في وقتٍ يلتزم فيه العالم بالصمت تجاه المجازر المرتكبة في غزة، خرجت المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد من قلب شركة مايكروسوفت، لتكشف بالصوت والصورة كيف يتم تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة آلة القتل الإسرائيلية. شجاعة نادرة جعلت منها أيقونة للنضال الرقمي، ومصدر إلهام لكل من يرى في التكنولوجيا وسيلة لتحقيق العدالة، لا وسيلة للدمار.
من هي ابتهال أبو السعد؟
وُلدت ابتهال أبو السعد في المغرب، وتخرجت في ثانوية مولاي يوسف عام 2017.
حصلت على منحة دراسية كاملة من جامعة هارفرد الأمريكية، حيث درست تخصصًا مزدوجًا في علوم الحاسب وعلم النفس.
منذ سنواتها الأولى في الجامعة، أظهرت اهتمامًا بالقضايا الإنسانية، فعملت ضمن فريق لتطوير موقع إلكتروني للاجئين يحتفظ بسجلاتهم الطبية ليسهل الوصول إليها عالميًا.
حصلت في 2016 على منحة من وزارة الخارجية الأمريكية للمشاركة في برنامج TechGirls الموجه لفتيات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المهتمات بالتكنولوجيا.
ساهمت في نشر الوعي الرقمي وتعليم البرمجة للنساء، وشاركت في تأسيس معسكر IT-Weekend لتدريس علوم الحاسوب لفتيات من ذوي الدخل المحدود في المغرب.
حصدت الجائزة الثانية في مسابقة @TAG العالمية، عن مشروع يهدف إلى حل قضايا المجتمع عبر تطبيقات الهواتف المحمولة.
شاركت في تأسيس وتطوير منظمة Recentibus غير الربحية، والتي تعمل على الاحتفاظ بالسجلات الطبية الرقمية للاجئين حول العالم.
انضمت إلى شركة مايكروسوفت منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، حيث شغلت منصب مهندسة برمجيات ضمن فريق الذكاء الاصطناعي.
في البداية، كانت تؤمن بأن بإمكان التكنولوجيا أن تُحدث تغييرًا إيجابيًا في العالم، لكنها صُدمت عندما علمت بأن جهودها تُستخدم لأغراض عسكرية، وتحديدًا لدعم الجيش الإسرائيلي في عملياته القمعية ضد المدنيين الفلسطينيين.
صرّحت قائلة: «لو كنت أعلم أن عملي سيساعد في التجسس على الصحفيين والأطباء واستهداف الفلسطينيين، لما التحقت بهذه المنظمة».
خلال مؤتمر رسمي لمايكروسوفت، اقتحمت ابتهال القاعة، ووجّهت كلمات نارية إلى مصطفى سليمان، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي بالشركة، وقالت:
«عارٌ عليك، أنت مستفيد من الحرب. توقف عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية. يداك ملطخة بالدماء».
تابعت قائلة: «كيف تجرؤون على الاحتفال بينما تقوم مايكروسوفت بقتل الأطفال؟»، وسط ذهول الحضور وعدسات الإعلام.
لم يكن صوت ابتهال في المؤتمر مجرد لحظة عابرة، بل جزء من حملة متكاملة تقودها داخل الشركة، حيث نظّمت مظاهرة شارك فيها أكثر من 30 موظفًا خارج المقر الرئيسي لمايكروسوفت.
أطلقت عريضة داخلية تطالب بقطع التعاون التكنولوجي مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن «الصمت تواطؤ».
عبّرت عن قناعتها بأن لكل فعل أثر، حتى وإن بدا صغيرًا، قائلة: «قررت أن أرفع صوتي، يجب أن نجعل أصواتنا مسموعة».
تؤمن ابتهال بضرورة إصلاح المنظومة التعليمية في المغرب، والتي وصفتها بأنها تعاني من قصور عميق، واختبرت ذلك بنفسها خلال المرحلة الثانوية.
أكدت في تصريحات سابقة رغبتها في تطوير المناهج التعليمية، وتمكين الطلاب من مهارات ناعمة وأفق أوسع، ليصبحوا صناع تغيير حقيقي في مجتمعاتهم.