كتب: صالح السعودي
يا ولدي ( ما يعرف قيمة الناس غير ابن الناس ) كلمات بسيطة في نطقها ولكنها عظيمة في معناها ، تلك كانت وصية والدي لي في بداية حياتي وهو يوصيني بأهمية احترام الناس وتقديرهم ، كانت تلك الكلمات دائماً نصب عيني عندما أوقر كبيراً أو أتعامل بلطف حتى مع من يتعمد الخطأ في حقي ، دائماً ما يكون يقيني أن هذا المسكين الذي يجوب الشوارع والطرقات ربما يكون أفضل مني إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ، دائماً ما التمس الأعذار للناس في تأخيرهم أو في إهمالهم لي أو حتى في تعاملهم بأنفة وغضب دائما تحدثني نفسي بأنه من الممكن أن يكون عند الغير ظروف خاصة أغضبتهم فلا يخلو بيت من هموم.
أعتذر لك يا عزيزي القارئ على طول تلك المقدمة ولكنها مرت أمامي مرور السحاب المطير وأنا استمع لصديقي وهو يصف احد الأشخاص بأنه ابن ناس ويكمل بقوله ( راجل محترم ) صحيح ابن ناس ( متربي على الطبلية ) فعلا ابن ناس يقدر الكبير ويحترم كبار السن ويرحم الصغير مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن صح عنه ) لا تزال أمتي بخير ما دام كبيرها يرحم صغيرها ، وصغيرها يوقر كبيرها ) ، كنت استمع لوصف صديقي وأنا اردد في نفسي ( الحمد لله ما تزال الدنيا بخير).
الدنيا بخير طالما كَثُرَ فيها أولاد الناس الذين تربوا على القيم والمبادئ التي توارثناها كابر عن كابر إلى أن نصل إلى عهد رسولنا الكريم الذي قال عنه المولى عز وجل ( وإنك لعلى خلقٍ عظيم ) وقال هو عن نفسه ( إنما بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ) قوله ( إن صح عنه ) ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم خلقا ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فحسن الخلق أمر محمود ولكنه ليس بالأمر الفطري فقط بل هو أيضاً نتاج حسن التربية وأكل الحلال ، فحسن التربية له فوائد كثيرة ليس للولد فقط بل يمتد للوالد والأحفاد فإن أحسنت تربية ابنك وحَسُن خلقه كان لك خير خلف وهو من ينطبق عليه قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( أو ولد صالح يدعو له ) ، كما تعجبني كلمات عامية للبعض قولهم ( اجعل من يراك يدعو للذي رباك ) ، فحسن الخلق هنا عليه العامل الأكبر من حيث تسمية المحترم والمهذب ( بابن الناس )
أما امتداد مكاسب حسن الخلق عند الأحفاد فلابد أن نربط بين حسن الخلق والصلاح في الشخص فهل شاهدت إنسان حسن الخلق شريراً أو قاتلاً أو ما إلى ذلك من الأوصاف الرديئة ؟ بالطبع لا فحسن الخلق مرتبط بالصلاح والتقوى إلى حدٍ كبير ولهذا يقول القائل ( التقوى تنفع الذرية ) يسبقها قول الله في ( سورة الكهف ) ( وكان أبوهما صالحا ) فامتداد حسن الخلق الراجع لحسن التربية في المقام الأول يستمر مع الذرية للأحفاد وأحفاد الأحفاد.
فما أحوجنا لان ننتبه لتربية صغارنا على حسن الخلق ليس فقط ليقال فلان ( ابن ناس) ولكن أيضاً لنجد من يدعو لنا إذا انقطعت أعمالنا مصداقاً لحديث رسولنا الكريم سالف الذكر ، فهذا الصلاح وهذا الحسن في الخلق يكون سبب أساسي في عمار البيوت المحترمة وتقوية الروابط الأسرية لما فيها من احترام الكبير ورحمة للصغير ولا ننسى أن هذا الأمر سوف تكون نتائجه دائماً متواصلة حيث أنها مرتبطة بالقول المعروف ( كما تدين تدان ) نسأل الله أن يعيننا ويعينكم على تنشئة أبناءنا على مكارم الأخلاق ليكونوا خير خلف لخير سلف اللهم آمين .. دمتم بخير.