منذ يوم 9 من أكتوبر الجاري والأوضاع في الشمال الشرقي من سوريا على صفيح ساخن، فقرر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تنفيذ وعيده وهو بدء عملية عسكرية جديدة ضد الأكراد تحت مسمى "نبع السلام"، ولم يكترث إلى الضحايا والإصابات ونزوح الأهالي من منازلهم.
وبالفعل غادر أهالي رأس العين وتل أبيض منازلهم ليحتموا في قرى بالحسكة السورية فيما فتحت مستشفيات قامشلي أذرعها لتلقي الجرحى وضحايا القصف.
ومع هذا العدوان التركي، والذي أدانته مصر بشكل فوري وطالبت بعقد جلسة طارئة في جامعة الدول العربية، حرصت جريدة "بلدنا اليوم" على وقوفها وسط الأحداث والإتيان بشهادات موثوقة من قبل سكان المناطق السورية التي قصفها الجيش التركي وسرد بعض المآسي التي طالت العائلات هناك.
وكان أول ما توصلت إليه جريدة "بلدنا اليوم" هو قصة رجل مسن فقد حفيده في قصف تركي على مدينة قامشلي، حيث بلغ الطفل الشهيد محمد يوسف حسين (12عامًا) وأخته التي بترت ساقها (7 أعوام) فيما لقيت إمرأة تبلغ من العمر (60 عامًا).
الجد الحزين..
يروي الجد حكاية فقد حفيده قائلا:" كانت الساعة الثالثة وربع وسمعت صوت الانفجار وكنت أجلس في الصالون، فخرجت لكي أرى ما يحدث ووجدتها صوت قذيفة أتت من جهة اليسار أي من صوب تركيا لعندنا".
وتابع الجد :" خرجت فوجد الأطفال على الأرض وإمرأة بجانبهم، هؤلاء الأطفال هم أولا ابنتي، ولد قُتل وكان صدره مفتوح جراء القذيفة وبنت رجلها مبتورة، حملتها وركضت لكي أبحث عن سيارة لكي تنقلنا لمستشفى، لكن فقدنا الولد".
وأضاف الجد:"عند وصولنا للمستشفى أعطونا شهادة وفاة للولد ودفناة أما البنت فقطعوا رجلها والرجل الثانية مكسورة، أما أخوهم الثالث فأصيب بشاظية في عينه".
وبصوت مكسور قال الجد:" لا نعرف ما الحل ولا إلى أين نذهب، لا يوجد أي نقطة عسكرية ولا شئ أرجوكم "شوفلنا" حل، أي مكان مدني عام، افتحوا لنا ملاجئ وخلصونا".
وأكد الجد أن السيدة المتوفية إلى جانب حفيده الفيد وحفيدته المصابة هي جارة لهم في نفس المكان المعرض للقصف".
ايفان حسيب: تركيا تعاني من العقدة الكُردية
وفي السياق ذاته، أبدى الصحفي الكردي السوري، إيفان حسيب، وهو أحد الشهود العيان والمتواجد في رأس العين السورية والتي طالها العدوان رأيه في العدوان التركي على الأراضي السورية، قائلًا:"إن الحرب التركية التي تستهدف في ظاهرها حزب العمال الكردستاني وفي عمقها تغيير التركيبة السكانية في مدن وبلدات كردستان سوريا على امتداد الشريط الحدودي بهدف تبديد أي حلم كردي في إقليم فيدرالي أو حكم ذاتي بغض النظر عن الطرف السياسي أو الجهة التي تقوم على إنشائه".
وتابع الصحفي الكردي:"منذ أكثر من قرن، تعاني تركيا من العقدة الكُردية وترى في كل من يدعو إلى الحق الكوردي خطرًا يجب القضاء عليه، وقد ظهر ذلك جليًا في الانتهاكات التي مارسها الجيش التركي والفصائل الموالية له بحق الكُرد في عفرين منذ أكثر من 18 شهراً".
وعند سؤاله عن تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن الأكراد، فقال حسيب:"أمريكا كدولة لم تتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والأكراد ولكن دونالد ترامب هو الرئيس وهو الذي تخلى عن قسد، واعتقد أن العلاقة بين قسد والتحالف الدولي وأمريكا منذ البداية لم تكن استراتيجية وأتت في إطار محاربة تنظيم داعش، أي أن الإدارة الذاتية كانت تتلقى المال والسلاح فيما لم تتلقى أي دعم سياسي أمريكي أو خليجي حتى أنه لم يتم تمثيلها في جنيف واللجنة الدستورية رغم سيطرتها على مساحة تقدر بأكثر من 30% من الأراضي السورية".
وعند طرح سؤال ما إذا كان ما قاله الرئيس الأمريكي، ترامب، من الانسحاب من سوريا هو مجرد شو إعلامي، فأجاب "حسيب" :"أمريكا لم تنسحب ولا تزال متواجدة في المنطقة ولها قواعد بمدن عين عيسى وكوباني والشدادي جنوب الحسكة، ولذلك فموضوع داعش والمخيمات والأسرى هو تحت السيطرة، ولكن انشغال قسد بالهجوم التركي قد يعني فرصة ذهبية لخلايا التنظيم في الرقة ودير الزور لتنشط ومن الممكن أن تعيد تنظيم نفسها في حال تدهور الوضع بشكل أكبر".
وعن أوضاع النازحين، فأوضح حسيب أن عملية النزوح قد بدأت قبل بدء العملية العسكرية التركية ومع أول غارة تركية على مدينة رأس العين، وأن كافة النازحين من الأهالي قد اتجه إلى عمق الأراضي السورية في مدينتي الحسكة وتل تمر.