في ظل تصاعد الأزمات في المنطقة، أجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زيارة رسمية إلى طهران، حيث التقى الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان لبحث آخر المستجدات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأوضاع في غزة وسوريا.
تناولت المباحثات سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، لا سيما في المجالات التجارية والاقتصادية، بالإضافة إلى مناقشة الجهود المبذولة لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين.
كما شدد الطرفان على أهمية الدفع بالعملية السياسية في سوريا، في وقت يشهد المشهد الإقليمي تطورات متسارعة.
وهذا اللقاء الذي جاء بعد زيارة بيزشكيان للدوحة في أكتوبر الماضي، يعكس رغبة مشتركة في توثيق العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون الإقليمي في ظل التحديات المتزايدة.
ويتحدث لبلدنا اليوم الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية أسامة حمدي
قال الباحث والمتخصص في الشؤون الإيرانية، أسامة حمدي، إن زيارة أمير قطر إلى إيران تأتي في توقيت بالغ الأهمية، خاصة في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وأكد أن هذه الزيارة تركز على ملفات حاسمة، أبرزها الحرب في قطاع غزة، وما يُثار حول خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين، بالإضافة إلى الأوضاع في سوريا ولبنان واليمن، وأمن منطقة الخليج والملاحة في البحر الأحمر، فضلاً عن التعقيدات في العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل ولاية ترامب.
التعاون الاقتصادي بين الدوحة وطهران
وأشار حمدي إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تحظى بأهمية كبيرة، حيث يشتركان في أكبر حقل للغاز في العالم، ويتقاسمان عمليات التنقيب والاستخراج.
كما لفت إلى أن التبادل التجاري بينهما يشمل تصدير إيران للمواد الغذائية والخضروات والفاكهة إلى قطر، بالإضافة إلى الاستثمارات القطرية في إيران، والتعاون في مجالات النقل والطيران، حيث تبلغ الرحلات بين البلدين 16 رحلة أسبوعياً، إلى جانب مشروعات الربط الكهربائي المزمع تنفيذها.
كما أوضح أن السياحة الدينية والثقافية والترفيهية تُعد من مجالات التعاون المهمة، حيث يزور المواطنون الشيعة في قطر الأماكن المقدسة في إيران.
التنسيق السياسي ورسائل واشنطن
وحول الأبعاد السياسية للزيارة، شدد حمدي على أن هناك تكهنات إعلامية عديدة حول الرسائل التي قد يحملها أمير قطر إلى إيران من الولايات المتحدة، وهو ما نفته طهران.
وأوضح أن البلدين يشتركان في دعم المقاومة الفلسطينية، خاصة أن قطر تستضيف قيادات حركة حماس، في مواجهة ما يُعرف بمحور الاعتدال الذي يضم السعودية والإمارات والأردن.
وأضاف أن الزيارة تهدف إلى تنسيق المواقف وبحث سبل دعم الحقوق الفلسطينية ومنع تصفية القضية.
الوساطة القطرية ودورها الإقليمي
كما أشار حمدي إلى احتمال لعب قطر دوراً في الوساطة بين إيران والإدارة السورية الجديدة، بهدف كسر حالة الجمود في العلاقات بين البلدين، مما قد يمهد لإعادة فتح السفارة الإيرانية في دمشق.
وأوضح أن هذا الأمر يمثل أهمية خاصة لإيران، للحفاظ على تواصلها مع الأقلية الشيعية في سوريا، إلى جانب دور سوريا كقناة اتصال رئيسية مع حزب الله اللبناني.
وفي سياق آخر، لفت حمدي إلى أن قطر قد تضطلع بدور في الوساطة بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي، خاصة أنها سبق وأن توسطت في عمليات تبادل المحتجزين والإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج عام 2023.
وأكد أن هذه الوساطة تبرز مكانة قطر كلاعب دبلوماسي رئيسي في المنطقة.
العلاقات الإيرانية-القطرية
شدد حمدي على أن إيران تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع قطر، حيث دعمت طهران الدوحة خلال الحصار الخليجي عام 2016 بتوفير المواد الغذائية، وهو ما لم تنسَه الدوحة، حيث تمتنع عن انتقاد إيران في ملفها النووي.
كما أوضح أن البلدين أجريا تدريبات عسكرية مشتركة، مما يعكس عمق التعاون الاستراتيجي بينهما.
وإختتم حمدي حديثه بالتأكيد على أن هذه الزيارة تمثل محطة مهمة في مسار العلاقات القطرية-الإيرانية، ليس فقط على المستوى الثنائي، ولكن أيضاً في سياق التوازنات الإقليمية التي تشهدها المنطقة.