تمهيدا لاجتياح بري.. مدرعات إيران والقوات الخاصة تطوق الأكراد

سياسات الأعوام الـ43 الماضية وصلت لطريق مسدود

السبت 26 نوفمبر 2022 | 02:51 صباحاً
إيران تهاجم الأكراد
إيران تهاجم الأكراد
كتب : عاطف صبيح

في خطوة قد تتطور لاجتياح بري وعمليات خاطفة داخل إقليم كردستان العراق، دفعت إيران أمس الجمعة بتعزيزات عسكرية تشمل وحدات مدرعة وقوات خاصة إلى مناطق كردية حدودية، قالت إن الهدف منها "منع تسلل إرهابيين" من شمال العراق.

وبررت طهران تعزيزاتها بأنها "ضرورة ملحة"  لتعزيز الوحدات المتمركزة على الحدود ومنع تسلل الجماعات الإرهابية التابعة للجماعات الانفصالية المتمركزة في إقليم شمال العراق.

ويأتي هذا التصعيد بعد أيام قليلة من هجمات إيرانية صاروخية وبطائرات مسيرة على معاقل جماعات كردية إيرانية معارضة في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي، وهي الاعتداءات التي نددت بها بغداد والأمم المتحدة والولايات المتحدة واعتبرتها انتهاكا للسيادة العراقية.

كما يأتي بعد إعلان الجانب العراقي نشر قوات من حرس الحدود مع كل من تركيا وإيران اللتين تشنان بين وقت وآخر غارات جوية وصاروخية وقصف بالمدفعية على معاقل المتمردين الأكراد (حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا منذ عقود ضد الدولة الكردية وتنظيمات إيرانية كردية معارضة).

ونقلت وكالة أنباء تسنيم عن قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني محمد باكبور قوله إن "بعض الوحدات المدرعة والقوات الخاصة التابعة للقوات البرية تتجه حاليا إلى المحافظات الحدودية في غرب وشمال غرب البلاد"، وفق ما نقلت عنه وأضاف أن "الإجراء الذي تقوم به القوة البرية للحرس الثوري يقوم على تعزيز الوحدات المتمركزة على الحدود ومنع تسلل الجماعات الإرهابية التابعة للجماعات الانفصالية المتمركزة في إقليم شمال العراق".

ويوم الثلاثاء نصح باكبور سكان المناطق الواقعة على مقربة من المناطق المتاخمة لقواعد المجموعات الإرهابية بإخلائها؛ حتى لا يصابوا خلال عمليات الحرس الثوري.

ومن المتوقع أن تنتهج إيران نهج تركيا في مواجهتها مع التنظيمات الكردية الإيرانية بشمال العراق، بحجة حماية أمنها القومي، بهدف لفت الأنظار الدولية عن حملاتها القمعية الواسعة للمحتجين منذ منتصف سبتمبر الماضي.

وأكدت وكالات أنباء حكومية أن المزيد من الوحدات المدرعة والقوات الخاصة التابعة للحرس الثوري في طريقها للمناطق الحدودية في الغرب والشمال الغربي، حيث تقطن الأقلية الكردية، بعد الإعلان عن تعزيزات سابقة يوم الأحد.

وعززت قوات من الحرس الثوري وجودها في مناطق كردية مضطربة ضمن حملة تهدف لاحتواء الاحتجاجات، وأظهر مقطع مصور عشرات الأشخاص وهم يتظاهرون في مناطق لأقلية البلوخ في الجنوب الغربي.

وسرعان ما انتشرت الاحتجاجات، التي أشعلتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر بعد أن احتجزتها شرطة الأخلاق، في أنحاء البلاد إلا أنها أكثر حدة في المناطق التي تسكنها أقليات عرقية أغلبها من السنة.

وتمثل الاضطرابات الحالية أخطر التحديات التي يواجهها الحكام من رجال الدين الشيعة في إيران منذ وصولهم إلى السلطة إثر الثورة الإسلامية في 1979.

