عادل إمام الحريف الذي سار فوق صفيح ليواجه الإنس والجن ويقضي على الغول من أجل توصيل رسالة إلى الوالي أنه لا متسول ولا مشبوه ولكنه "الزعيم" الحقيقي بشهادة جماهيره الغفيرة.
يحتفل اليوم العالم العربي جميعا بذكرى مولد النجم عادل إمام صاحب التاريخ الفني المحفور في وجدان الشعوب العربية التي قلدته الزعامة حبا وليس كرها، ولم تأت الزعامة من أعماله الفنية فقط بل من مواقفه الإنسانية التي بثت النور في نفوس البائسين وقصمت ظهر المنافقين مِن مْن حرموا الفن.
جمهور ومحبي عادل إمام اعتاد على الوجه الساطع لنجمهم على الشاشة، بالضحكة الواسعة والحضور المهيمن الذي جعله "الزعيم" بلا منافس.
لكن خلف هذه الشهرة، هناك وجه آخر أقل ظهورًا، جانب إنساني ظهر في دعمه وسنده للكثير من الفنانين، حتى أولئك الذين ربما نافسوه على مكانة أو جماهيرية.
وفي هذا التقرير نكشف عن المخفي في شخصية "الزعيم"، كيف سند ودعم لزملائه في رحلتهم الفنية والحياتية وكيف وقف في وجه طيور الظلام.
عادل إمام الداعم بلا مصالح
لسنوات ظل دعمه للفنانين الجدد ومتابعة أعمالهم ودعمهم في أشد الأوقات قسوة عليهم مخفيا عن الجماهير ولم نكتشفه إلا بعد أن أفصح الممثلين بأنفسهم، فتجده يتصل بماجد الكدواني بعد سقوط أول أفلامه "جاي في السريع" ليشد من أزره ويعزز من ثقته في نفسه كممثل من طراز فريد.
ويدعم الفنان سليمان عيد توقف عمله في مسرحية جوز ولوز واحتياجه الشديد للمال لسد ديون زواجه، فيمنحه مشهد بمسرحيته الجديدة قبل يوم واحد من بدء عرضها مقابل 1500 جنيه ما يساوي ضعف راتبه حينها.
ويحكي الكاتب الصحفي بلال فضل عن موقف جمعه مع الزعيم عادل إمام في بداية عمله بالصحافة والإعلام، حين طلب منه التصوير لمحطة ART الفضائية، فوافق الزعيم دعما للشاب المجتهد ولكنه اشترط أن يكون بلال المحاور وأن يجرى التصوير على أريكة يجلس كلاهما عليها والسبب في ذلك كما ذكر فضل أن لا يتمكن مقص المونتاج من حذف الصحفي الشاب من اللقاء.
ولا يغفل أحد مساندته المستمرة للوجوه الجديدة ولجيل المضحكون الجدد الذين تزعموا صحوة السينما المصرية في نهاية التسعينيات مثل محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأحمد آدم وأشرف عبد الباقي.
عادل إمام محارب المنافقين
عادل إمام محارب لم يخشى سطوة طيور الظلام ونفوذهم بل تصدر الصفوف الأولى في معركة الدولة والمجتمع ضد الإرهاب.
حارب التيارات المتطرف التي حرمت كافة أنواع الفنون ولم تراها إلا فسقا وفجورًا، ولم تكن مواقفه ضد مدعين امتلاك الحقيقة المطلقة من التيارات الإسلامية متاجرة بقضية شغلت الأمة منذ أمد بعيد بحثا عن هوية بل إيمانا بخطرهم على مصر منارة الفنون.
بل جاءت من ابن بلد قضى طفولته بالسيدة زينيب وتشكل وعيه في معية نخبة من كتابها ومثقفيها مثل محمود السعدني ويوسف إدريس وعبد الرحمن الخميسي وعادل حمودة وغيرهم.
عادل إمام أخطر وأشرس عدو للجماعات المتطرفة على مدار مشواره الفني، لذلك استباحوا عرضه ودمه وحرضوا عليه العامة والخاصة، ولأنه ببساطة وصدق فنه استطاع كشف زيف ابتساماتهم السمجة وفضح قسوة قلوبهم على المختلفين عنهم؛ فذهبت أقوالهم وأفعالهم سُدىً.
لم يخشى إمام من تهديداتهم ولا فتواهم بل تحدى الإرهاب في أسيوط حيث تمركزت الجماعة الإسلامية المتطرفة؛ فذهب بفرقته المسرحية كاملة لعرض مسرحية "الواد سيد الشغال" وصرح حينها أن قدومه إلى أسيوط لا يحمل تحدي لأي شخص ولا تملق لأي سلطة وإنما دفاعا عن الفن الذي يعتبره ضمير الأمة الناضج.
وتحتل علاقته مع المفكر الشهيد فرج فودة مساحة مميزة من مشواره في التعريض والتشهير بممارسات جماعات الإسلام السياسي، فالاثنان اجتمعا سويا في لحظة فارقة في مطلع التسعينيات لمواجهة المد الديني المتطرف، إمام بفنه وفودة بقلمه. الزعيم عادل إمام مع فرج فودة

