بعد إنتشار شائعة تغيير أسم مدينة سانت كاترين التي إجتاحت السوشيال ميديا , إتضح أن أغلب المصريين لا يعرفون عن سانت كاترين سوا أنها منطقة سياحية يقع بها دير سانت كاترين فقط ، متجاهلين تماما القيمة التاريخية للمنطقة وما بها من أديرة و مستعمرات رهبنة سابقة للتاريخ تمثل فاصلا تاريخيا في تاريخ مصر و الكنيسة .
كانت تسمى شبه جزيرة سيناء قديما بجزيرة الطور نسبة الى جبل الطور الذي ذكر في القرأن الكريم ثم تغير الاسم بعدها الى جنوب سيناء .
و كانت تقسم جنوب سيناء قديما الى 3 مناطق بلاد الطور في الجنوب ، و بلاد التيه في الوسط ،و بلاد العريش في الشمال وذكر هذا التقسيم في موسوعة " سيناء قديما وحديثا " لنعوم بك شقير.
وفي مدينة التيه التي يرجع تسميتها الى التيه الذي فرضه الله على قوم موسى مما جعلهم يختلفون في طريقهم الى القدس فأتخذ موسى و بعض من رفاقه طريقهم الى القدس ووصلوا في بضع ايام و المجموعة أخرى ظلت تائه لمدة 40 عاما في بلاد التييه كما ذكر في التوارة ، و بها تقع مدينة سانت كاترين التاريخية التي تمثل قبلة لأصحاب الاديان السماوية الثلاثة " اليهودية – المسيحية – الاسلام "
ويوجد بمدينه سانت كاترين عدة مناطق مقدسة تخص أصحاب الديانات الابراهيمية و ليس دير سانت كاترين فقط منها :-
دير سانت كاترين.
يقع دير طور سيناء أو دير القديسة كاترين الأرثوذكسي عند قدم جبل حوريب، المذكور في العهد القديم، حيث حصل موسى على لوح الوصايا وهو الموقع الذي يقدسه المسلمون أيضاً ويدعونه جبل موسى. والمنطقة مقدّسة للديانات السماويّة الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام.
ويقع تحديدا أسفل جبل كاترين أعلى الجبال في مصر، بالقرب من جبل موسى، ويقال عنه أنه أقدم دير في العالم، يعد مزارا سياحيا كبيرا، حيث تقصده أفواج سياحية من جميع بقاع العالم، وهو معتزل، يديره رئيس الدير وهو أسقف سيناء، والذي لا يخضع لسلطة أية بطريرك أو مجمع مقدس ولكن تربطه علاقات وطيدة مع بطريرك القدس لذلك فإن اسم بطريرك القدس يذكر في القداسات، وأسقف سيناء يدير إلى جانب الدير الكنائس والمزارات المقدسة الموجودة في جنوب سيناء في منطقة الطور وواحة فيران وطرفة.
شجرة العليقة
شجرة العليقة، تقع داخل الدير فى نفس الموقع الذى كلم فيه موسى عليه السلام ربه فى وادي طوى كما جاءت ذكر القصة فى القرآن الكريم ،وهي الشجرة الوحيدة من نوعها التي تنبت في سيناء فقط و يقال أنه الشجرة التي أضاءت نار لسيدنا موسى ليستدل بها .
جبل موسى.
ويصل ارتفاعه إلى حوالى 2439 متر اى حوالى 7363 قدم عن مستوى سطح البحر من أهم المزارات الدينية التى توجد فى جنوب سيناء، و يعتبر من أشهر جبال سيناء إذ يزوره الآلاف من السياح، فالناظر من أعلي الجبل يتمكن من رؤية مشاهد جميلة لسلسلة الجبال المحيطة خصوصا في فترتي شروق وغروب الشمس، ويقع قرب جبل كاترين، والذي يوجد به دير سانت كاترين، ويحيط بالجبل مجموعة من قمم جبال جنوب سيناء وجبل موسى يقال بأنه الجبل الذى كلم الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى عليه السلام من عليه هذا إلى جانب أن هذا الجبل يتقدمه منطقة أو وادى كبير يقع بداخلة دير سانت كاترين وهذا الوادى يعرف باسم الوادى المقدس والذى يذكر عنه أيضا بأنه المكان الذي ورد عليه سيدنا موسى ورؤيته للنار ثم بعد ذلك قصه المناجاة.
