تحتفل النساء في تركيا بـ"اليوم العالمي للمرأة" هذا العام بشكل خاص يسوده مزيد من التحدي خاصة وأن الحكومة التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" يستغل أكثريته البرلمانية لفرض قوانين تنتهك حقوق المرأة، وفق ما تشكو بعض الجمعيات النسائية في البلاد.
وشددت ثلاث من أشهر النساء المدافعات عن حقوق المرأة في تركيا ومن بينهن محاميتان على أن العنف ضد المرأة في بلادهن "في تصاعد" منذ وصول حزب "العدالة والتنمية" الّذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السلطة.
ونقلا عن العربية، أكدت المحامية البارزة عائشة آجار باشاران وهي قيادية في حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد وعضو في البرلمان التركي أن "هجوما كبيرا يشن على المرأة في تركيا، ولدينا آلاف المعتقلات في السجون اليوم.
وأشارت إلى أنه "لا توجد إحصاءات دقيقة عن أعدادهنّ نتيجة الاعتقالات المستمرة الّتي تطال النساء بشكلٍ يومي في البلاد".
وقالت المحامية "إننا منذ الأول من شهر آذار/مارس الحالي ونحن نستعد لاستقبال اليوم العالمي للمرأة وقد قمنا بفعالياتٍ داعمة للنساء وحقوقهنّ في عددٍ من مدن البلاد كديار بكر ووان وماردين وبات مان وغيرها".
وأضافت أن "هذه الفعاليات اقتصرت على تظاهرات نسائية إلى جانب إقامة ندواتٍ توعوية للمرأة مع زيارة بعضهنّ في بيوتهنّ وجمعياتهن، لكننا واجهنا عنف السلطات الأمنية والّتي حاولت منع أنشطتنا.
اقرأ ايضا...شاهد.. دراسة تكشف انتهاكات نظام تميم ضد السيدات القطريات
وعلى سبيل المثال منعوا تجمّعات نسوية في بعض الأماكن واعتقلوا أيضاً قبل يومين بريهان آغا أوغلو وهي مسؤولة مشتركة لحزبنا في مدينة ماردين".
وانتقدت "المحامية" سياسات حزب "العدالة والتنمية" تجاه المرأة في البلاد، قائله في هذا الصدد إن "الحزب الحاكم يرفض أن تشارك المرأة في كلّ مجالات الحياة ويريد منها فقط أن تبقى بين 4 جدران، لذلك يحارب انشطتها باستمرار".
وتابعت "للأسف ليس هناك إحصاءات رسميّة للنساء المعتقلات أو المعتقلات مع أطفالهن، ولكن في العام 2019 كان هناك 700 طفل معتقلين مع أمهاتهم وهذه الأرقام بكل تأكيد ازدادت لا سيما وأن حملات الاعتقال ضد النساء لم تتوقف وكان من بينهنّ حوامل".
وبحسب المحامية فإن أعمار أولئك الأطفال المعتقلين مع أمهاتهم، تراوحت بين أيام و6 سنوات.
وإلى جانب الضغوطات الحكومية على النساء والمدافعات عن حقوقهن في تركيا، تواجه المرأة "العنف الأسري" في بلادها ويصل إلى القتل في بعض الحالات، وخلال العام 2019 قُتل ما لا يقل عن 474 امرأة ومن بينهنّ أكثر من 50 قُتلن في أماكن عامّة ومزدحمة.
ورأت "المحامية" أن هذه الوحشية ضد النساء تكاد تصبح ظاهرة مع التساهل الحكومي مع مرتكبي هذه الجرائم والّذين لا يواجهون عقوباتٍ مشددة.
ومن جهتها قالت المحامية، غامزه باموك آتيشله وهي عضو في مجلس حزب "الشعب الجمهوري" المعارض لأردوغان إن "الحزب الحاكم يدفعنا إلى التشكيك في مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة في الدستور التركي، فقادته يتحدّثون عن وجهة نظرهم حول النساء ولا يوفرون أي فرصة ليؤكدوا علناً أنهم لا يؤمنون بالمساواة بين الجنسين خاصة حين يشيرون إلى عدد الأطفال الّذين يجب أن تنجبهن النساء".
وأكدت أن "هذا الحزب يعارض بشدة اتخاذ أي خطواتٍ معقولة بخصوص المساواة بين الرجل والمرأة، لذلك لم يضع أي استراتيجية تسمح للمرأة بالمشاركة السياسية الفعّالة، بل على العكس تماماً يقلّص من دورها".
كما اتهمت "المدافعة عن حقوق النساء" الحزب الحاكم باتخاذ بعض قراراته من منظورٍ "ذكوري يتجاهل دور المرأة ويقضي عليها من خلال السلطة الأبوية أيضاً".
وتابعت أن "النساء يتعرضن لعنفٍ أسري ويقتلن، لكن الحزب الحاكم يساعد المتهمين من خلال إصدار قوانين العفو، الأمر الّذي يسيء للمرأة، فهو يسعى أيضاً لتمرير قانونٍ آخر يرغم الضحية على الزواج من مغتصبها".
وشددت على أن "الحزب الحاكم لا يفسح المجال أمام الإناث في كلّ المجالات، لذلك نحن في حزب الشعب الجمهوري نواجه هذه العقلية ونحاربها، هذا طريقنا الوحيد للتغلب عليه".
كما أبدت المحامية عن قلقها "الشديد" من تجاهل حزب أردوغان لدور المرأة، ولفتت إلى أن "حزبها يسعى لتمكين المرأة وجعلها قوية في كلّ المجالات السياسية والاقتصادية، بحيث تتساوى مع الرجل ويضمن حقوقها كشرطٍ للديمقراطية والتقدم الاجتماعي في البلاد".
وقبل أيام أصدرت وزارة الداخلية التركية قراراً يقضي بمنع خروج تظاهراتٍ نسائية في ميدان "تقسيم" وسط اسطنبول كبرى مدن البلاد بعدما كانت تلك التظاهرات تكاد أن تتحول إلى ظاهرة خاصة وأن أنصار وقيادات حزب "الشعوب الديمقراطي" من النساء اعتدن على التظاهر مع حلفائهن في ذلك الميدان كلّ عام عشية اليوم العالمي للمرأة.
وانتقدت ديلان طاش دمير، وهي نائبة في البرلمان التركي عن حزب "الشعوب الديمقراطي" هذا القرار. وقالت إن "الحزب الحاكم ببساطة لا يريد أن تتحرر المرأة"، وأضافت أن "ذهنية هذا الحزب تكاد تكون أقرب لذهنية التنظيمات الدينية المتطرّفة".