ودعا مولوي عبد الحميد، عالم الدين السني البارز المنتمي إلى أقلية البلوخ خلال خطبة الجمعة إلى إنهاء قمع الاحتجاجات والاعتقالات والقتل.

وقال عبر موقعه الإلكتروني على الإنترنت "احتجاجات الشعب تظهر أن سياسات الأعوام الثلاثة والأربعين الماضية وصلت إلى طريق مسدود".

وتتهم إيران الدول الغربية بتأجيج الاضطرابات، كما تتهم المحتجين في مناطق الأقليات العرقية بالعمل نيابة عن جماعات انفصالية.

كما ندد مولوي عبدالحميد في خطبته بما يتردد عن تعرض معتقلات لإساءة معاملة وانتهاكات. وقال "تتردد في وسائل الإعلام أمور مروعة عن إساءة معاملة نساء، لا يسعني تكرارها"، في إشارة على ما يبدو إلى تقارير تتحدث عن اغتصاب معتقلات.

وأظهرت لقطات نشرتها حسابات لنشطاء وجماعات حقوقية على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات خرجت أمس الجمعة في عدة مدن من إقليم سيستان وبلوخستان بالقرب من الحدود مع باكستان وأفغانستان.

وبدت مجموعة تضم عشرات الرجال في المقاطع وهم يسيرون في زاهدان عاصمة الإقليم، ويرددون شعارات ضد الزعيم الأعلى الإيراني وقوات الباسيج والحرس الثوري، ويهتفون "الأكراد والبلوخ إخوة".

ويظهر مقطع آخر متظاهرين في زاهدان يحملون متظاهرا مصابا، بينما أفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) بخروج احتجاجات في خاش وسرافان في سيستان وبلوخستان.

وطالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي صوت أول أمس الخميس لبدء تحقيق في حملة القمع في إيران، السلطات بوقف العنف.

ويأتي التصعيد الإيراني ضد الأكراد على مسارين: داخلي يستهدف إخماد احتجاجات الأقلية الكردية وخارجي يستهدف الضعاف تنظيمات كردية إيرانية في كردستان العراق.

ودفعت الهجمات الإيرانية والتركية على معاقل المتمردين الأكراد من الجانبين في كردستان العراق، الحكومة العراقية "لوضع خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا" مشيرة إلى أن مجلس الأمن القومي قرر التنسيق مع حكومة أربيل ووزارة البشمركة (قوات عسكرية خاصة بإقليم كردستان) من أجل توحيد الجهد الوطني لحماية حدود البلاد.

ويعتقد خبراء أن وجود القوات المسلحة العراقية على الحدود سيزيل الذريعة التي تستخدمها طهران لقصف شمال العراق، لكن نشر القوات على المعابر الحدودية في إقليم كردستان لن يردع إيران التي ظهرت أشد إصرارا على حل "مشاكلها الأمنية" داخل الحدود العراقية، مستفيدة من صلابة الموقف التركي الذي استطاع جعل قوى غربية تتغاضى عن العمليات العسكرية التركية المستمرة ضد الأكراد في شمالي سوريا والعراق.

وبررت إيران قصفها لجماعات كردية إيرانية معارضة في كردستان العراق في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي بعدم وجود "خيار آخر" لديها لحماية أمنها من "الجماعات الإرهابية"، مشيرة إلى "تكثيف هذه الجماعات مؤخرا من أنشطتها ونقلها بشكل غير قانوني كميات كبيرة من الأسلحة إلى جماعات تابعة لها تنوي القيام بعمليات إرهابية".

واتهمت طهران التنظيمات الكردية الإيرانية مرارا بلعب دور تخريبي في الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ 16 سبتمبر/أيلول الماضي التي خرجت للتنديد بوفاة مهسا أميني بعد احتجازها من قبل شرطة الأخلاق وتحولت لاحقا إلى مظاهرات تنادي برحيل النظام الديني. 

اقرأ أيضا