"أمنية خلف القضبان".. "نورهان عواد" فتاة تبحث عن حلم المحاماة والاحتلال يرفض

الاربعاء 01 يناير 2020 | 02:34 مساءً
كتب : سارة أبو شادي

"تسير ببطئ مكبلة اليدين تجر قدماها على الأرض وكأنّ شيئًا أصابها، يلتف حولها الجنود من كل مكان، كانت هناك عيونًا تراقبها من بعيد انتفض قلبها فور رؤيتها، لم تتمالك نفسها فانهمرت الدموع على خديها، لم تعتقد يومًا أن تكون طفلتها بداخل هذا المكان، لكن لا بأس فجميعهم يدفعون ضريبة حب الوطن.

"نورهان عواد" فتاة فلسطينية صاحبة الـ20 ربيعًا، حكايتها بدأت وعمرها 16 عامًا، فأثناء سير نورهان برفقة ابنة عمتها الشهيدة هديل عواد، حاول عدد من جنود الاحتلال الاعتداء عليهن بشارع يافا في القدس، ومع قيام الفتاتان بالدفاع عن نفسهن سارع الجنود بفتح النيران، شاء القدر أن ترتقي هديل شهيدة بينما تقبع نورهان بداخل سجونهم بتهمة لا أساس لها وهي"محاولة القيام بعملية طعن".

حرائر فلسطين

"قتلوا هديل وراحوا على نورهان وهيا مستسلمة وطخوها كمان 4 رصاصات"، بعدما أعدم جنود الاحتلال الصغيرة هديل لم تأخذهم شفقة برفيقتها نورهان، فتقدم أحدهم تجاهها وأطلق عليها رصاصة بقدمها واثنتان في ظهرها ثم كبلو يديها وحملوها إلى المستشفى، خضعت الفتاة الصغيرة إلى عملية جراحية لاستخراج الرصاصات، ومنعوا أي أحد من الاطمئنان عليها سوى محامي كلفته الأسرة بالدفاع عنها، الوحيد من استطاع الدخول إليها، وجدها مكبلة اليدين ضعيفة، ترقد على سرير متهالك لا تقوى على فعل أي شي، "حسب رواية والدتها لنا".

بعد يومين فقط بدأت التحقيقات مع نورهان، بالرغم من عدم اكتمال شفائها، لكنّ الفتاة كانت تتحدث ببطئ، تُخرج كلمات لا تدري مدى صحتها، لم يحضر معها أحد بالتحقيق كانت مُحاطة فقط برجال الكيان المحتل، انتهى التحقيق واتهمت نورهان بمحاولة القيام بعملية طعن، وفي رواية الجنود أنّ الفتاة هي من اعترفت بنفسها، اعتبروا حديثها بأنها لا تحب اليهود وتكرة تواجد المحتل على أرضها هو التهمة الكبرى التي دفعتهم بإخراج الفتاة ضعيفة مريضة من المستشفى ونقلها إلى سجن الرملة المسكوبية، وبعد حوالي شهرين سمحوا بزيارة لأهلها بسجن هشرون.

قضت نورهان عامًا كاملًا تتنقل بين سجن وآخر ومن محاكمة لأخرى، حتى جانت لحظة الحكم في يوم نفس إلقاء القبض عليها الثالث والعشرين من نوفمبر عام 2016، تمّ الحكم على الطفلة بـ13 عامًا ونص، و30 ألف شيكل غرامة، تمّ تخفيضهم إلى عشر سنوات بعدما قام أهلها بتقديم اعتراض على الحكم كونه حكم جائر وأنّ نورهان طفلة لم تتجاوز الـ16 من العمر، بعد حوالي عامين ونصف انتقلت نورهان إلى سجن الدمون، كانت عملية الانتقال من سجن لآخر لا تؤرق نورهان وحدها، بل أيضًا والدتها وأشقائها الذين وجدوا مشقة في كل مرة يُحاولون الوصول لفتاتهم، كان والدها بطلًا خفيًا لم يرحمه الاحتلال بأسره قبل سنوات وأسر صغيرته أيضًا، بل حرمه أيضًا من رؤيتها بدعوى "عدم حمل الهوية المقدسية".

حرائر فلسطين

كانت الفتاة تًرسل العديد من الرسائل تشتاق لوالدها كثيرًا، طلب من الاحتلال الإذن بزيارة ابنته لكنّهم في كل مرة كانوا يردون بالرفض، ومنذ 6 أشهر والفتاة تُرسل بأنّها تريد رؤية والدها لكن لاحول له ولا قوة.

تُعاني نورهان من انتهاكات عدة في السجن لا تتناول الطعام الذي يقدمونه تعيش على الأكل الخفيف من "الكانتين" أصيبت بأمراض عدة، فآخر رسالة كتبتها إلي والدتها طلبت أموال لإجراء فحص طبي لأنها تشعر بضعف نظرها، الفتاة لم تستسلم لحياة السجن وقررت استكمال طريقها فبدأت في المذاكرة بداخل الزنزانة حصلت على التوجيهي بمعدل 94%، لكن لم يشأ الاحتلال أن تستكمل نورهان الطريق فمنعهوها من دخول الجامعة ومنعوا دخول أي كتب إليها عملوا على قتل حلم طفلة، في السابق كانت تُريد نورهان أن تُصبح طبيبة لكن بعد أسرها قررت أن تدخل كلية الحقوق لتُصبح محامية تُدافع عن الأسرى الفلسطينيين القابعين وراء زنازين المحتل، وتحديدًا الأطفال، خاصة وأنّ منهم من يقضون أعمارهم هنا في تلك الغرفة المظلمة التي لا يوجد بها أية حياة، فلم يكفي الكيان المحتل اغتصاب الأرض لكنّهم أيضًا قرروا قتل الأحلام.

حرائر فلسطين

حرائر فلسطين

اقرأ أيضا