في ظل التحديات والفرص المتلاحقة، تنظر مصر إلى مستقبل مشرق في قطاع الغاز الطبيعي، حيث تتطلع إلى تعزيز مركزها الإقليمي والدولي وتحقيق مكاسب اقتصادية هائلة من استغلال مواردها الطبيعية بشكل أفضل.
تعتبر مصر واحدة من الدول الرئيسية في صناعة الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وتمتلك احتياطيات هائلة تقدر بـ 2.1 تريليون مكعب، مما يجعلها تحتل المرتبة الثالثة في أفريقيا.
من أجل تحقيق أهدافها الاقتصادية والاستراتيجية، تقوم مصر بتكثيف جهودها في استكشاف وتطوير الاحتياطيات الجديدة من الغاز الطبيعي، وتعمل على تطوير التقنيات والعمليات لزيادة كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف.
من الجوانب المهمة لاستراتيجية مصر في هذا المجال هو تعزيز قدرتها على تصدير الغاز الطبيعي عالمياً، حيث تسعى لتوسيع شبكة علاقاتها التجارية والاقتصادية وتوقيع اتفاقيات جديدة مع الدول المستهلكة والمنتجة.
تهدف هذه الجهود إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي ودولي رئيسي لصناعة الغاز الطبيعي، وتحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية للبلاد وللمنطقة بشكل عام.
في البداية تقول النائبة نشوي الديب عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب، إن مصر تتميز بقوتها في قطاع الطاقة، وتبذل جهود كبيرة في تعزيز دورها في إنتاج الغاز الطبيعي وتصديره عالميًا، وذلك بهدف تعزيز مركزها الإقليمي والدولي في هذا القطاع الحيوي،و تهدف مصر أيضًا إلى تكثيف الجهود المبذولة للاستكشاف الاحتياطي من الغاز الطبيعي، الذي يقدر بحوالي 2.1 تريليون مكعب وفقًا للإحصائيات الأخيرة.
واضافت" الديب"، مصر تعد واحدة من أكبر دول العالم المنتجة والمصدرة للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، حيث تمتلك مصر احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في حقولها البحرية والبرية،وتعتبر صناعة الغاز الطبيعي من أهم قطاعات الاقتصاد المصري، حيث تسهم بشكل كبير في توفير الطاقة المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد.
وتابعت: تهدف استراتيجية مصر الجديدة في مجال الغاز الطبيعي إلى زيادة الإنتاج وتنويع الأسواق المستهدفة للتصدير، وتوفير العملات الأجنبية،وقد حققت مصر نجاحًا كبيرًا في زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي خلال السنوات الأخيرة، حيث تم تطوير حقول جديدة وتحسين البنية التحتية لصناعة الغاز، وبفضل هذه الجهود، تمكنت مصر من تحقيق نمو ملحوظ في صادراتها من الغاز الطبيعي إلى عدة دول حول العالم.
واستطردت: وبفضل احتياطاتها الهائلة من الغاز الطبيعي، تحتل مصر المرتبة الثالثة في قارة أفريقيا من حيث الاحتياطيات الغاز الطبيعي، وتعتبر مصر نموذجًا مشرفًا في استغلال مواردها الطبيعية بشكل فعال وتحويلها إلى ثروة اقتصادية.
وتعمل مصر على تعزيز مركزها الإقليمي والدولي كمركز رئيسي لتجارة وتصدير الغاز الطبيعي،من خلال تعاونها مع العديد من الشركات العالمية الكبرى في قطاع الطاقة من أجل تطوير البنية التحتية ، كما تسعى مصر لتعزيز الشراكات الدولية في مجال الغاز الطبيعي، من خلال توقيع اتفاقيات تعاون مع الدول والشركات الأخرى لتطوير مشاريع استكشاف وإنتاج الغاز.
واردفت: أن مصر تعتبر جزءًا أساسيًا من مشروعات الغاز الطبيعي الإقليمية، مثل مشروع "الغاز الطبيعي المسال" الذي يهدف إلى تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الدول الأوروبية، وتعمل مصر أيضًا على تطوير مشروعات استثمارية في البنية التحتية للغاز الطبيعي، مثل إنشاء محطات للغاز الطبيعي المسال وأنابيب نقل الغاز.
واختتمت كلامها متوقعة أن يستمر دور مصر المحوري في إنتاج الغاز الطبيعي وتصديره عالميًا في المستقبل،وفي تكثيف الجهود في استكشاف الاحتياطيات الغازية الكبيرة، يمكن أن تزيد مصر من حصتها في سوق الغاز الطبيعي العالمية، ومن خلال استثماراتها في تطوير البنية التحتية والتكنولوجيا، ستكون مصر على استعداد لتلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي وتعزيز دورها الإقليمي والدولي في هذا القطاع.
