وصلت الحرب الروسية الأوكرانية الآن، إلى المرحلة الأهم منذ اندلاعها، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن التعبئة الجزئية للجيش، لإرسال قوات إضافية من الجيش الروسي إلى خط المعركة مع أوكرانيا، والغرب مستمرون في دعم كييف، بأسلحة تحدث فارقا كبيرا على أرض المعركة، باعتراف مسؤولين عسكريين روس.
ولعل الحدث الأبرز على الساحة العالمية الآن، بعد ضم روسيا 4 أقاليم أوكرانية إلى أراضيها، وهم لوجانيسك ودونيتسك وخرايسون وزابوروجيه، هو استهداف خط نورد ستريم 1 و2، المنوط بايصال الغاز إلى أراضي القارة الأوروبية، فالتساؤلات كثيرة حول هوية الفاعل وفائدته، إلا أن الإجابات تتمحور حول الرئيس الأمريكي بوتين، ولكن هل لبايدن والولايات المتحدة رأيا آخر؟ هذا ما سنستعرضه في السطور القليلة التالية.
خط نورد ستريم 1 و2
خط نورد ستريم 1 و2، هو خط غاز روسي، يعمل على ايصال الغاز إلى أراضي القارة الأوروبية، وتكمن أهميته في كونه من أهم الوسائل الموردة للطاقة للقارة.
وكان لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرارا وتكرارا في خطابات سابقة، قطع الغاز الروسي عن أوروبا، في حالة استمرارها في ضخ المساعدات المالية والعسكرية إلى أوكرانيا، وفي حالة فرض العقوبات المستمرة على موسكو، وبالفعل، قللت السلطات الروسية، حصة أوروبا من الغاز، وقطعتها نهائيا عن دول أخرى، حتى أن بعض الدول كألمانيا وفرنسا وغيرها من كبار القارة، أعلنوا رفع حالة الطوارئ في بلادهم، وترشيد الاستهلاك، من أجل مواجهة نقص الغاز الروسي.
تلويحات روسيا المتكررة بقطع الغاز نهائيا عن الغرب، حدثت بالفعل، فهل يكون تفجير خطي نورد ستريم 1 و2 بأيدي بوتين، أم أن الولايات المتحدة رأت في تفجيره انتصارا عظيما لها وللغرب.
بايدن يبتسم من بعيد شامتا: نورد ستريم «كارت محروق»
بايدن من بعيد مبتسما، ويقول سرا "ها هو سلاحك يا بوتين، ها هو خط نورد ستريم الذي كنت تلوح بقطع الغاز عن أوروبا، من خلاله، أصبح الآن كالكارت المحروق، فما هو سلاحك المقبل"، فوائد الولايات المتحدة الأمريكية من تفجير خط نورد ستريم متعددة، حتى أن هذا التفجير قد يملأ خزائنها التي أفرغتها حربها الغير مباشرة مع روسيا.
تفجير الولايات المتحدة المحتمل لخط نورد ستريم، يجعلها تقطع شوطا كبيرا في مفاوضات الحرب الروسية الأوكرانية، فالآن سلاح بوتين آألا وهو الغاز، الذي كان يهدد بانقطاعه عن الغرب في حالة استمراره في تقديم المساعدات إلى كييف، أصبح معطلا، والصين والهند الداعمين الأكبر لروسيا في حربها، أعلنوا رغبتهم في انتهاء الحرب، والجيش الأوكراني يحقق مكاسب كبيرة على الأرض.
«الآن فقط يا بوتين يمكنني قولها، حاصرتك وسأفرض عليك التفاوض، حلفائك خانوك يا بوتين، الصين والهند لا رغبة لهم في الحرب، سلاح الغاز قضيت عليه، الدععم الغربي للجيش الأوكراني يجعله يحقق مكاسب ضخمة، فما الذي بوسعك أن تفعله، حتى أن خزائني التي فرغت بداعي تمويل الحرب، ستعود وتمتلء من أموال الغرب، الذين سيتجهون لشراء الغاز الأمريكي»، لعل هذا ما يقوله الآن، إلا أن القيصر الروسي، الذ يحلم بإعادة مجد الاتحاد السوفيتي لم يقف مكتوف الأيدي، حيال تلك التصعيدات.
بوتين: بيدي لا بيد عمر
الاحتمالات الأكبر تشير إلى أن بوتين ورجاله، هم المسؤولين عن تفجير نورد ستريم 1 و2، فهو يعلم تماما مدى احتياج أوروبا للغاز في هذا التوقيت، وهو يعلم تماما ويتذكر جيدا، ما قاله بايدن في خطابا سابقا، أنه في حالة دخول روسيا لأوكرانيا، فلن يكون هناك نورد ستريم، فيتبع بذلك بوتين مقولة بيدي لا بيد عمرو، ويقوم بتعطيل نورد ستريم، قبل أن يعطله عدوه رغما عنه.
فصل الشتاء ها قد بدأ، وأوروبا تنتظر أسخن شتاء لم تتعرض له من قبل، فالأزمات الداخلية تضرب بعد دول الاتحاد، كما أن هناك بعض الدول الكبرى كألمانيا وفرنسا تشير بعض التكهنات إلى خروجها من الاتحاد الأوروبي كبريطانيا، بسبب مطالب شعبية داخلية.
الاحتمال الأكبر الذي يشير إلى مسؤولية بوتين عن تفجير نورد ستريم، يأتي تزامنا مع حلول فصل الشتاء على أوروبا، فهذا الحادث يمثل ضغطا كبيرا على الأوروبيين في الحرب، فانقطاع الغاز عنهم بشكل نهائي قد يكون سببا في إرغامهم على التفاوض السلمي دون أي استعراض للقوى.