وعملية الصعود إلى قمة هذا الجبل تحتاج إلى أكثر من ساعتين تقريبا وتتم عملية الصعود من خلال طريقين رئيسيين وهما "طريق الرهبان"، وهو الطريق القديم للصعود لقمة جبل موسى ويقع خلف السور الجنوبى للدير وقد قام رهبان دير كاترين بعمل هذا الطريق من درجات السلم الحجرية والتى يذكر أنها تصل إلى حوالى أكثر من 3500- 3700درجة وهذا الطريق أكثر صعوبة فى الصعود ولكنه اكثر سهولة فى النزول من على قمة الجبل ويمر هذا الطريق بكنيسة العذراء ثم قناطر اسطفانوس التى كان يجلس عندها قديما أحد الرهبان لتلقى الاعتراف من الزوار والدعاء لهم بالتوبة، وطريق عباس باشا ويسمى "طريق الجمال"، وكان قد أمر بتمهيده الخديوى عباس حلمى الأول فى القرن التاسع عشر الميلادى ويعرف باسم طريق عباس ولكن التسمية الأكثر شيوعا هى طريق الجمال حيث يستطيع الفرد أن يستقل أحد الجمال لكى تساعده فى الوصول إلى قمة جبل موسى .
ويبدأ طريق عباس أو طريق الجمال من جانب السور الشرقى لدير كاترين ويسير لولبيا بارتفاع حتى يصل إلى منطقة فرش النبى ايليا ومنها إلى قمة جبل موسى (وللوصول إلى قمة جبل موسى)، وبعد أن نترك منطقة فرش ايليا نصل إلى درجات سلم حجرية تؤدى مباشرة إلى قمة جبل موسى وعدد درجات السلم هذه يصل إلى أكثر من 750درجة.
المسجد العَمْريِّ.
مسجد الدير وهو من قام أحد حكام مصر في العصر الفاطمي ببنائه داخل الدير حتى يحمي الدير من الهجمات التي كان يتعرض لها الدير من وقت لآخر، ولكن بعض المؤرخين أشاروا الى أن بناء المسجد جاء كفرض لسيطرة الاسلام على المنطقة كما قام نابليون بونابرت أثناء الحملة الفرنسية على مصر بتقوية السور –الذي يبلغ ارتفاعه من 40-200 قدم – وتعليته، والمسجد يقع بجوار الكاتدرائية بالقرب من برج كنيستها من الجهة الغربية البحرية على مسافة تقرب من ثلاثة الأمتار، كما تعلو أرضه عن أرض الكنيسة بنحو خمسة عشر متراً، ويعرف في أوراق الدير بالمسجد العَمْريِّ.
كنيسة العليقة .
تقع خلف كنيسة الدير الرئيسية
مقام النبى هارون
وهو مقام فوق الجبل يعتقد أنه لسيدنا هارون ، ولكن المؤرخين ذكروا أنه المكان الذي تم فيه صناعة العجل الذهبي الذي عبده قوم موسى ، ويقول المؤرخ نعوم بك شقير في موسوعة تاريخ سيناء القديم و الحديث أن العربان وسكان المنطقة كانوا يحتفلون سنويا بمقام هارون ويصعدون الى أعلى جبل موسى و الى المقام و يقومون بذبح الاضاحي و سلخها ثم يهبطون الى الوادي حيث ينصبون الخيامويقومون بطهي الاضاحي و أستمرت هذه العادة حتى وقت قريب .
الأبار
مثل "بئر موسى" و"بئر اسطفانوس”.
الكنيسة الكبرى كنيسة التجلي
وهى أقدم الآثار المسيحية وترجع إلى عهد الإمبراطور جيستيان فى القرن السادس الميلادى وقد صممت على شكل البازيليكا الرومانية الذى كان شائعا وقت بنائها عام 527م، وتقع فى الجزء الشمالى من الدير وتسمى أحيانا الكنيسة الكبرى أو الكاتدرائية، وقد عرفت باسم كنيسة التجلى، وبداخل الكنيسة صفان من الأعمدة، وهى 12 عموداً تمثل شهور السنة، وعلى كل جانب يوجد 4 هياكل يحمل كل منها اسم أحد القديسين ، يوجد التابوت الذى وضعت داخله بقايا جثة القديسة كاترين داخل صندوقين من الفضة فى أحدهما جمجمة القديسة وفوق الصندوق تاج من الذهب المرصع بالأحجار الكريمة ويحتوى الآخر على يدها اليسرى، وقد حليت بالخواتم الذهبية والفصوص الثمينة وتتدلى الثريات الثمينة حتى تبدو الكنيسة أشبه بمتحف للفنون أما أقدس مكان فى الكنيسة فيقع خلفها ويمكن الوصول إليه من الجانبين وهو هيكل الشجرة، أى المكان الذى يعتقد أن موسى وقف فيه عندما تجلى الله له وخاطبه.
كنيسة الموتى
وهى حجرة لحفظ جماجم الموتى وفيها رصت الجماجم فوق بعضها و توجد 6 مقابر فقط بالدير خاصة بالرهبان والمطارنة.
جبل البنات
وهو جبل عظيم تجاه سريال ويفصل بينهما وادى فيران و قد كثرت الروايات فى هذه التسمية و لكن أشهرها رواية تقول أن بعض بنات البادية فررن من أهلهن للتخلص من الزواج بمن لم يحببن ولجأن إلى هذا الجبل فطاردوهن إليه فإذا بهن يعقدهن ضفائرهن بعضها لبعض و رمين أنفسهن إلى الوادى وذهبن شهيدات للحرية.
