تعمل إسرائيل على تعزيز نفوذها في جنوب آسيا من بوابة نيوديلهي، في صمت استراتيجي مدروس مدعومة بأهداف خفية كعادة تل أبيب في التعامُل مع الصراعات الإقليمية أو حتي صناعة تلك الصراعات لتحقيق أهدافها الغير مُعلنة، فحفر الخندق الهندي على حدود باكستان مدفوعة برؤية أمنية تسعى لتطويق الخصوم بعيدا عن حدودها الجغرافية.
ومع تصاعُد التحالُف العسكري والاستخباراتي بين إسرائيل والهند، تبدو باكستان أمام خندق جديد يُحفر على الأطراف الشرقية، ليس بالمعني الحرفي لكلمة الخندق الذي يتم حفرهُ بالجرافات بل بتكنولوجيا المعلومات والسلاح والمصالح المُتشابكة التي تختفي بين خبايا الصراع، فذلك يُشير إلى أن الهند أصبحت ساحة إسرائيلية جديدة في معركة كسر التوازُن النووي والسياسي مع إسلام أباد.
لاعداوات ولا مصالح دائمة
السفير جمال بيومي.نائب وزير خارجية أسبق
وعلق السفير "جمال بيومي"، في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم"، على دعم إسرائيل المُفاجئ للهند أنهُ لن يكون هُناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة ولا سياسات دائمة إنما ماهي إلا مصالح، فمن المُمكن أن تكون قد جدت مصلحة لإسرائيل وأمريكا، فبدأوا بالتحول إلي تقديم الدعم الهندي ضد باكستان، مُشيراً إلى أن الهند تُعتبر قوة عظمي ومن الواضح للجميع أنها أقوى بكثير من باكستان، بالإضافة إلى أن إسلام أباد تنتمي للعالم الإسلامي فبالنسبة لإسرائيل أنها تُعادي المُجتمع الإسلامي بشتى الطُرق، وأن من مصلحة إسرائيل تغذية هذا الصراع للاستفادة التي تعود عليهُم من هذا الصراع، لتوجية أنظار العالم لصراعات جديدة بعيدة عن الخطط الإسرائيلية التي تقوم بتنفيذها في قطاع غزة والضفة الغربية.
الهند تُعتبر سوق كبيرة وعُظمى أمام تل أبيب
كما أشار إلى أنهُ لا يستبعد أن يكون هُناك تعاون ذري ونووي بين إسرائيل والهند، مُضيفا أن إسرائيل مُتقدمة في ذلك المجال بصورة غير مُعلنة، بالإضافة إلى أن الهند تُعتبر سوق كبيرة وعُظمى أمام تل أبيب، مُستنكرًا تعاون الهند مع إسرائيل لأن الهند كانت من الداعمين للدولة الفلسطينية وأنها كانت من دول عدم الإنحياز وتُساند الفلسطينيين رافعة راية الحقوق الفلسطينية لكي تُلوح أمام المُجتمع الدولي.
وأكد أن الجانب الهندي من المُمكن أن يكون لهُ أغراض مُماثلة كإسرائيل، فالتعاول الذري والنووي المُشترك بينهُما إذا كان التوقُع صحيح، فإسرائل ستُفيد نيودلهي كثيرا في المجالات النووية وتدعم موقفها أمام العالم، وتقديم العديد من المنافع التكنولوجية المُتقدمة في كثير من المجالات المُشتركة.
الحاجة إلى غطاء
خبير العلاقات الدولية. علاء السعيد
كما كشف "علاء السعيد" الخبير في الشؤون الآسيوية، أن الهند ليست بحاجة إلى حليف بقدر حاجتها إلى "غطاء"، ولا تجد أمريكا في آسيا شريكًا أكثر طموحًا من نيودلهي، ولا تجد إسرائيل ملعبًا أنسب لاختبار تقنياتها من كشمير، فهكذا يتشكل محور الدعم الثلاثي، واشنطن تموّل، وتسلّح، وتضغط سياسيًا في المؤسسات الدولية، بينما تل أبيب تزرع الأجهزة، وتصدّر برامج المراقبة، وتنسخ تجربة "العدو الأبدي" إلى الساحة الهندية.
السياسة لا تعرف الوفاء
وصرح "السعيد" لـ "بلدنا اليوم"، بأن السياسة لا تعرف الوفاء، تعرف فقط من يحقق المصالح، فإسرائيل التي أبقت قنواتها مفتوحة مع باكستان في سنوات الغموض النووي، أغلقتها نهائيًا حين قررت أن الهند أكثر "قابلية للترويض"، وأكثر "تطرفًا" في مواجهة المسلمين، فالهدف الغير معلن من هذا الدعم هو ضرب العمق النووي الإسلامي.
نتائج التعاون بين إسرائيل والهند
وأوضح الباحث "علاء السعيد"، أن أول نتيجة من المُمكن أن تترتب على ذلك التعاون، هي تهميش باكستان دوليًا، مؤكدا على أن التحالف الجديد سيجعل من نيودلهي "الوكيل الأمني" الذي يُسمع له في واشنطن وتل أبيب، بينما تُدفع باكستان دفعًا نحو محور مضاد قد يضم إيران والصين وروسيا، ويعيد رسم خطوط التوتر العالمية على هيئة استقطاب ثنائي جديد، والنتيجة الثانية: ستكون بجعل إقليم كشمير كساحة التجريب الكبرى، حيث تُطبّق تقنيات الاحتلال الصهيوني بحذافيرها كجدران عازلة.