زار وفد تركي رفيع طرابلس أمس، وكان على رأس الوفد وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، كما ضم وزير الداخلية سليمان صويلو، ورئيس هيئة الأركان العامة يشار غولر، ورئيس جهاز المخابرات الوطنية هاكان فيدان، ورئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن.
والتقى الوفد التركي رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وأعضائه حسين اللافي وموسى الكوني، إضافة إلى لقاءات ثنائية جمعت الوزراء الأتراك مع نظرائهم الليبيين.
وفي السياق، قال النائب سعيد امغيب: "رسائل الغزاة الأتراك للمجتمع الدولي قبل مؤتمر برلين 2 هي: نحن من يسيطر على العاصمة طرابلس، والسلطة التنفيذية الجديدة لا تستطيع أن ترفض ما نطلبه منها وهى تحت حمايتنا، ولن يكون هنالك أي حديث عن إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر إلا بعد موافقتنا وما ينتج عنها في حال موافقتنا يجب أن نضمن أن يكون تابعاً لنا، الطريق الساحلي لن يفتح ولا نعترف بأي وجود للجنة العسكرية المشتركة 5+5".
كلام إمغيب وصف بدقة الوضع في طرابلس، فجميع المؤشرات تدل على أن الحكومة ماضية في تنفيذ المخططات التركية الموضوعة لليبيا، فلا المرتزقة السوريين والقوات التركية تم طردهم، ولا الميليشيات الممولة من قبل الأتراك تم إنهاء وجودها، كما لم يجري حوار مع الجيش الوطني الليبي في إطار توحيد القوات المسلحة تحت راية واحدة في الغرب والشرق الليبي. لذا من غير المستبعد أن تبقى الحكومة الحالية في السلطة لأجل غير مسمى.
وتزامناً مع ما يجري في طرابلس، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن إرسال أنقرة 380 مرتزقاً سورياً جديداً إلى ليبيا في 8 مارس الماضي، مع وجود مجموعات مسلحة أخرى في طريقها إلى ليبيا. وبحسب المرصد، يتواجد في ليبيا الآن نحو 7000 مرتزق موالي لتركيا، بعضهم متواجد لحماية القواعد التركية.
ولعل الإنفلات الأمني الذي تشهده العاصمة طرابلس والمناطق الغربية من ليبيا، بسبب إنتشار الميليشيات المسلحة والمرتزقة، الذين يفرضون قوانينهم الخاصة، ويقومون بممارسات إجرامية عديدة بحق المواطنين، من خطف ونهب وتهريب للبشر والمتاجرة بالمخدرات، إذ يدل على عدم سيطرة الحكومة الجديدة وعلى إنعدام نفوذها في ظل قوة الميليشيات، وأن الحاكم الفعلي على الأرض هو تركيا، المتجاهلة لكل القوانين والأعراف الدولية بأفعالها هذه.
من جهته، أضاف إمغيب في تصريحه: "في تحدي واضح لكل قرارات مجلس الأمن الدولي وكل ما تم التوصل إليه من اتفاقات وتفاهمات أشرفت عليها الأمم المتحدة، يبعث الاتراك بهذه الرسائل بعد زيارتهم المفاجئة للعاصمة طرابلس مقر عمل المجلس الرئاسي والحكومة وبدون أن يُعلموا أحد بموعد هذه الزيارة، الآن يجب علينا التفكير بكل جدية في طريقة لتصحيح مسار المجلس الرئاسي والحكومة، وعلى أبناء الشعب الليبي في كل ربوع الوطن رفض الانتهاك التركي الصريح لسيادة البلاد في وجود سلطة تنفيذية توافقية".
يصف المراقبون للشأن الليبي الوضع في البلاد بالمتردّي والذاهب الى طريق اللاعودة، في حال إستمرت حكومة الدبيبة بالخضوع للأتراك، وعدم تفكيك الميليشيات التي تزعزع إستقرار البلاد بأوامر تركية. ويؤكدون أن الحل يكمن في توحيد الصفوف ودعم الجيش الوطني الليبي في عمليته المتواصلة لإنهاء ظاهرة الميليشيات والمرتزقة، وبالتالي تحقيق إستقلال القرار الليبي عن الأتراك وغيرهم من القوى المتربصة بليبيا.