ومن جهتها تؤكد الدكتورة وفاء علي أستاذة الاقتصاد والطاقة، إن مصر ماضية في تحقيق حلمها كمركز عالمي لتداول الطاقة ، فالعمل لا يتوقف والاحلام كبيرة و الانجازات لا تخطئها عين، ولذلك سعت مصر على تنمية و استغلال ما لديها من ثروات طبيعية ومن بلد يكافح من اجل تدبير نفقات استيراد الغاز إلى بلد مصدر و لاعب اساسي على المسرح الجيوسياسي العالمي ،واصبحت دولة مؤثرة ،ولذلك سعت الدولة بعد رحلة شاقة من العجز والاستيراد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى فى ٢٠١٨ والانطلاق نحو حجز مقعد مبكر في نادى الكبار للطاقة .
وأضافت وفاء علي، بأن الغاز الطبيعي أصبح عاملاً مهماً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً على المستوى الإقليمي والدولي. ولقد أدى هذا التحول إلى تغيير قواعد اللعبة الدولية، وأصبحت مصر نقطة جديدة في سوق الغاز العالمي. وتم تحسين تصنيف مصر في إنتاج الغاز الطبيعي من المركز الرابع عشر عالمياً إلى المركز الثاني عشر، وهو الآن في المركز الثالث في إفريقيا خلال فترة زمنية قصيرة حققت خلالها تقدماً ملحوظاً.
وتابعت: لقد وضعت مصر نصب أعينها خطة طموحه للتحول الى مركز اقليمي للطاقة و تواصل طريقها نحو العالمية ودخول قائمة اكبر موردى الغاز المسال للأسواق الكبرى و المساهمة فى تأمين احتياجات الاسواق العالمية خصوصاً مع تنامي الطلب فى الاسواق الأوربية على الغاز المسال.
واستكملت: ومنذ تولي الرئيس السيسي منصب الرئاسة، تم إيلاء اهتمام كبير لهذا القطاع الحيوي من قبل القيادة السياسية، وبفضل هذا الاهتمام، استعادت مصر المكانة التي تستحقها حقًا في صناعة الغاز الطبيعي، وتحولت مصر من دولة تعاني من عجز شهري وتضطر لاستيراد الغاز بقيمة 3 مليارات دولار إلى دولة تحقق فائضًا وتزيد من معدلات صادراتها من الغاز الطبيعي إلى حوالي 9.27 مليار دولار خلال العام المالي 21/22، وهذا يعد زيادة تزيد عن 13 ضعفًا منذ عام 2014 حتى الآن، وقد تضاعفت الإنتاجية أيضًا لتصل إلى 69.2 مليار متر مكعب خلال العام الماضي.
وبعد تحقيق نجاح مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي في عام 2018 وبناء البنية التحتية القوية، بالإضافة إلى وجود محطات الاستخلاص البحرية المتصلة بالبحر الأبيض المتوسط والموانئ القوية التي تمكنها من القيام بهذا الدور، ووحدات نقل الغاز الجاهزة، أدركت مصر في وقت مبكر أهمية قضية الطاقة وامتلاك عناصر القوة العسكرية في هذا المجال، ولذلك، قامت مصر بإطلاق استراتيجية تهدف إلى جذب استثمارات في مجال البحث والاستكشاف عن الغاز والنفط.
وفي سياق متصل، قامت مصر بترسيم الحدود مع قبرص في عام 2014، ومع السعودية في عام 2016، وتم أيضًا ترسيم الحدود مع قبرص واليونان في عام 2020، و قامت أيضًا بتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات، حيث بلغ عددها 119 اتفاقية بقيمة تقدر بحوالي 22 مليار دولار، بالإضافة إلى 300 مليون دولار لأعمال البحث والاستكشاف وتأكيد الاحتياطيات المرجحة سواء في البحر الأبيض المتوسط أو البحر الأحمر.
وحققت صادرات الغاز الطبيعي لمصر رقمًا قياسيًا في عام 2022 بارتفاع يصل إلى 140%، حيث بلغت 8 ملايين طن ما يعادل 8.4 مليار دولار، ومنذ بداية عام 2023، شهدت المؤشرات ارتفاعًا في صادرات الغاز، حيث وصلت إلى 12 مليار دولار بنهاية نفس العام، وفي الواقع، يؤكد صندوق النقد الدولي أن مصر قادرة على مضاعفة هذا الرقم بفضل المقومات التي تتمتع بها، مشيرًا إلى الإمكانيات الكبيرة التي تتوفر في القطاع الغازي المصري.
واختتمت قائله ،أن مصر بلا شك تعيد بناء الجغرافيا في المنطقة بأكملها وتحقق نجاحات ملموسة في إدارة قطاع الطاقة،حيث أصبحت تمثل نقطة مضيئة في مسيرتها نحو تحقيق العجائب والأحلام المصرية في امتلاك عناصر القوة الشاملة من خلال استغلال الطاقة ولعب دورها كمركز إقليمي للطاقة،وأن اكتشافات الغاز الطبيعي لمصر تضعها في مكانة مهمة في معادلة الطاقة الدولية، وسيظل هذا الملف أحد الأحداث المفصلية والمشرقة في تاريخ صناعة الطاقة، وشهادة على النهج الاستراتيجي المتميز الذي سعت مصر إلى جذب الاستثمارات المباشرة في قطاع البحث والاستكشاف من أجل تحقيق استراتيجية الطاقة المستدامة.