استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، العدد الثاني من تقرير "توجهات مستقبلية" الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، بعنوان "سلاسل القيمة العالمية: مصر والتحولات في آفاق التجارة العالمية"، بهدف الوقوف على التوجهات المستقبلية في مجال التجارة وسلاسل القيمة العالمية، وموقف مصر من الاستعداد للتطورات الحالية والمستقبلية بما يعزز الجهود الحكومية المبذولة في هذا الإتجاه.
من جانبه، أوضح أسامة الجوهري، مساعد رئيس الوزراء، القائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، أن الاقتصاد العالمي شهد خلال العقدين الأخيرين اتجاهاً متزايداً نحو تجزئة الإنتاج عبر مراحل عديدة عالمياً، بحيث تتشارك العديد من الدول والشركات في توليد المنتج النهائي عن طريق سلاسل القيمة العالمية، لتصير عملية الانتاج تكاملية، تتم عبر الحدود.
وأوضح أن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO توصلت إلى تعريف "سلاسل القيمة العالمية" على أنها "كل الأنشطة المقدمة للمستهلك النهائي، سواء التصميم أو الإنتاج، أو التسويق، أو التوزيع أو الدعم، التي يتم تقسيمها بين شركات وعمال في دول مختلفة، للوصول بالمنتج من كونه فكرة أو تصورا إلى شكله النهائي وما بعد ذلك".
وأشار الجوهري، إلى أن مشاركة الدول في سلاسل القيمة العالمية تعتمد على عوامل عديدة، منها: الجغرافيا وحجم السوق، وسياسات التجارة والاستثمار، وجودة الخدمات اللوجستية، والجمارك، وحماية الملكية الفكرية والبنية التحتية، والمؤسسات، وبالتالي فهى تعتمد على مزايا اقتصادية وديموغرافية، وطبيعية للدولة، كما تعتمد على جودة السياسات العامة.
وأكد الجوهري أن سلاسل القيمة تساهم في تعزيز فرص الاستثمار، وتحسين نمو وتنافسية الاقتصادات النامية وخفض الفقر، إلى جانب تحسين الإنتاج والبنية التحتية، وخفض تكلفة الإنتاج وإزالة الحواجز الجمركية، والتحول من استراتيجيات التنمية القائمة على إحلال الواردات إلى تلك الموجهة للتصدير، كما تسهم المشاركة في سلاسل القيمة العالمية في رفع مستويات الكفاءة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واندماج تلك المؤسسات في سلاسل القيمة العالمية يعد وسيلة للتعلم والارتقاء وتعظيم المكاسب، والنفاذ إلى أسواق جديدة وتحقيق معايير الجودة العالمية.
وتابع: "التقدم التقني السريع الذي شهده العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أدى إلى تطور سلاسل القيمة العالمية بصورة ملحوظة، حيث تشكل حالياً 50% من حجم التجارة العالمية، وفق تقديرات البنك الدولي، وتأتي المشاركة الأكبر من الدول التي لديها أنشطة ابتكارية وانتاج سلع وخدمات متقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي، وتأتي مصر ضمن فئة الدول ذات الإسهام المتوسط في سلاسل القيمة العالمية، من خلال السلع الأولية، وتعمل الحكومة على تعزيز المشاركة في مراحل أكثر تقدماً من عملية الإنتاج والتصنيع".
وبالتركيز على مشاركة مصر في سلاسل القيمة العالمية، أكد مساعد رئيس الوزراء، القائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن هذه المشاركة تتجه نحو التزايد، حيث قدرت المشاركة بنحو 11 مليون دولار خلال عام 2018.
وأوضح أن المؤشرات المؤثرة على مشاركة مصر في سلاسل القيمة العالمية، تضمنت مؤشر مدة انتظار السفن في الموانئ، وتشغل مصر فيه المرتبة الثامنة عربياً، بمتوسط 34.6 ساعة، وسط جهود وفرص لتحسين ترتيب مصر في هذا المجال، عبر تحسين القدرة التنافسية للموانئ من خلال إحداث التحول الرقمي لتسهيل الإجراءات الإدارية والتخليص الجمركي، ورفع كفاءة العاملين بالموانئ . وكان المؤشر الآخر هو مؤشر الأداء اللوجستي، وتشغل مصر فيه المرتبة الثالثة إفريقياً، وتهدف مصر وفقاً لرؤية 2030 الى زيادة قدرة المناولة للموانئ من 120 مليون طن لتصبح 370 مليون طن بحلول عام 2030، عبر بناء محطات الموانئ من قبل هيئة موانئ البحر الأحمر، وتطوير ميناء بورسعيد، وتطوير البنية التحتية لعدد من الموانئ.
وكذلك مؤشر اتصال الخطوط الملاحية المنتظمة، وشغلت مصر المرتبة الأولى إفريقياً والثانية عربياً فيه، بقيمة بلغت 66.7 نقطة في عام 2019، مقارنة بـ 62.38 نقطة في عام 2018، ويعكس ارتفاع قيمة المؤشر سهولة الوصول لنظام الشحن البحري العالمي وبالتالي المشاركة بفاعلية في التجارة الدولية، وجاء تحسن ترتيب مصر نتيجة تحسين خدمات النقل العابر واسع النطاق، وجهود تشغيل الخطوط الملاحية الدولية، واعتبار الموانئ المصرية محطات رئيسية ومركزية لخطوط الشحن البحري العالمية الكبرى، والاستفادة من الموقع الجغرافي والاستثمارات الخاصة من كبار مشغلي الموانئ العالمية وخاصة ميناء بورسعيد الذي يعتبر من أهم موانئ القارة الأفريقية.
وأشار أسامة الجوهري في ختام التقرير إلى أن سلاسل القيمة العالمية تعتبر مستقبل التجارة العالمية، ففي الوقت الراهن أكثر من ثلثي حركة التجارة العالمية يتم عبر تلك السلاسل، بما يحتم على الدول ضرورة تعزيز مشاركتها بها وتحسين طبيعة تلك المشاركة من أجل الحصول على فرص أفضل، لافتاً إلى أن سلاسل القيمة ستؤثر على مستقبل التجارة من خلال توفير فرص جديدة لنمو الدول والشركات، وايجاد فرص أفضل للاستثمار والتكامل الإقليمي والعالمي، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصادات، كما أن الثورة الصناعية الرابعة وما استحدثته من مناخ تكنولوجي متطور قد يسهم في تعزيز فرص الاقتصادات النامية في المشاركة في سلاسل القيمة.