قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال احدي الندوات بمنتدي شباب العالم في نسخته الثانية بشرم الشيخ إن القيم الإنسانية والأخلاقية تُهدر نتيجة حالة الفوضى التي تتسبب فيها النزاعات والصراعات، متسائلا: «مين يرجع القيم اللي بتهدر نتيجة البقاء في معسكرات اللاجئين 10 سنين؟». فكانت كلمات صدق تميز به القائد الانسان
وعلي ذلك فان كنت ممن يعتقد ويؤكد ان يناير ٢٠١١ ثورة بكل المقاييس او كنت ممن يعتبرها ثورة خطفت من شرار الناس او ممن يؤكد انها كانت مؤامرة أحكمها شرار علي وطن عزيز - فلا بأس ولاعجب فلاذالت ثورة يونيو ١٩٥٢ عند البعض ثورة علي الفساد والاستبداد وعند البعض حركة لمجموعة الضباط وعند البعض الاخر انقلاب لذات المجموعة لأسباب واهداف مختلفة ؛ بل لازالت الثورة العرابية محلا لاختلاف وجهات النظر ؛ وغيرها من الأحداث الكبري التي شهدتها مصر بل والعالم اجمع .
وعلي الرغم من اختلاف الرؤي والمعاني الا ان اجماعا علي التأثير السلبي لهذة الأحداث علي الأخلاق ومنظومة القيم لدي المجتمعات .
فيكاد يصل الاتفاق الي اجماع لدي الكتاب والفلاسفة والموؤرخين للثورات الكبري التي شهدها العالم من الثورة الفرنسية والأمريكية وحتي البولشيفية ؛ وغيرها من الأحداث والحركات الكبري التي غيرت وجهه العالم .
فالأخلاق ومنظومة القيم تتأثر سلبا بشيوع الاضطراب وتجرؤ الناس علي القانون وهيبة الدولة والإجهاز التام علي ما يعرف بمفهوم الضبط العام والذي يعد الخيط الرفيع الذي تتعهد الدولة ( اي دوله ) وفقا لتعريفاتها المتفق عليه لدي اساتذة العلوم السياسية ؛ بالحفاظ علية ودعمة بألياتها واجهزتها لتكفل لمواطنيها بالتمتع بحقوقهم وحرياتهم دون افراط ولا تفريط .
وعلي ماتقدم فأن عجز الدول بفعل هذة الأحداث ( الثورات ) من الحفاظ علي هذا الخيط الرفيع فتنهار المجتمعات وتنحدر الأخلاق وتشيع الجريمة بمختلف اشكالها وتعد وفقا للتعريفات الحديثة ( دولة فاشلة ) .
فالدولة الواعية الحريصة علي اقامة دعامة الاستقرار والنمو لمجتمعها وفقا للعقد الاجتماعي المخول لها بات من اهم واجباتها دعم اجهزتها المختلفة المنوط لها حماية مفهوم الضبط العام والمتضمن لعناصر ثلاث هي ( النظام العام والسكينة العامة والآداب العامة )
من هذا المطلق فتحرص الدول ان تنفذ من البرامج ما يمكنها من الحفاظ علي هذة المجتمعات بدعم اجهزتها المعنية بالحفاظ علي الذوق العام والثقافة العامة ودعم مؤسساتها الدينية لنشر صحيح الدين ( اي دين ) واشاعة روح التسامح والتعاون والعمل ودحض الافكار المتطرفة والحرص علي مكارم الأخلاق والتحلي بالفضيلة وغيرها من الأخلاق والمثل الفضيلة ليهنئ مجتمعها بالاخلاق الحميدة ويصبح هذا المجتمع درعها الحامي من الاٍرهاب والتطرف مع اجهزتها ورجالها العاملين ليل نهار علي الحفاظ علي آمنة واستقرارة.
ولم يكن اصرار الدولة علي اقامة منتدي شباب العالم تحت رعاية وإشراف السيد رئيس الجمهورية شخصيا الا في إطار رؤية سيادتة الثاقبة الحكيمة وخطة الدولة الواعية لاستدراك دورها ووظيفتها الاساسية للحفاظ علي الضبط العام من خلال ندوات وورش عمل ومناقشات تضمنت جميع مناحي الحياة وطرحت رؤي الدولة الحديثة الفتية التي تتخذ من الحوار منهج وطريق لا اقامة الحجة والدليل علي منهجها وسياستها المنفذة لإثراء البشرية ( فلم يكن طرح السيد رئيس الجمهورية لاعتبار مكافحة الاٍرهاب مكملا للحق في الحياة ) كأضافة للإعلان العالمي لحقوق الانسان الا خطوة صحيحة في هذا الاتجاة ...
كما كان حرص ادارة المنتدي الذي شرف برعاية فخامة الرئيس علي ان يتخلل المنتدي افتتاح النصب التذكاري لشهداء وضحايا الاٍرهاب حول العالم .. وإقامة مسرح السلام لشباب العالم رسالة شديدة الوضوح بأن حرص مصر الحضارة والتاريخ علي تذكر شهدائها وضحايا الاٍرهاب لايمنعها من اهتمامها بحاضرها ومستقبلها المشرق بحضارتها وتاريخها ؛
وعلي هدي كلمات السيد رئيس الجمهورية المعبرة فلن يتحقق ذلك الا بالكد والعمل المخلص الدوؤب المتسلح بالعلم والارادة فعلي من يتحمل مسئولية تجديد الخطاب الديني ان يسعي جاهدا لاتخاذ خطوات جادة للتنفيذ وعلي كتاب وأدباء مصر ومثقفيها قوتها الناعمة الفتية بالحرص كل الحرص علي نشر وعي عام منضبط يتخذ من مكارم الأخلاق سبيلا وعلي كل الفاعلين بمجتمعها المدني ان يعملوا لهذة الغاية والنبيلة بإعادة المجتمع الي جادة الصواب ونشر القيم والاخلاق الحميدة التي تأثرت ولاشك بفعل الثورات وما صاحبها من احداث .
الكاتب: استاذ مساعد حقوق الانسان بجامعة المستقبلوالعلوم الجنائية بأكاديمية الشرطة