قال د. رائد حلس، الباحث ومختص في الشأن الاقتصادي، إن غزة تعيش واحدة من أحلك فصول معاناتها تحت حصار خانق فرضه الاحتلال الإسرائيلي.
رائد حلس: تجويع أهل غزة سلاح إبادة في ظل انهيار اقتصادي شامل
ويواجه أكثر من مليوني فلسطيني سياسة تجويع ممنهجة تهدف إلى كسر إرادتهم وفرض واقع كارثي عليهم منذ 2 مارس الماضي، صعّد الاحتلال من عدوانه عبر إغلاق المعابر ومنع دخول الماء والغذاء والدواء والإمدادات الطبية، مما دفع القطاع إلى حافة المجاعة وسط صمت دولي يرقى إلى التواطؤ.
وأضاف حلس في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن استخدام التجويع كسلاح ليس بالأمر الجديد، لكنه بلغ مستويات غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، فالاحتلال يتجاهل كافة القوانين والمواثيق الدولية التي تجرّم استخدام الغذاء والدواء كوسائل للضغط السياسي أو العسكري، والإغلاق التام للمعابر التجارية والإنسانية أدى إلى نفاد المخزون الغذائي بالكامل، ما جعل السكان يكافحون للبقاء في ظل أوضاع غير إنسانية، بينما تتفاقم الأزمة يومًا بعد يوم في ظل غياب أي حلول أو تدخلات حقيقية.
وتابع: "على الصعيد الاقتصادي، فرض الحصار واقعًا مأساويًا أدى إلى انهيار شامل، وتوقفت المخابز عن العمل بعد نفاد الدقيق، وأصبحت الأسواق شبه خالية مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات جنونية، ما جعل القدرة الشرائية للمواطنين شبه معدومة، وسط تلاشي مصادر الدخل، وبالتالي لم يعد أمام السكان سوى الاختيار بين الموت جوعًا أو تحت القصف".
وأردف:"ليس ذلك فحسب فالأزمة لم تتوقف عند الأفراد، بل امتدت لتشلّ كافة القطاعات الحيوية، حيث يعاني قطاع الزراعة والصيد من دمار ممنهج بعد منع الصيادين من الإبحار وتجريف الأراضي الزراعية وحرمان المزارعين من المياه والأسمدة، مما أدى إلى انهيار الإنتاج الغذائي المحلي وجعل القطاع يعتمد كليًا على المساعدات الخارجية التي تواجه بدورها عراقيل مستمرة من الاحتلال".
واستكمل حديثه قائلا:" أمام هذا الوضع الكارثي، دخلت غزة فعليًا مرحلة المجاعة، وهو ما أكدته منظمات إنسانية دولية، محذّرة من أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى وفاة آلاف المدنيين، خاصة الأطفال وكبار السن الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، وتتجلى أبعاد هذه الكارثة في الملامح التي تظهر على وجوه الأطفال، وفي العائلات التي تمضي أيامها بحثًا عن لقمة تسد رمقها، بينما تعجز المستشفيات عن استقبال المرضى بسبب النقص الحاد في الإمدادات الطبية".
وتابع:"المفارقة الصادمة أن المجتمع الدولي، الذي يُفترض به حماية حقوق الإنسان والتصدي لجرائم الحرب، يلتزم الصمت المطبق بل ويوفر الغطاء السياسي للاحتلال للاستمرار في جرائمه، هذا الصمت لا يمثل فقط تواطؤًا، بل يشجع الاحتلال على المضي قدمًا في سياساته الوحشية دون خوف من المحاسبة".
وأردف:"الموت جوعًا في غزة ليس مجرد نتيجة لحصار عابر، بل هو جريمة إبادة تُرتكب بدم بارد أمام أعين العالم، إن لم يتحرك الضمير الإنساني بشكل عاجل، فإننا أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة ستظل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي إلى الأبد".