ولعل عدم إمكانية السلطة الجديدة السيطرة على الميليشيات جعلت المنفي يقوم بالتمهيد للإنتقال نحو سرت، حيث أجرى الأخير جولة في سرت قبل ساعات من عيد الفطر المبارك، والتقى قادة ومسؤولي المدينة ووجهاءها وحكماءها ومكوناتها الاجتماعية، وأدى صلاة العيد مع أهالي المدينة وسط ترحيب كبير من قبلهم.
وتختلف هذه الزيارة عن سابقتها حيث تأتي بعد دعوات من نشطاء وإعلاميين وسياسيين للمجلس الرئاسي لمغادرة العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها المليشيات. وفي السياق، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن هناك تزايداً في نشاط المرتزقة المتواجدين على الأراضي الليبية، فضلاً عن رصد تحركات عسكرية جديدة تقوم بها بعض الميليشيات. وأضاف أن ليبيا "لم تشهد أي تراجع في عدد المسلحين الأجانب أو أنشطتهم"، مشيراً إلى أنه "رغم الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف، إلا أن أنشطة الشحن الجوي متواصلة إلى قواعد عسكرية مختلفة".
كما حذر خبراء سياسيون في ليبيا من تكرار سيناريو حرب عام 2014 التي أشعلها تنظيم الإخوان في البلاد بعد خسارته الانتخابات التشريعية آنذاك، إذ تتشابه الأحداث الحالية كثيراً بما كان الوضع عليه أبان هذه الحرب. وتأتي هذه التحذيرات بعد رصد تحركات كثيفة للميليشيات وعودة طائرات الشحن التركية للحط في المطارات الليبية محملة بالسلاح والمرتزقة. حيث حطت طائرة عسكرية تركية في قاعدة الوطية الجوية الأسبوع الماضي، فيما أكدت مصادر ليبية مطلعة، أن الطائرة كانت تنقل شحنات من الأسلحة والمرتزقة السوريين.
من جهة أخرى، نقلت وسائل إعلام ليبية عن مصادر قولها أن المنفي وجه انتقادات لوزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، وطالبها بضرورة عدم التسرع فى اتخاذ القرارات المتعلقة بإعفاء وتعيين موظفين وسفراء فى قنصليات البلاد، إثر حادثة فندق "كورنثيا"، واعتبر أنها ارتكبت مخالفة صريحة بإعفاء 3 سفراء ومندوبين، والإسراع فى تعيين آخرين مكانهم. كما طالبها بالامتناع مستقبلًا عن اتخاذ مثل تلك الإجراءات، إلا إذا كانت وفق القانون والاتفاق السياسى ومنتدى الحوار.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي محمد صالح جبريل اللافي في تصريحات له، أن تواجد المليشيات وسيطرتها على أراضي ليبية دون أن تكون تحت تصرف أو مسؤولية الحكومة خطر كبير على المصالحة الليبية، خاصة أن هناك أطرافا دولية مثل تركيا تحرك هذه الكيانات المسلحة. لذلك لابد من إتخاذ إجراءات جدية للتخلص من هذه المشكلة، وربما يكون نقل السلطة الى سرت بداية للحل المرجو.