أعرب المشاركون في حفل تأبين الكاتب الصحفي، محمود صلاح مؤسس صحيفة أخبار الحوادث، عن حزنهم لفقدان الصحافة المصرية والعربية، أسطورة مهنية، ومؤسس مدرسة صحافة الجريمة، وقيمة وقامة نادرة التكرار في تاريخ الصحافة.
جاء ذلك خلال أمسية التأبين التي أقامتها لجنة الرعاية الاجتماعية والصحية، برئاسة أيمن عبدالمجيد عضو مجلس النقابة، وحضور لفيف من الزملاء الصحفيين من مختلف الأجيال، وأسرة صلاح.
وقال أيمن عبدالمجيد، أن الأمسية تعظيم لقيمة العطاء والوفاء، لقامة مهنية أثرت الصحافة المصرية، وأسست لمدرسة صحافة الجريمة، ذات البعد الإنساني والرسالة البناءة، مسترشدًا بعدد من المغامرات الصحفية التي خاضها الأستاذ محمود صلاح، وكشفت ثغرات نتج عنها إصلاحات تشريعية، منها تجريم بيع الملابس العسكرية في المحال بعد شراءه زي عسكري وانتحال شخصية ضابط شرطة واستيقاف مواطنين في أكمنة مصطنعة.
وشدد الكاتب الصحفي، أسامة سرايا رئيس تحرير صحيفة الأهرام الأسبق، على أن محمود صلاح مبدع، وصاحب علامة فارقة في تاريخ مهنة الصحافة، امتلك أسلوب إبداعي، وقدرة على الغوص في اعماق القضايا، وتقديمها لمختلف المستويات الفكرية والثقافية، ما جعله بمثابة المتوسط الحسابي لقراء الصحيفة، وضاعف توزيع أخبار اليوم، لدرجة جعلتنا في الأهرام نسعى لاستقطابه للانتقال للأهرام إلا أنه رفض، فكان يعتبر الأخبار بمثابة جنسيته.
وأضاف سرايا، محمود صلاح كان صحفي ملتزم بقيم وأخلاقيات المهنة، التي يجب أن تراعيها الأجيال الحاضرة، مصيفًا الصحافة مهنة تسرق عشاقها، وتوثق تاريخهم المهني، فلا يستطيع كاتب التهرب في المستقبل من مواقفه، حتى بعد رحيله يمكن لمن يأتي بعده من الباحثين أن يظهر مواقفه وتناقضاته من تحليل مسيرة كتاباته.
وقال عمرو حسانين نائب رئيس تحرير المصري اليوم، إن الاستاذ محمود صلاح كان مدرسة في الأخلاق، لا تقل عن قدراته المهنية العظيمة، فكان يتعامل مع تلاميذه كأبنائه، يسأل هل معك فلوس؟، وهو يكلفك بموضوع ميداني، حتى لا تشعر باحتياج.
جمال الشناوي، رئيس تحرير اخبار الحوادث، لم يتمالك نفسه فقد احتبست في عينيه العبرات، وهو يتحدث عن الأستاذ محمود صلاح، معتبرًا أن رحيله خسارة فادحة للمهنة.
محمد يحي عضو مجلس النقابة، أكد على أن الاستاذ محمود صلاح قيمة مهنية وعلامة فارقة في تاريخ الصحافة ومؤسسة أخبار اليوم.
فيما عدد حسين عبدالقادر، نائب رئيس تحرير أخبار اليوم، دروس الأستاذ في كيفية التعامل مع المصادر بكرامة واحترام، مشددًا على أن المصدر إذا "عزم الصحفي على كوب شاي، فعلى الصحفي أن يعزم مصدره هذا في وقت لاحق على الغذاء"، بما يعني الندية في التعامل وعدم قبول منح للحفاظ على كرامة المهنة، وقيمة الصحفي.
المهندس يحي صلاح نجل الراحل، تحدث عن عشق والده لمهنته، وحرصه على قيمها وأدابها، وكيف كان يتوقف عن الحديث او السير ليدون فجأة فكرة مقال أو موضوع صحفي، فكانت الصحافة معه أينما حل، أو ارتحل.
إسراء صلاح نجلة الراحل، روت كيف كان يحث ابنائه على التفوق أينا كانت مهنتهم، بالأخلاص في العمل وبذل الجهد والتفاني ومراعاة الله والضمير، مشيره إلى انه كان لا يقف عند إنجاز صحفي حققه، بل يفكر من اللحظة فيما سيحققه بعد ذلك.
وتحدث ممدوح الصغير، رئيس تحرير أخبار الحوادث السابق، عن ذكرياته مع مدرسة محمود صلاح، معددًا مأثر الاستاذ الراحل مهنيًا واخلاقيًا.
فيما تحدث اللواء أحمد مشهور والد الشهيد إسلام مشهور، الذي تربطه بالراحل علاقة نسب، عن أخلاق محمد صلاح، وإنسانيته وتأثره باستشهاد إسلام وهو يؤدي واجبه في الدفاع عن الوطن وبكاءه عند مرارات جثمان الشهيد الثرى.
وعندها دعا أيمن عبدالمجيد الذي أدار الأمسية للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء مصر وبينهم الشهيد اسلام مشهور، وعلى روح فقيد الصحافة.
حسين الزناتي عضو مجلس النقابة، دعا للاستفادة من مدرسة محمود صلاح، معتبرًا أنه موهبة نادرة التكرار.
ومن جيل الشباب تحدث أيمن فاروق الذي اجرى أخر حوار مع الراحل قبل أسابيع من رحيله، عن نصائحه للشباب أن يهتموا بالعمل الميداني وتدقيق المعلومات والصياغات الأدبية، وعن أول حوار أجراه الراحل مع أحد السجناء، وكيف أعطاه مرتبة بعد أن شعر أن السجين في احتياج لهذا المال.
وفِي كلمته دعا يسري البدري نائب رئيس تحرير المصري اليوم، إلى تاسيس جائزة لصحافة الجريمة بنقابة الصحفيين، باسم محمود صلاح، وهو ما ايده أعضاء المجلس المتواجدين، وأكد عبدالمجيد أنه سينقل ذلك الاقتراح لمجلس النقابة، لإقرارة- إن شاء الله- فيما أكد الاستاذ اسامة سرايا أنه وزملاء الراحل من دفعته هم من سيمولون القيمة المالية للجائزة.
وتحدث الكاتب للصحفي شريف رياض عن ضرورة ترسيخ القيم المهنية لجيل الرواد في نفوس شباب المهنة.
فيما عددت الزميلة نبيلة مراد، القيم والأخلاقيات المهنية التي كان يغرسها الراحل في نفوس تلاميذه من جيل لشباب.
فلم تكن تلك الأمسية سوى مظاهرة حب من مختلف الأجيال، للراحل محمود صلاح، فقد رحل بجسده بينما أثره باقً، في مختلف الأجيال التي تواجدت في الأمسية.
وفِي نهاية الأمسية قدم عبدالمجيد درع من نقابة الصحفيين تقديرًا للراحل ودوره، داعيًا لتوثيق أهم أعماله في كتاب، لتستفيد منها أجيال شباب الصحفيين المتعاقبة.