أدى انسحاب القوات الروسية من منطقة خيرسون، العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها في 24 فبراير من العام الماضي، إلى تسليط الضوء على أهمية تلك المقاطعة، التي كانت محور الحرب الأوكرانية، واستقبل أهلها القوات الأوكرانية بفرحة عارمة.
تقع خيرسون على حدود شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، وتتميز بموقع لوجستي حيوي؛ لأنها تطل على البحر الأسود وبحر آزوف، كما تقترب من مصب نهر دنيبرو.
ويوفر موقع خيرسون على حدود شبه جزيرة القرم بالبحر الأسود لروسيا ممرا بريا مع شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا من أوكرانيا سنة 2014؛ لذا فإن عودتها لأوكرانيا سيحرم موسكو من هذا الممر، ويجعل المدفعية الأوكرانية بعيدة المدى قريبة من شبه جزيرة القرم، أهم وأخطر المواقع العسكرية لموسكو، وذلك وفقا لشبكة دويتش فله الألمانية.
ففي شبه جزيرة القرم تحتشد قوة ضخمة من العسكرية الروسية والأسطول الحربي بالبحر الأسود، الذي تستعرض به موسكو قدراتها العسكرية في البحر المتوسط والشرق الأوسط.
إذا نجحت القوات الأوكرانية في قبض سيطرتها على خيرسون، فإنها ستمنع إمدادات المياه عن شبه الجزيرة التي تصلها من نهر دنيبرو، حيث تقع العاصمة الإقليمية خيرسون على الضفة الغربية للنهر.
وبعد استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم، منعت أوكرانيا إمدادات المياه التي تصلها عبر قناة متفرعة من نهر دنيبرو.
وفور سقوط منطقة خيرسون ومنطقة زابوريجيا في أيدي موسكو على شبه جزيرة القرم، سارعت بفتح القناة، التي تحتاج مياهها لسكان شبه الجزيرة والمنشآت العسكرية وري الأراضي القاحلة بها؛ لذا كثفت موسكو قواتها في هذه المنطقة الأشهر القليلة الماضية.
وركزت القوات الأوكرانية على قصوف الجسور فوق النهر؛ لعرقلة وصول الإمدادات للقوات الروسية؛ وإفقاد موسكو موقعها الوحيد على الجانب الغربي من النهر.
وحال فقدت موسكو هذا الموقع، فستهاجم كييف خطوط الإمداد الروسية الأخرى، ويسهل عليها استرداد أجزاء أخرى من الجنوب، منها منطقة زابوريجيا التي تحتل القوات الروسية محطة للطاقة النووية بها.
وهو ما أوضحه الخبير العسكري أوليه جدانوف لوكالة أنباء رويترز بأن "الضفة اليمنى (الغربية) مهمة لكلا الجانبين، (لروسيا) من أجل ضمان استمرار الدفاع من اتجاه زابوريجيا، و(لأوكرانيا) لتحرير هذه الجهة وقطع هذه الشرايين الثلاثة المهمة: الممر البري إلى شبه جزيرة القرم والمياه إلى شبه جزيرة القرم واستعادة السيطرة على (المحطة النووية)".
وأكد المحلل العسكري أولكساندر موسينكو أن خسارة خيرسون ستكون ضربة معنوية كبيرة للكرملين، حيث ستلفت الانتباه إلى أن روسيا عجزت عن المضي قدما إلى مدينتي ميكولايف وأوديسا اللتين سعت للاستيلاء عليهما.
وشدد على أنه "من الواضح أن خسارة خيرسون وجسر خيرسون ستكون لها عواقب على صورة روسيا وسيُنظر إليها بشكل سلبي داخل البلاد".
وأخيرا وقوع خيرسون على البحر الأسود سيساعد كييف على استعادة السيطرة على بعض المناطق على طول ساحل البحر الذي هو شريان مهما لتصدير سلعها الغذائية للأسواق الخارجية.