من على منصة الأمم المتحدة، فتح رئيس مجلس القيادة اليمني العديد من القضايا الدولية ومن أهمها فتح دفاتر جرائم الحوثي الذي تمثل تهديدا محليا وإقليميا ودوليا.
كما دعا العليمي دول الأعضاء إلى "الالتزام بنظام حظر الأسلحة، ومواجهة النفوذ الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة"، جاء ذلك خلال كلمته أمام الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة .
كما طالب بـــ "منع طهران من تزويد مليشيات الحوثي بالتقنيات العسكرية كالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي تستخدم في ارتكاب أعمال إرهابية بحق المدنيين في بلادنا ودول المنطقة، بما في ذلك زرع ملايين الألغام المحرمة دوليا، واستهداف خطوط الملاحة الدولية في انتهاك صارخ للقانون الدولي".
وكما تحدث العليمي، عن تجارب السلام لليمنيين مع مليشيات الحوثي ودأبها الانقلاب على التوافق الوطني وعن موقف الأسرة الدولية موحدا، إزاء المسألة اليمنية، بدءا بدعم خطة نقل السلطة على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية عام 2011، والشروع في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انتهى في يناير 2014 بمشاركة كافة القوى والمكونات اليمنية بمن فيهم الحوثيون وأفضى إلى وثيقة مرجعية ضامنة للمشاركة الشعبية الواسعة.
لكن هذا الحلم لم يستمر طويلا، وفقا للعليمي، حيث انقلبت مليشيات الحوثي الإرهابية على التوافق الوطني المنبثق عن ذلك الحوار الشامل، وأعاقت طرح مسودة الدستور الجديد للاستفتاء الشعبي، وأطلقت حملة اجتياح واسعة للعاصمة صنعاء ومدن اليمن، ولاحقة رئيس البلاد وحكومة التوافق الوطني إلى عدن، سعيا لاغتياله، وسيطرت على مؤسسات الدولة كأمر واقع، وأعلنت الحرب على دول الجوار والعالم أجمع.
وتابع: "تلك كانت بداية قصة هذه الحرب المدمرة، التي تحولت اليوم إلى مصدر تهديد حقيقي لأمن المنطقة، وخطوط الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة العالمية بأسرها".
ومضى يقول: "لقد أودت هذه الحرب أيها السادة بحياة مئات الآلاف من الأرواح والمصابين في غضون السنوات الماضية، وقذفت بأكثر من 20 مليونا إلى دائرة الجوع، كما شردت مئات الآلاف أيضا عبر الأقطار والقارات، وأكثر من 4 ملايين نازح إلى مخيمات داخلية في ظروف بالغة القسوة، وسحقت سبل العيش وهامشنا الديمقراطية الناشئة".
كما "جلبت الأوبئة والفيضانات المرتبطة بالمتغيرات المناخية سنويا الموت والدمار المكلف مع انهيار شبكة الحماية والرعاية الحكومية، ما جعل خياراتنا لإنقاذ الأرواح محدودة، في ظل تعنت المليشيات الإرهابية، ورفضها كافة المساعي لتحقيق السلام المستدام، والتفرغ لإعادة بناء بلدنا، وتنميته"، طبقا للعليمي.
وكان اليمن بدأ في 7 أبريل الماضي عهدا جديدا قائما على الشراكة والتوافق الوطني بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي و7 أعضاء آخرين كممثلين شرعيين للشعب اليمني وإرادته السياسية بموجب مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبمباركة المجتمع الاقليمي والدولي.
وبحسب العليمي فإن "خيار السلام وإنهاء المعاناة الإنسانية تعد أسمى أهدافه على طريق استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وإعادة العمل بمنظومة الحقوق والحريات، والمواطنة المتساوية، وضمان تمكين المرأة والشباب من صنع مستقبلهم وبناء السلام المنشود".
وأكد عمله على "مدى 6 شهور مضت، بشكل وثيق مع حكومة الكفاءات، والأشقاء في التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والشركاء الإقليميين والدوليين، على برنامج إصلاحات عاجلة لتفعيل المؤسسات، وتحسين الخدمات، وكبح انهيار العملة الوطنية، والسيطرة على الآثار الجانبية للتضخم الحاد، والأزمة الغذائية العالمية".
