اختارت جامعة ديوك الأمريكية كتاب "سلاطين الغلابة" للكاتب والأكاديمي المصري المعاصر الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم مستشار وزارة التضامن الاجتماعي، لتُجرى دراسة نقدية حول محتواه القصصي الذى يشتمل على نحو 16 حكاية تُسلط الضوء على بعض نماذج من الشخصيات المصرية أصحاب المهن التراثية التى نبتت من أرض مصر الطيبة، يربط بينهم نهر النيل الذي شكل وجدانهم وارتبط بثقافتهم وحياتهم.
ونشرت جامعة ديوك على موقعها الإلكتروني قراءة تحليلة للكتاب والتى أكدت أن أسلوب سرد الكاتب للقصص "سكنت فيه تقنيات كتابة متنوعة وأساليب بناء متعددة، وفاح الواقع بتضاريسه المركبة من خلال فقراته حتى لكأنك وأنت تقرؤه تراه رسما وصورة، وتشُم تفاصيله المنبعثة منها رائحة مجتمعات الهامش والقاع بكل ما تكتنزه من طهر ونقاء وأصالة وامتلاء وأزلية وبقاء".
كما وصفت القراءة التحليلة كتاب "سلاطين الغلابة" على أنه "بيان للمستضعفين..المعذبون فى الأرض والمقهورون..الذين هم ملح الأرض، وأولئك الذين احترقوا بملوحتهم ليعطوا الحياة تطهرا من العفن، ويعلمونا بما استقر لديهم من حكمة اصطنعتها قساوة التجربة ومرارة مكابدتها، خلاصات الوجود الاجتماعي والوجود الحضاري لمجتمعات القاع وحكامهم".
وسلطت القراء التحليلة الضوء على حكاية "السقا" وهو واحد من أبناء النهر الذى بدأت رحلته منه وانتهت إليه، وذكرت "إن مادية النيل ورمزيته محليا ووطنيا وإقليميا هي ما سمح لنا بهذا الاستنطاق" مضيفة: "كيف أقام صلاح هاشم هذا التناظر الوجهي بين البساطة والسيادة، محليا ووطنيا وإقليميا، بين الغلابة وهم الأغلبية وبين غير الغلابة الماسكين بقرار توزيع الثروة محليا ووطنيا".
كما أشارت إلى حكاية عم "غتاتة" وهو أيضا واحد من أبناء النهر الذى عاش في واديه الخصب وذاق حلاوة طميه، وقتما كان يتدفق من الجنوب دون سد، لم يتأقلم عم غتاتة مع الواقع الجديد الذى صنعه السد العالي، كما لم يستسغ ما فعله بدخول الكهرباء كل منزل، فلم تكن رؤية عم "غتاتة" رجعية أو تمسكا بأمور بالية قدر ما كانت حنينا للماضى ووفاء لما عاش عليه وخوفا من المجهول الذى يعجز خياله عن استيعابه.
وقالت الدراسة النقدية التى أعدها باحثوا جامعة ديوك الأمريكية: "إن ما خفف عن "عم غتاتة" وطأة حياته البسيطة الرتيبة الموجعة التى تحاول الصمود فى وجه رياح التغيير العاتية سوى جملة من القيم ارتبطت بها وارتبطت به، ومنحته شيئا من القدرة على دس بعض المعنى فى عيشه حتى يكسبه ما يشبه الطعم المستساغ، لتستمر حياته حتى يجىء كتابه".
يحتفى كتاب "سلاطين الغلابة" بالنيل ودوره في حياة المصري على مر العصور، إذ يطرح المؤلف في العمل فلسفته الخاصة عبر ألسنة الشخصيات، ويقدم رسائل عميقة من خلال حكايات أشخاص كل حكاية بمثابة لوحة تعكس إحدى قضايانا المصرية المعاصرة بعقل شخص بسيط لكنه حكيم، لا شىء يميزه سوى حكمته البالغة التي جاءت من تجربته الإنسانية الأليمة وعشقه الدفين للنيل والوطن.
صدر كتاب «سلاطين الغلابة» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهو الكتاب رقم 18 في إصدارات المؤلف والتى من أبرزها: "العدالة والمجتمع المدنى، التنمية والجريمة المعولمة، الحاكم الإله والشعب العابد، الحماية الاجتماعية للفقراء، العدالة والحق فى التنمية، ثورات الجياع: قراءة سوسيولوجية فى تاريخ مصر، الفقراء الجدد: سوسيولوجية القهر والحيلة، نبض الخاطر".
وتجدر الإشارة إلى أن جامعة ديوك من أشهر جامعات العالم، وأقدم جامعة أمريكية تقع في مدينة دورهام بولاية كارولاينا الشمالية، والتى احتلت المرتبة التاسعة على قائمة أفضل الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018، وتم تصنيفها فى الترتيب 20 وفقا لتصنيف التايمز لجامعات التعليم العالي 2021.