المكتبة من معالم دير سانت كاترين الثقافية والتنويرية المهمة، ويرجع الكثير من شهرة دير سانت كاترين إلى مكتبته الغنية بالمخطوطات وتقع فى الطبقة الثالثة من بناء قديم جنوب الكنيسة الكبرى، وتضم المكتبة إلى جانب المخطوطات النادرة عدداً من الوثائق والفرمانات التى أعطاها الخلفاء والحكام للدير.
جبل المناجاة
وهو الجبل الذي ناجى موسى ربه من أعلاه لذا سمي بجبل المناجاة .
مكتبة دير سانت كاترين.
مكتبه قيمة في دير سانت كاترين في سيناء، مصر. يرجع تاريخ المكتبة للقرن السادس، وتضم مجموعة مهمة وفريدة من الوثائق والمستندات الدينية والتاريخية بالاضافة الى 6000 مخطوطة نادرة .
المكتبة بها نسخ الكتاب المقدس، لكن سرقت ونقلت لروسيا القيصرية وبيعت للمتحف البريطاني في لندن.
بين سنة 1949 و 1950 صورت بعثة مصرية-أمريكية محتويات المكتبة على ميكروفيلم ووضعت نسخ منها في جامعة الإسكندرية، ونشرت أبحاث وفهارس مهمه عن طريق العلماء والباحثين.
تاريخ نشأة دير سانت كاترين
يؤكد الباحث التاريخي ماركو الامين أن منطقة سانت كاترين كانت عبارة عن مستعمرات رهبانية كثيرة جدا خاصة من القرن الرابع الميلادي , مشيرا الى ان هناك دير اثري عتيق يقع بالقرب من دير سانت كاترين يسمى دير " حنا الدرجي " ولكنه غير مسكون الان و متبقي منه بعض الأطلال ، لكن الدير الوحيد الذي أستمر حتى الآن نظرا لطبيعته الخاصة وأنه كان يتلقى مساعدات من مصر و بره مصر هو دير سانت كاترين .
وأوضح ماركو أن اختيار الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول هذا المكان تحديدا لبناء الدير نظرا لأن المكان كان بمثابة تجمع للرهبان الخلقدونيين المؤمنين بمجمع خلقيدونية وهو نفس المذهب الذي كان يتبعه الامبراطور حين ذاك فأمر ببناء الدير في (527-565 م) في 548-565 ميلادي لنصرة الجانب الخلقدوني،وأمده جوستنيان بمئة من الرومان ومئة من المصريين بنسائهم وأولادهم ليقيموا حول الدير، يحمونه من عدوان من حلوهم، ليخدموا الرهبان فيه، وقد تناسل هؤلاء و تكاثروا، واخضعتهم الصحراء لبدواتها وعروبتها وإسلامها، فتبدَّوا وتعرَّبوا وأسلموا، ولا يزال نسلهم حول الدير إلى الآن، يختلط فيهم أثر الرومان بأثر «العربان».
مضيفا أن المنطقة كانت عبارة عن أبراج أقامها الرهبان لحماية أنفسهم من غارات العربان الذين سكنوا سيناء، فقام الرهبان بأرسالة طلبات استغاثة للامبراطور لنجدتهم خاصة انها تقع بالقرب من الطريق الذي يربط الشام ومصر مما يجعلهم عرضى للصوص وقطاع الطرق ، وهو ما دفع الرهبان الى التجمع و الذهاب الى القسطنطينية وهو ما ذكرته إحدى الوثائق التاريخية التي أثبتت المراسلات بين الرهبان و جستنيان ، وتم على اثر ذلك بناء الدير على هيئة حصن يلجأ إليه الرهبان في حالة الاغارة عليهم من البدو .
وأستكمل ماركو حديثه قائلا " في القرن السابع الميلادي لجأ الرهبان الساكنين في المغارات و الكهوف الى الدير للحماية به ولم يخرجوا منه ابدا و من هنا بدأت الحياة داخل الدير الذي يشبه القلعة الحصينة وهو الشكل الذي عليه حاليا .
و أطلق على الدير عدة أسماء منها دير برية سيناء ودير سيناء ودير برية فرعون ، واسمه الفعلي هو "دير الله المقدس جبل سيناء"، ولكن في القرن التاسع الميلادي أطلق عليه دير سانت كاترين بعدما تم نقل رفات القديسة كاترين إليه ، بعد أن رأى راهب في حلمه جماعة من الملائكة يحملون جثمانها ويطيرون به ويضعونه على قمة جبل في سيناء، فانطلق الراهب إلى قمة الجبل، فوجد الجثمان كما نظره في الرؤيا،وكان عبارة عن جمجمة وبعض عظام اليد ، فحمله إلى كنيسة موسى النبي، ثم نُقل الجثمان بعد ذلك إلى كنيسة التجلي في الدير الذي بناه الإمبراطور جستنيان في القرن السادس الميلادي. وعُرف الدير باسم دير سانت كاترين، وأُطلِق الاسم على المدينة كلها.