كما "أعطينا أولوية لبناء المؤسستين الأمنية والعسكرية، وإعادة تشكيل السلطة القضائية، بعد نحو عامين من التوقف، ضمن حزمة من الاستحقاقات المرتبطة بمكافحة الفساد، ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتفعيل أجهزة إنفاذ القانون وتحقيق العدالة، وحماية الحريات العامة، والسلم الاجتماعي".
وأكد رئيس المجلس الرئاسي تمسكه بنهج السلام، وفقا لمرجعيات الحل الشامل للأزمة اليمنية المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وخصوصا القرار 2216، التي تضمن جميعها سلاما مستداما يحفظ للدولة مكانتها، وسلطاتها الحصرية، ومؤسساتها الدستورية، ونظامها الجمهوري.
وجدد التزام المجلس بترسيخ نهج متسق مع ميثاق ومهام الامم المتحدة، وتسهيل عمل وكالاتها الإنسانية، وبعثاتها السياسية، وآلياتها الرقابية ذات الصلة، وضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنساء، ومنع استغلال الأطفال، وتجنيدهم في الأعمال القتالية.
وجدد العليمي استعراض قصة تمرد مليشيات الحوثي منذ اليوم الأول للأزمة اليمنية وخوض تجارب مريرة في رحلة البحث عن السلام، نكث خلاله المتمردون بكافة العهود والالتزامات، بدءا باتفاق السلام والشراكة غداة اجتياحها العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، ومرورا باجتماعات جنيف الأولى والثانية، ومشاورات الكويت، وستوكهولم، وصولا إلى الهدنة القائمة.
وكشف العليمي عن سقوط 300 قتيل يمني، وأكثر من 1000 جريح بخروقات مليشيات الحوثي الإرهابية خلال الهدنة الأممية التي دخلت في 2 أبريل الماضي ولم يتبق من عمرها سوى أسبوع واحد فقط.
وذكر مجلس القيادة الرئاسي، المجتمع الدولي بأن الحكومة المعترف بها التزمت بكافة عناصرها بدءا بتسيير الرحلات التجارية المنتظمة إلى مطار صنعاء، وتسهيل دخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة.
ولفت إلى أن ذلك يأتي سعيا منها لتخفيف المعاناة عن اليمنيين، في حين لا تزال المليشيات الإرهابية تغلق طرق تعز والمحافظات الأخرى، وتتنصل عن دفع رواتب الموظفين والإفراج عن السجناء والمحتجزين، وتبحث عن أي ذريعة لإفشال الهدنة، وإعاقة الجهود الأممية والدولية لتجديدها والبناء عليها في تحقيق السلام الشامل الذي تتطلعون إليه جميعا.
وأكد أن "الهدنة قطعت الشك باليقين من أننا نفتقد في المجلس الرئاسي بالفعل لشريك جاد في صناعة السلام، كما عززت قناعة اليمنيين بصعوبة التهدئة المستدامة دون رادع حاسم مع جماعة طائفية مسلحة".
وكما شدد على أن "السلام بالنسبة لنا أيها السادة هو خيار استراتيجي لا لبس فيه، ويعني ذلك إدراكنا الواعي بصعوبة حكم البلاد دون مشاركة جميع اليمنيين، وفي المقابل عدم القبول بأي جماعة أو تشكيل مسلح لاحتكار القوة، وسلطة إنفاذ القانون، وهذه هي أبسط أسس الدولة التي يستحقها الشعب اليمني كباقي شعوب هذا الكوكب".
وأشار إلى أن القضية الرئيسة بالنسبة لمليشيات الحوثي لفهم السلام لا تتصل بالسيادة كما تزعم وإنما "بضمان مكانة فوق الدولة لقادتها الذين يدعون الاصطفاء الإلهي لحكم البشر، ويتبنون تصدير العنف عبر الحدود، ونهجا عدائيا ضد السلام والتعايش المدني، وغرس الكراهية والتكفير والعداء ضد الآخر".
