تعد قرية «النزلة» التابعة لمركز يوسف الصديق بالفيوم، قبلة صناعة الفخار فى مصر، فمن المعروف أن هذه القرية أطلقت عليها هيئة تنشيط السياحة بالمحافظة «قرية الفخار» لاحتراف ٣٦ أسرة بها، تلك المهنة التى توارثونها عن أجدادهم الفراعنة، وقيامهم بتصدير منتجاتهم إلى العديد من الدول الأوروبية مثل إيطاليا وهولندا، فضلاً عن أنها كانت مزارًا سياحيًا للأجانب من مختلف دول العالم، وتم تصوير العديد من الأعمال الفنية بها مثل فيلمى «دعاء الكروان»، و«البوسطجى»، ومسلسل «كابتن جودة»، لكن أحوال القرية تبدلت، ولم يعد يحترف مهنة صناعة الفخار سوى ٥ أسر فقط، وهى الأسر التى حارب أبناؤها حتى لا تنهار هذه الصناعة التى لا تحتاج إلا بضعة آلاف من الجنيهات لتعود إلى سابق عهدها.
في هذا التقرير نسلط الضوء على العراقيل التي تعرضت لها القرية، لا سيما فيما يخص صناعة الفخار بها ظروف قاسية كأعمال الردم وغيرها، والتي أودت بحياة تلك الصناعة الثمينة.
من جانبه قال "سيد أحمد " أحد صانعي الفخار بالقرية، إن المهنة باتت معرضة للاختفاء، بسبب ما يواجهونه في مراحل الصناعة المختلفة من مرحلة تحضير المادة الخام وحتى استخراج القطع الفخارية، حيث إنهم يشترون الأتربة التي يستخدمونها في الصناعة، إلى جانب قلة الماء بسبب ازدياد الاستصلاح الزراعي في الوادي دون وجود رقابة على هؤلاء الفلاحين.
وأكد "سيد أحمد"، أشهر صانع فخار فى القرية أنه قبل ١٠ سنوات مضت كانت القرية تصدر الأوانى الفخارية إلى إيطاليا وهولندا بمعدل ٢٠ ألف قطعة سنويًا، لكثرة الطلب عليها وعدم اختلاف صناعتها عن عهد الفراعنة، موضحا أن عدد من يعملون بهذه الصناعة حاليا ٥ أسر فقط، بسبب ظهور البلاستيك والألومنيوم، الذى يفضله معظم الأهالى على الأوانى الفخارية.
وقال: أصبحنا لا نكسب مليمًا واحدًا من صناعتنا، بسبب الطرق البدائية التى نعمل من خلالها، فالقرية تحتاج ١٠ أفران حديثة ببضعة آلاف من الجنيهات لزخرفة تلك الأوانى، حتى تخرج فى شكل مبهر، ويعود الطلب عليها، ويتم تصديرها كما كان فى السابق.
وأشار إلى أن القرية كانت مزارًا لجميع السائحين من مختلف دول العالم، الذين انبهروا بهذه الصناعة، وكانوا يقبلون على شرائها بأى ثمن، لكنها فى طريقها للاختفاء، معربًا عن أمله فى أن يساعدهم المسئولون فى تطويرها لكى تواكب العصر.
من جهة أخرى أوضح عامل آخر بصناعة الفخار -رفض ذكر اسمه- وعمره يتجاوز "50"عامًا، أنهم تقدموا بمجموعة من المطالب إلي الدكتور "جمال سامي" محافظ الفيوم، لكنه استجاب لبعضها وترك المطالب الأهم، ومن أبرزها: تطوير المصانع لتلائم الظروف الجوية لأنها دائمًا ما تسبب لهم خسائر باهظة، خاصةً في وقت هطول الأمطار، لأن الأسقف مصنوعة من القش، وبدورهم طالب العامل المحافظ بالتدخل، للحفاظ على هذا التراث.