أخي العزيز فخامة الرئيس/ سلفا كير ميارديت
رئيس جمهورية جنوب السودان الشقيق
إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم والوفد المرافق لسيادتكم في بلدكم الثاني مصر، متمنياً لكم وللوفد المرافق إقامة طيبة، وأود في تلك المناسبة أن أعرب عن عميق اعتزازي بما يجمع بلدينا من علاقات أخوية واستراتيجية راسخة على مختلف الأصعدة، استناداً إلى إرادة سياسية مشتركة للحفاظ على تلك العلاقات بل وتعزيزها في الفترة المقبلة.
لقد أجريت مع أخي الرئيس مباحثات ثنائية مكثفة، تناولت سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، وما شهدته العلاقات بين البلدين خلال الفترة الماضية من زخم في شتى مجالات التعاون، حيث تابعنا نتائج انعقاد الدورة الأولى للجنة العليا المشتركة بالقاهرة في شهر يوليو ٢٠٢١، وما أتاحته من فرصة للتنسيق والتشاور، إضافة إلى ما تمخضت عنه من اتفاقيات تم توقيعها بين الجانبين في مجالي الري وتنمية التجارة والصناعة، واتفقنا على أهمية الحفاظ على دورية انعقاد أعمال اللجنة خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى متابعة المشاورات السياسية المستمرة بين وزارتي الخارجية.
وقد توافقنا أيضاً على أهمية إعطاء دفعة تنفيذية للانطلاق بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق رحبة للتعاون الثنائي، وذلك من خلال زيادة معدلات التبادل التجاري بين البلدين، وزيادة الاستثمارات المصرية في جنوب السودان، وتيسير نفاذ الصادرات المصرية إليها، فضلاً عن تكثيف التعاون في مجال بناء القدرات من خلال البرامج التدريبية التي تقدمها مصر في المجالات المختلفة، إلى جانب إحياء عدد من المشروعات المصرية المتواجدة في جنوب السودان وتدشين مشروعات جديدة، فضلاً عن زيادة عدد المنح التعليمية المقدمة لأبناء جنوب السودان للدراسة في الجامعات المصرية، وتقديم مزيد من التسهيلات لهم، وكذا العمل على إعادة تأهيل محطات الكهرباء المصرية في جنوب السودان.
وفي هذا الإطار، فقد أعدت التأكيد خلال المباحثات على أن مصر ستظل سنداً قوياً للأشقاء في جنوب السودان، وستواصل جهودها في دعم كافة سبل تعزيز السلام والاستقرار والتنمية هناك، وستستمر في العمل على مساندة الجهود الجنوب سودانية الوطنية الرامية إلى ترسيخ دعائم السلام والاستقرار الداخلي، وبما يفتح آفاق التنمية والرخاء لجموع الشعب الجنوب سوداني، ويحفظ هياكل ومؤسسات الدولة ومقدراتها، وذلك للاستمرار في مسار تثبيت السلام وتحقيق التنمية ومعالجة جذور التحديات الماثلة هناك.
وقد أكدت في هذا الصدد دعم مصر الكامل لجهود الرئيس سلفا كير من أجل تحقيق السلام في البلاد، وللجهود المبذولة من قبل مختلف الأطراف للمضي قدماً في تنفيذ استحقاقات المرحلة الانتقالية طبقاً لاتفاق السلام المنشط.
كما تبادلنا وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها التطورات الجارية في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، وكيفية العمل على احتواء تداعياتها المحتملة على باقي دول المنطقة. وتوافقنا على استمرار التنسيق المشترك بما يحقق أمن واستقرار المنطقة، ويحافظ على مصالح شعوب الإقليم في إطار من المسئولية والمصلحة المشتركة.
كما تطرقت المباحثات إلى مختلف الجوانب ذات الصلة بموضوعات مياه النيل، والتنسيق القائم والمستمر بين البلدين في هذا الشأن، إلى جانب استعراض التطورات الجارية في قضية سد النهضة، حيث أعدت التأكيد على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك استناداً إلى قواعد القانون الدولي ومخرجات مجلس الأمن في هذا الشأن، وهو الأمر الذي من شأنه تعزيز الاستقرار بالمنطقة ككل، ويفتح أفق التعاون بين دول حوض النيل.
فخامة الرئيس/ سلفا كير أسعدني لقاؤكم اليوم، وما عكسه من تقارب في رؤى البلدين حيال مجمل القضايا، وهو أمر يعد سمة مميزة للعلاقات الوطيدة التي تجمع بلدينا، وإنني أتطلع لمزيد من التعاون بشكل وثيق لما فيه المصلحة المشتركة، وأتمنى لجنوب السودان كل الخير والاستقرار، وأجدد ترحيبي بكم والوفد المرافق لفخامتكم في بلدكم الثاني مصر.