ولفت إلى أن قادة الحوثي "يرون في السلام غزوا فكريا، وحربا ناعمة، وهي إحدى الحقائق المشتركة بين المليشيات الحوثية، وتنظيمات القاعدة وداعش وبوكو حرام وأخواتها"، وهو ما يجب أن تستوعبه دول العالم.
وعن شعار الدورة الأممية "حلول تحويلية لتحدياتنا المتشابكة"، قال العليمي إنها تتطلب أولا ترسيخ القيم الواضحة لبناء السلام الذي ينشأ نتيجة قيام حكومة مستقرة، وامتلاك رادع حاسم لحماية العملية السياسية، وفتح الطريق أمامها بكل السبل.
وأضاف "أما إذا استمررنا عالقين بين مخاوف من أن استخدام القوة سيقطع الطريق أمام محاولات التهدئة الهشة، وأن التصنيف الإرهابي سيقود إلى كارثة إنسانية، فعلينا إذا البحث عن خيارات بديلة مساوية لقوة ذلك الردع، وليس هناك أفضل من أن يدعم المجتمع الدولي الحكومة الشرعية لتتمكن من الانتصار لقيم الحرية والسلام والتعايش".
وتابع: "بينما ينشغل العالم عن معاناة اليمنيين ببؤر أخرى من التوتر حول العالم، كان معنا أشقاء كرماء على طول المسار في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، ودولة الإمارات، الذين بذلوا دماءهم وأموالهم، وتحملوا مسؤولية الدفاع عن دولة عضو في الأمم المتحدة، نيابة عن المجتمع الدولي، وفتحوا بلدانهم لاستضافة الملايين من أبناء شعبنا المشردين سواء للعمل أو الإقامة أو العلاج والتعليم".
وأكد تلقي مجلس القيادة الرئاسي وحكومة الكفاءات السياسية هذا العام، دعما سخيا من المملكة بمبلغ ملياري دولار، إضافة إلى مليار دولار من دولة الإمارات، فضلا عن دعم سعودي لخطة الاستجابة الإنسانية بمبلغ 300 مليون دولار، وتنفيذ مشاريع خدمية عاجلة لمدينة عدن والمدن الأخرى بقيمة تتجاوز نصف مليار دولار.
ونوه بالتمويلات والتعهدات الإنسانية والإنمائية، من الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، ورغم ذلك ما زالت حجم الفجوة التمويلية تزداد اتساعا، مهددة بإغلاق المزيد من برامج الاغاثة المنقذة للحياة، بما في ذلك الغذاء، والرعاية الصحية.
وفيما أكد أهمية الاستجابة العاجلة لنداء المنظمات الانسانية، دعا للاستثمار في مشروعات مدرة للدخل قابلة للاستدامة، وضخ التعهدات والتمويلات عبر البنك المركزي اليمني في عدن، دعما للعملة الوطنية وأسعار السلع الأساسية التي من شأن تخفض المساهمة في التصدي بشكل أفضل لشبح المجاعة المحدق.
وفي هذا السياق، أعلن العليمي ضم صوته إلى جانب الدول الداعية لضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والارهاب، والقرصنة، ودعم الإجراءات الرامية لمنع انتشار اسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها برنامج ايران النووي، وصواريخها الباليستية، ودورها التخريبي في المنطقة.
كما دعا المجتمع الدولي إلى إدانة التدخلات الإيرانية السافرة بحق اليمن وأمنه واستقراره وتحويله إلى منصة تهديد عبر الحدود، وإخضاعه إلى الجزاءات المفروضة بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالملف اليمني.
وفيما طالب قادة العالم بعدم التباطؤ للحظة واحدة في المهمة الجماعية لإعادة ملايين اليمنيين إلى الحياة، ختم العليمي كلمته بالاستشهاد بقصة ناجٍ من مناطق سيطرة مليشيات الحوثي قائلا إنه "عندما سأله الطبيب عن تاريخ مولده، فرد أنه ولد منذ أسبوعين، أي منذ خروجه من صنعاء".
"لكن قلبه يكاد يتوقف خوفا على أهله وأصدقائه الذين تركهم وراءه هناك"، وفق العليمي.