على نارٍ من جمرٍ ينتظر المصريون بشكل خاص والعالم فى العموم، مشاهدة فاعليات كأس العالم روسيا 2018، فبعد غياب استمر نحو 28 عامًا، تأتى تلك البطولة على أرض روسيا، التى تربطها علاقة طيبة بالمصريين، فالمصريون يتذكرون بتقدير بالغ الأدوار المهمة لروسيا «الاتحاد السوفييتى السابق» فى مصر، وأهمها بالطبع السد العالى وحائط الصواريخ وركائز القطاع العام.
وهناك حكاية مختلفة للفراعنة فى المونديال، فحتى هذه اللحظة لم تشهد مصر إجماعًا سوى الإجماع على ضرورة دعم المنتخب الوطنى لكرة القدم، لم يأت ذلك الإجماع من باب التسلية الكروية، ولكن لفهم الجمهور معنى رفع العلم المصرى فى ذلك المحفل الدولى الذى يتابعه سكان المعمورة، العلم المصرى ليس قطعة من قماش لها ثلاثة ألوان ونسر، ولكنه عنوان ومؤشر على طموح أكثر من مائة مليون مصرى، يجتهدون نحو اللحاق بركب التقدم والمدنية واستعادة حضارتهم التى تهددت فى سنوات عجاف مضت.
ولم يكن غريبًا تلك المظاهرة الإنسانية الحاشدة على وسائل التواصل الاجتماعى دعمًا لنجم المنتخب الأبرز الكابتن محمد صلاح عندما مسه الضرر فى المباراة الأخيرة له، ولم يستغرب المتابعون خلو الشوارع من المارة وقت إذاعة المباريات الودية للمنتخب فى التمهيد للحدث الكبير القادم، وهو المشاركة الرسمية فى كأس العالم بموسكو، فالحكاية أعمق من لاعبين وكرة وشبكة، الحكاية هى اسم هذا البلد ومكانته بين الأمم حتى لو كان فى كرة القدم، ناهيك بالمتعة الفنية التى يقدمها الموهوبون فى اللعبة.
أيام قليلة وترتفع أصوات الصافرة، ليتابع المصريون والكرويون حول العالم مجهود سنوات من التحضير والعرق والجهد، لأن الاحتراف الذى لمس لعبة كرة القدم جعل منها صناعة مهمة وهنا نقول مع القائلين بمصر إنه من الممكن أن تكون مشاركتنا فى كأس العالم هى بداية جادة لحرث الأرض بمصر واكتشاف العشرات ممن هم على قدر موهبة وجدية الفتى، الذى بات رمزًا واسمه محمد صلاح.
وأخيرًا البلد الذى أنجب جمال حمدان ونجيب محفوظ وأم كلثوم قادر فى مجال رياضة كرة القدم على أن يرعى عشرات بل ومئات المواهب فى مختلف المجالات، فقط الالتزام بالبديهى فى ذلك الطريق، والبديهى هو الجدية والموهبة وضرب الفساد والمحسوبية فى مقتل، أى باختصار نمنح أهل الخبرة فرصتهم ليتوارى عن المشهد أهل الثقة، ليس فى كرة القدم وحدها ولكن فى كل المجالات، لنحتفل من قلوبنا بالعلم المصرى مرفرفًا فى كل ساحات العالم.