شهدت العراق في الآونة الأخيرة عدد من التظاهرات التي شكلت بشكل أو بآخر خوف لدى جارتها الإيرانية، الأمر الذي جعل "بلدنا اليوم" تطرح عدد من الأسئلة على المتخصص في الشأن الإيراني الدكتور، هاني سليمان، لإيضاح حقيقة المشهد.
قال الدكتور هاني سليمان المتخصص في الشأن الإيراني:"في الفترة الأخيرة إيران شهدت عدد من التطورات، تظاهرات الداخل وفقا لاستراتيجية بومبيو بولتون والقائمة على زيادة العقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية على إيران وهي استراتيجية مزدوجة الأقطاب، فأحد الأهداف هو تحقيق الانفجار من الداخل وفي نفس الوقت فرض مزيد من العولة السياسية".
وأضاف المتخصص في الشأن الإيراني :" الأمر الخطير وغير المتوقع هو فكرة وجود مظاهرات غير متوقعة وبشكل مفاجئ علاوة على التظاهرات الموالية في الداخل الإيراني، تظاهرات في لبنان والعراق بشكل مفاجئ وسريعة الوتيرة والتي ترفض النفوذ والتواجد الإيراني وسياسات إيران في الإقليم، هذه التظاهرات أحدثت ارتباك كبير للنخبة السياسية الإيرانية على اعتبار أن إيران ما تنظر دائما للعراق على أنها الحديقة الخلفية لها لتحقيق مصالحها وكان قد وصل الأمر للاحتلال غير المباشر الإيراني للداخل العراقي وهو احتلال قائم على نفوذ سياسي تعدى النخبة السياسية التقليدية وأثر على تعيين الوزراء والنخب السياسية والقرار السياسي كرشاوى وحالة فساد كبيرة في الداخل العراقي لشراء الوزارات ويمكن هذا الأمر قد ظهر في عدد من المواقف وكثير من القرارات والتي تتعلق بقرارات للحكومات المتعاقبة ورؤوساء الوزراء العراقيين السابقين".
وأردف "سليمان": "ما يجعل التظاهرات في العراق موجعة جدا للنظام الإيراني من الممكن لأنها كانت تعتمد على العراق بشكل كبير في ظل العقوبات الاقتصادية الأمريكية والتي تعتبر أقسى عقوبات شهدتها إيران على مدار العقود الماضية في تقليل هامش أثر العقوبات المفروضة عن طريق السيطرة على النفط العراقي وموارد الدوة العراقية وهذا أحدث إفقار متعمد للعراق لصالح إيران ونهب الثروات لصالح النخبة السياسية الإيرانية بالعتماد على أدوات سياسية ودينية، واستخدام السياسة للدين عن طريق الحوزات الدينية الشيعية واستخدام الترابط الشيعي والتأثير على الشخصيات السياسية، كل هذا أحدث إفقار متعمد للعراق بما ساهم في وجود حالة من البطالة الشديدة وحالة من تردى الأوضاع المعيشية والفساد، الأمر الذي أدى لتفجر الوضع بشكل كبير".
انتكاسات وصدمات
وتابع الدكتور هاني سليمان:"يمكن أحد أهم الانتكاسات والصدمات المفاجئة لإيران هو أن تأتي تلك التظاهرات من داخل البيت الشيعي من داخل المحافظات الشيعية الجنوبية وبالتالي هذا يؤكد أن الشعب العراقي قد لفظ البعد الطائفي الإيراني، والتي حاولت أن تستثمر فيه إيران لسنوات وبالتالي هذا يعلن بشكل مباشر فشل سياسية إيران الطائفية في الداخل العراقي، وباالتالي الضربة مزدوجة ومتعددة الصدمات للداخل العراقيين ما يجعل تظاهرات العراق شديدة الوطأة أكثر من لبنان، على اعتبار أن المجتمع المدني اللبناني وهناك توافقات مدنية، أما في العراق فهو مضطر أن يتعطى بشكل أكثر عنفا وهذا ما ظهر في اجتماع سليماني مع بعض الميليشيات الطائفية العراقية واستخدام بعض الأدوات مثل أدوات القناصة وقتل المتظاهرين بشكل كبير، وعلى الرغم من هذا لم تجدى ولا يزال المتظاهرين في الشارع، وهذا يهدد إيران بشكل كبير".
أما عن النقطة الأخيرة لتهديد إيران، فقال المتخصص في الشأن الإيراني:"إن ما يحدث في العراق يلقى صداه في طهران، بمعنى أن التظاهرات الأخيرة في إيران لم تكن لتنجح إلا بوجود التظاهرات في العراق، لأن الأوضاع في الداخل العراقي، أصبحت ملهمة كثيرا للمواطن الإيراني نفسسه والذي استمد منها أمل وساعدته على الصمود".
فيما يخص موقف حلفاء طهران من المشهد، فعلق الدكتور هاني سليمان، قائلا:"هناك طوائف من الحشد الشعبي وميليشيات منها بالفعل شاركت في فض التظاهرات وكان لها بعد طاائفي وليس كل الحشد ولكن طوائف معينه من الحشد، حتى أن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني تحدث عن أنه في العراق حوالي 7500 من الحرس الثوري الإيراني يساعدون الحشد الشعبي، فبتالي يعتمد على الحرس الثوري في العراق الأمر الذي يمس باستقلال الإرادة الوطنية العراقية".
وتابع:"أما بالنسبة لباقي الطوائف فكان هناك استخدام لبعض العناصر مثل فاطميون وهي العناصر الأفغانية والميليشيات والتي تم استخدامها لفض التظاهرات ليس فقط في العراق ولكن أيضا في تظاهرات إيران نفسها، ربما لم يكن هناك عناصر من حزب الله بشكل كبير ولكنها كانت متركزة في لبنان أكثر ولو أنه في حال عدم وجود تظاهرات في لبنان أعتقد أنها كانت ستشارك أيضا في محاولة فض التظاهرات والسيطرة على الوضع في الداخل".
أما فيما يتعلق بحلفاء إيران من الدول، فقال "سليمان":" روسيا أو الصين أو بعض الدول فهي تحاول أن تساندها دبلوماسيا والدفاع عنه، ولكن ليس لها وجود أو تدهخل مباشر في الشأن العراقي".
الوقت الحاسم
وعند طرح سؤال حول ما إذا استمرت تلك التظاهرات هل سيحدث تفكك لجمهورية الملالي، فأجاب سليمان بأن الأمر كله يعول على الوقت، مضيقا:"يعتمد على الوقت ولأي درجة يستطيع النظام الصمود، فهذه التظاهرات تدل بالفعل على أن النظام قد سقط شعبويا أما السقوط السياسي سقوط حقيقي فيعتمد على عنصر الوقت، فإلى أي درجة يستطيع المتظاهرون العراقيون الصمود كذلك النظامم واختلاف الاستراتيجيات من القمع واستخدام القناصة إلى الاغتيالات للقيادات والعناصر المحركة للجمهور العراقي ، ولكنه لم يحقق النجاح النوعي حتى هذه اللحظة، فهذه التظاهرات أحدثت نوع من التعرية للنظام الإيراني وبات واضح للجميع طبيعة العلاقة بين إيران والنظام العراقي ونهب ثروات الدولة وليس أمرا دينيا ففي السابق قتلو السنة وحاليا الشيعة لذا فهو أمر برجماتي مصلحي بأمتياز".