متى تبدأ صلاة التهجد في رمضان؟.. سؤال يشغل ذهن كثير من المسلمين خاصة مع بقاء أقل من ساعة على دخول العشر الأواخر من رمضان.
متى تبدأ صلاة التهجد في رمضان؟
صلاة التهجد سنة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وذلك لما روي عن في الحديث الشريف:«أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى الله صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا».
كما أن صلاة التهجد من الصلوات النافلة التي يفضل قيامها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وخاصة في الجزء الأخير من الليل، وهي صلاة تطوع ليلية سواء في رمضان أو في الأيام العادية وقد تُصلى في المنازل أو المساجد.
وبخصوص سؤال عن صلاة التهجد في رمضان متى تبدأ ومتى تنتهي؟ فقد أكد الدكتور أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنّ صلاة التهجد تكون بعد النوم وأفضل وقت لأدائها هو الثلث الأخير من الليل، مؤكدًا أنّ صلاة التهجد جزء من قيام الليل لكنها أخص منه.
وأوضح أمين الفتوى، خلال حديثه عبر قناة الإفتاء الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ الثلث الأخير من الليل يكون بانقسام الوقت من المغرب إلى الفجر على ثلاثة أوقات حتى يتبين الثلث الأول من الثاني من الثالث، قائلا: «صلاة التهجد ما يميزها عن قيام الليل أنها تكون بعد نوم المسلم نومةً قليلة، ثم يقوم بعدها لصلاة التهجد في منتصف الليل، ويصلي المسلم ركعتين خفيفتين، ثم يصلي ما شاء من الركعات قدر استطاعته؛ لأنّ صلاة التهجد مثل قيام الليل تُصلى ركعتين ركعتين، وبعد الانتهاء من صلاة التهجد يوتر بصلاة ركعة واحدة».
واستشهد أمين الفتوى لما وروى عن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ».
ما الفرق بين صلاة التهجد وقيام الليل؟
كما أوضحت دار الافتاء المصرية على منشورها فيس بوك عن الفرق بين صلاة التهجد وصلاة القيام، موضحة أن صلاة التهجد تكون بعد نوم المسلم نومةً يسيرة، ثم يقوم بعدها للتهجد في منتصف الليل، فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم يصلي بعد ذلك ما شاء من الركعات، وصلاة التهجد مثل قيام الليل تصلى ركعتين ركعتين، ويوتر في آخرها، فعن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ».
يختصّ قيام الليل في شهر رمضان بالعديد من الفضائل والبركات، ومنها ما يأتي: يعلم المسلم أنّ قيام الليل سببٌ لغفران السيّئات، وتجاوُز الزلّات، وإقالة العثرات، وتقبُّل الطاعات، ويفعل ذلك اتِّباعاً لقول الحبيب المصطفى- صلّى الله عليه وسلّم: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
يحرص المسلم على قيام الليل اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي داوم على قيام الليل حتى تشقَّقت قدماه الشريفتان من طول القيام، وقد سألته عائشة -رضي الله عنها- مستغربةً من شدّة حِرصه على قيام الليل، فقالت: (لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).
كما يواظب المسلم في شهر رمضان على التزوُّد من الطاعات، فيجتهد في أداء صلاة النافلة، ويتحيّن الأوقات المباركة ليُصلّي فيها قيام الليل لعلّه يوافق ساعة الاستجابة التي أخبر عنها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ). يتجنّب المسلم أن يكون من أهل الغفلة الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذِكر الله -تعالى-، وأبعدهم عن طاعته، وقد بيَّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك، فقال: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ).
ويُعَدّ قيام الليل من الطرق التي تُهيّئ المسلم ليكون من أصحاب الجنّة، وقد ذكر النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- وَصف غُرف في الجنّة لمَن يقوم في الليل، فقال: (إِنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها من باطِنِها، و باطِنُها من ظَاهِرِها . فقال أبو مالِكٍ الأَشْعَرِيُّ : لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، و أَطْعَمَ الطَّعَامَ، و باتَ قائِمًا و الناسُ نِيامٌ).
ينال المسلم بقيامه الليل الرحمة من الله -تعالى-، وقد دعا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالرحمة لكلٍّ من الزوجين إذا قام أحدهما يصلّي بالليل، ثمّ أيقظ الآخر للصلاة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (رحمَ اللهُ رجلاٌ قامَ من الليلِ فصلَّى وأيْقظَ امرأتَه فصلتْ فإن أبَتْ نضحَ في وجهِها الماءَ, رحم اللهُ امرأةً قامتْ من الليلِ فصلَّت وأيقظتْ زوجَها فصلَّى، فإن أبَى نضحتْ في وجهِه الماءَ). تُعَدّ صلاة الليل من الأمور التي تُربّي النفس الإنسانيّة على إخلاص العبادة والعمل لله -تعالى-؛ فقيام الإنسان وحيداً حيث لا يراه الناس يقطع عنه الرياء، وحبّ السُّمعة والشُّهرة.
كما جعل الله -تعالى- قيام الليل سبيلاً للمسلم حتى يصبح من أهل الإحسان، قال الله -تعالى- في كتابه العزيز مُبيِّناً صفات المُحسِنين: (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). يدلّ قيام الليل على حبّ الله -تعالى- لعبده؛ فالله -تعالى- إذا أحبّ عبداً من عباده سهّل عليه طاعته، وحبَّب إليه عبادته، وشرح صدره للهدى والنور، وقد ذكر الله -تعالى- هذه النعمة التي تفضّل بها على نبيّه، فقال: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)، فمن علامات توفيق العبد أن يشرح الله صدره وقلبه للطاعات، ويكون مقبلاً إليها؛ مُتشوِّقاً إلى أدائها، ومُحافظاً عليها، فيندم ويتألّم إذا فاته نصيبه من قيام الليل؛ لعلمه أنّه حُرِم لذّة الوقوف بين يدَي الله -تعالى-.
يُشير قيام الليل إلى تعلُّق العبد بالدار الآخرة وحبّه لها، وهذا ممّا يستوجب الثناء من الله -تعالى-، قال -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، فالخوف من الله -تعالى-، والرغبة فيما عنده من أعلى منازل العبوديّة، وقد أرشد النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- أمّته إلى أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى-، وذكر منها ركعتَين يُصلّيهما المسلم في ظلمة الليل. يُعَدّ قيام رمضان من خِصال الإيمان التي يبادر المسلم إلى امتثالها؛ احتساباً للأجر من الله -تعالى-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
يبلغ به المسلم منزلة الشهداء والصالحين، وهذا من فضل الله -تعالى- وكرمه على عباده، ففي الحديث أنّ رجلاً أتى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يسأله عن منزلته إن هو أدّى الشهادتَين، وصلّى الصلاة المكتوبة، وأعطى الزكاة، وصام شهر رمضان، وقام ليله، فقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ). تنهى الصلاة المسلم عن اقتراف الفواحش والمنكرات، وهي سبب في البُعد عن المعاصي والآثام، قال -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)، وبها يمحو الله -تعالى- الذنوب والسيِّئات.