كانت تلهو برفقه أصدقائها، أخبرتهم أنّها ستصعد إلى سطح المنزل، حتى تجلب عروستها ، تركتهم وهمت مسرعة، الجو شتاءً والرياح شديدة، بعضًا من أنوار البرق والرعد تظهر في السماء، صعدت الصغيرة على السطح، بدأت تبحث عن عروستها، وجدتها في إحدي الجوانب تغطيها التراب ومياه الأمطار، أسرعت نحوها وعلى وجهها ابتسامة انتصار، حاولت التقاطها لكن كان للقدر رأي آخر.
"أنا إسمي نوران وعندي ٧ سنين ونص".. نظرات عينيها علاها الخجل، نصف وجه لم تعد تظهر ملامحه بسبب آثار الحروق، والآخر كشف عن قدر من الجمال امتلكته تلك الصغيرة، بصوت منخفض بدأت حديثها منذ 6 أشهر كانت ضحكة نوران لاتفارقها تلهو وتلعب طوال الوقت تتحرك كثيرًا كعادتها لا تأبه شيئا، لكن بين ليلة وضحاها تبدل الحال، كان الجو عاصفا والرياح شديدة اشتهرت مدينتهم بوجود كابلات الضغط العالي بالقرب من المنازل، الأهالي دائما ما يحرصون على تجنب صغارهم لهذا الخطر، إلّا أنّ نوران كان لها نصيب أن تكون ضحية لتلك الكابلات.
فأثناء تواجد الفتاة على السطح حدثت عاصفة برق مفاجئة تسببت في قطع جزء من السلك الخاص بالكهرباء، مما جعله يشتعل ويسقط على الفتاة الصغيرة فقذفها بعيدا وهي تشتعل، خرجت الأم على صوت صرخة انقطعت فجأة جاءت من السطح، اتجهت ناحية مصدر الصوت، تفاجأت بطفلتها وكأنها أشبه بقطعة خشب سوداء التهمتها النيران، فسقطت الأم هي الأخرى مغشيًا عليها.
تذكرت الصغيرة ما ألم بها وصمتت عن الحديث اكتفت فقط بالنظرات كانت الدموع حبيسة عينيها وكأنها تخشى الخروج، لدقائق معدودة حل الصمت حاولنا مع الصغيرة أن تستكمل الحديث لكنها تعثرت وكأنها تذكرت اليوم المشؤوم، فقررت الأم أن تتحدث بلسان طفلتها.
بعد الحادثة مباشرة قررت أسرة نوران الرحيل عن المنزل والبحث عن آخر، ومنذ يناير الماضي والفتاة تعاني خاصة وأن الحادث أثر كثيرا عليها، هناك أماكن يمكن إخفائها لكن وجهها صعب أن يتم إخفائه، وهي أيضا لا تسمح بوضع غطاء الوجه المخصص لها.
حتى الآن الفتاة لم تتعامل مع المجتمع الخارجي لكنها وبرغم عمرها الصغير إلا أنها دائمًا ما تفكر في المستقبل، كانت نوران تجلس معظم أوقاتها أمام المرآة لا تكف عن النظر إليها قبل الحادث، اليوم، تحرص دائما أن لاتمر من أمامها بل حينما تريد النظر تذهب إلى مقبس الكهرباء وتًحاول النظر من خلاله، وفي حال ضغط الأم عليها لتقف أمام المرآة حتى تعتاد على شكلها الجديد ترفض وتردد "أنا لما أكبر هلبس نقاب ياماما متزعليش".
أثناء خروج والدة نوران من المنزل، تحاول الفتاه بشتى الطرق أن تذهب معها، لكن الأم دائما ما ترفض هذا الطلب، حتى لا تتأذى الطفلة من نظرات المواطنين، وقبل العيد قررت الأم أن تخرج بطفلتها لأول مرة منذ الحادثة ومع دخولها إحدى المحلات تفاجأت بصاحبه "حرام عليكي إنتي إزاي تخرجيها الشارع كده" لتعود الأم بأدراجها إلى المنزل برفقة طفلتها، حتى لا تترك مساحة لأحد أن يجرح مشاعر صغيرتها، لتقرر أيضًا أن تبحث لها عن مدرسة جديدة بعيدًا عن مدرستها حتى لا تصبح محل سخرية لأصدقائها القدامى.
بالرغم من العمر الصغير لنوران "7 سنوات" إلّا أنّها تقبلت ملامحها الجديدة وتعاملت معها بكل حب وترحاب، لكنّها فقط تبحث عن هذا الحب في عيون الغير بدلًا من الشفقة أو التنمر.