«التنورة» دوائر التجلي والصعـود.. أبعاد فلسفية في الحياة

لا تستطيع النظر إلى راقص التنورة أكثر من ثلاث دقائق، حيث تشعر بعدها بالدوار، فيما تسبب ألوانها الزاهية وحركاتها الدائرية الصعبة في حالة من الدهشة والنشوة في آن واحد معًا، فللتنورة راقصوها المتخصصون، والذين غالبًا ما يرثونها عن آبائهم، حيث يعتبر التدرب عليها في سن مبكر أحد أسباب النجاح فيها.

والتنورة هي رقصة مصرية عريقة ذات أصول صوفية، وتلقى تلك الرقصة رواجًا واسعًا بين السياح العرب والأجانب القاصدين مصر على حد سواء، كما يسعى الكثير من الشباب إلى تعلمها، حيث أصبحت اليوم طقسًا مهمًا من طقوس الاحتفال تؤدى في مناسبات كثيرة.

أبعاد فلسفية

والتنورة رقصة إيقاعية تؤدى بشكل جماعي بحركات دائرية تنبع من کانسي إسلامي صوفي ذات أساس فلسفي، حيث يرى مؤدوها أن الحركة في الكون دائرية، تبدأ من نقطة وتنتهي عند النقطة والسمو ذاتها، ولذا يعكسون هذا المفهوم في رقصتهم فتاتي حركاتهم دائرية وكانهم برسمون بها هالات و مدارات پرسخون بها مفهومهم الفلسفي، فيدورون.

ويدورون كأنهم كواكب سابحة في القضاء ويرجع تاريخ التنورة إلى القرن الثالث عشر، وتشير بعض الدراسات إلى أن الفيلسوف والشاعر التركي الصوفي جلال الدين الرومي هو أول من قدم رقصة الدراويش أو المولوية وهي رقصة روحية دائرية اشتقت منها رقصة التنورة التي اشتهرت بها مصر وأدرجت كتقليد احتفالي، وغالبًا ما تكون الرقصة مرفوقة بالدماء أو الذكر أو المديح أو المواويل الشعبية وأداؤها يكون بالدوران لكن ليس لمجرد الدورات، بل لأن الراقص يرغب في بلوغ مرحلة سامية من الصفاء والتجلي والسمو.

ولا تزال رقصة التنور فية الرقية الدراويش في بعض جوانبها لكنها أضيفت لها الدفوف والفانوس والألوان المزركشة مع الإيقاعات السريعة، لتصبح بذلك فنّا استعراضيًا في مصر يجذب السائحين ومنظمي الحفلات.

مواصفات الراقص

يقول راقص التنورة حاتم أبو سيف (34) عامًا) : إن الراقص يجب أن يتميز بمواصفات معينة، فالوزن يجب أن يتناسب مع الطول، وليس شرطًا أن يكون قصيرًا أو طويلًا، فمن الممكن أن يتميز الراقص بالقدرة على اللف فقط ولكن تمكنه من اللف مع المهارة الحركية بالفوانيس والدفوف تمكنه من تقديم حركات ماهرة.

وعن الأقمشة التي تصنع منها التنورة قال حاتم: تصنع التنورة من قماش عادي مع الشيفون، واللامية ويوجد بداخل التنورة سير دائري عند الأطراف، وهو الذي يسبب تمددها وانفرادها أثناء الدوران، فتقدم شكلًا جماليًا، مشيرًا إلى أن سعر التنورة الواحدة يتراوح بين 1000 و2000 جنيه، ويتوقف السعر على الأقمشة والأشكال، ويوجد حرفيون في منطقة الحسين بالقاهرة يصنعون التنورة والخيامية ومستلزمات الفنون الشعبية.

إقبال من السياح

وعن مدى الإقبال على التنورة قال: يزداد الإقبال على رقص التنورة، وذلك في المناسبات الشعبية، مشيرًا إلى أن السياح ينبهرون برقصة التنورة، وكثيرًا ما يحاولون تجربة الرقص والدوران بها، ومعرفة ماذا سيحدث عند اللف، ولكنهم في معظم الأحيان يسقطون من الدوار، لأنهم غير معتادين عليها. 

التنورة

التنورة