كتب: صالح المسعودي
اسمح لي عزيزي القارئ وقبل أن نبحر سويا في عقلية الفارس وصفاته، وقبل أن نغوص في مواصفات تلك العقلية النبيلة التي يتحلى بها الفارس لابد أن نوضح
أولاً أن هناك فارق كبير كما أسلفنا من قبل بين كلمة ( رجل ) بمعناها وكلمة ( ذكر) ومفهومها، ومن المؤكد أن كل رجل هو ذكر بطبيعة الخلق، ولكن وللأسف ليس كل ذكر مستحقا للقب رجل بمعناها ومفهومها.
فكثيرا هم من يحملون علامات الذكورة ولكن للأسف الشديد لا ينتمون لفصيلة الرجال، فعندما قال رب العزة ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) أورده هنا كنوع فقط بطبيعة الفطرة والخلقة وما عليه من مسؤوليات غالبة على النوع أما عندما تكلم ـ سبحانه ـ عن الرجولة ومسؤولياتها فقد قال سبحانه ( الرجال قوامون على النساء ) وجعلها بشروط وواجبات هامة على الرجال منها الإنفاق وهنا لم يورد ـ سبحانه ـ قول الذكور قوامون بل الرجال.
أقول كل ما سبق لأنني أريد أن أوضح صفة هامة من صفات الرجال وقليل منهم من يتحلى بها الآ وهي صفة الفروسية بكل ما تعني كلمة الفارس فالفروسية لا ترتبط فقط بمن يقتني ( الخيل ) ويمتطيها شاهرا سيفه بل هي صفات قلما وجدت في فصيلة الرجال
فالفارس هو ذاك الشخص الشجاع المقدام الذي لا يخشى في الله وقول الحق لومة لائم مهما كلفه ذلك في سبيل إحقاق الحق ودحر الباطل فهو لا يرتضي الخنوع والفارس هو ذاك الكريم الذي لا يصطنع الكرم تكلفا بل هو من ضمن موروثاته.
والفارس أيضا هو ذاك المعين لخصمه وقت سقوطه، فليس من أخلاقيات الفارس أن ينقض على خصمه حال سقوطه أو رفعه راية التسليم والفارس كذلك هو ذاك النبيل الذي لا يرتضي أن يكون سباباً أو لعاناً أو مغتاباً أو حقوداً بل هو المترفع عن الصغائر المعين على النوائب والفارس أيضا هو من يقدم على عمل ما عليه من واجبات مسارعاً في الخيرات دون النظر لما له من حقوق قد لا يقتضي الوقت اكتسابها.
اعلم جيدا عزيزي القارئ المحترم أن هذا اللقب وهو الفارس قد لا تكفيه سطور بسيطة أو مقال عابر ولكنني احلم كما تحلم أن يكون هناك الكثير من الفرسان وخاصة على مستوى العمل القيادي في مصر لأنها تمر بمرحلة فارقة في حياتها، كما أنني أتمنى أيضا أن يتحلى أبناء هذا الوطن الغالي بتلك العقلية حتى يكون بمقدورهم النهوض بوطنهم بعد عثرته وكبوته
عزيزي القارئ كم نحن جميعا في حاجة ماسة لعقلية الفارس النبيل الذي يغلب مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية فقد مرت مصر بمراحل عصيبة وآن الأوان أن نرد لها جزء من فضلها علينا فهل نتحلى بعقلية الفرسان معها.