شدد المفكر الدكتور طارق حجي على أن قبول الآخر ليس مجرد قيمة اجتماعية ثانوية، بل هو الأساس الجوهري لبناء مجتمعات عادلة، متحضرة، وقادرة على حماية حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حقوق المرأة، وذلك خلال حديث عميق حمل كثيرًا من النقد لثقافة الإقصاء وغياب التعدد.
تصريحات طارق حجي
وخلال لقائه مع المحامي والإعلامي خالد أبو بكر في برنامج آخر النهار المذاع عبر قناة «النهار»، أوضح طارق حجي أن مفهوم "الغيرية" أي الإيمان بالاختلاف وحق الآخر في أن يكون مختلفًا، هو الشرط الأول لأي تقدم حضاري حقيقي، وقال: "إذا لم نغرس في نفوس أبنائنا أن الاختلاف طبيعي وضروري، سننشئ أجيالاً غير قادرة على التعايش، ومجتمعات عاجزة عن النمو".
وأشار طارق حجي إلى أن العنف المجتمعي والتحريض الطائفي والسياسي لا ينبع من فراغ، بل يتغذى على غياب قيم التعددية والتسامح والاعتراف بالآخر، مضيفًا: "المرأة لن تنال حقوقها كاملة في مجتمع لا يعترف أولًا بحق الاختلاف، المرأة ليست تابعًا ولا نصفًا، بل كيان مستقل له كامل الحقوق والواجبات".
وذهب طارق حجي إلى أن المعضلة الكبرى تكمن في ثقافة الأحادية التي تفرض رأيًا واحدًا، وتقصي كل ما يخالفه، مشيرًا إلى أن هذه الثقافة قد تربت على موروث طويل من "النقل بلا تفكير"، حيث يُستدعى التراث باعتباره مرجعية نهائية لا تقبل النقد أو إعادة النظر.
واستشهد بتجربة الدول الأوروبية في غرس قيمة التعددية، مؤكدًا أنها أصبحت جزءًا أصيلًا من تكوينها الثقافي بفضل تعليم الأطفال منذ الصغر أن التنوع هو الثروة الحقيقية، وقال: "التعدد لا يعني فقط تنوعًا في الدين أو الرأي، بل يشمل كل تفاصيل الحياة، من الذوق الفني إلى أسلوب المعيشة".
كما أكد صاحب كتاب "قيم التقدم"، والذي تُرجم إلى ست لغات، أن ترسيخ هذه القيم لا يبدأ من النخبة بل من المدرسة والإعلام والأسرة، وأن المجتمعات التي لا تؤمن بالتعدد لا يمكنها أن تحتضن الاختلاف أو الإبداع أو النهضة.
واختتم طارق حجي حديثه قائلًا: "إذا لم نُدرك أن قبول الآخر وتقدير التعدد هما لبّ النهضة الإنسانية، فسنظل ندور في دوائر التخلف ونبقى رهائن لثقافة تنكر حتى حقنا في أن نكون مختلفين".