يزداد المشهد السياسي فى تونس بالصعوبات خلال الفترة الماضية وبالأخص بعد تولي راشد الغنوشي رئاسة مجلس النواب التونسي، لتتلقي بعد ذلك حركة النهضة صفعات متتالية سواء داخل أوساط الحكومة أو تحت قبة البرلمان الذي يرأسه، حيث قام عدد كبير من النواب بتوقيع عريضة لسحب الثقة من الغنوشي، تجاوز عددهم الـ 73 توقيع، وتمريرها الى جلسة عامة للنظر فى أزاحة الغنوشى من مقعده.
ومن ناحية أخرى تلقي وزراء الحكومة ضربة قاضية حيث استقال الفخفاخ وأعفي 6 وزراء تابعين للحركة، وفي أعقاب الإعلان عن اختيار الرئيس التونسي قيس سعيّد للمشيشي لتشكيل الحكومة، برز ما دونته صفحات محسوبة على النهضة على مواقع التواصل، من انتقادات لشخص رئيس الحكومة المكلف.
وتبدو هذه الانتقادات منسجمة مع موقف رئيس حركة النهضة رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي قال إن "المرحلة السياسية تتطلب رجل اقتصاد وليس رجل قانون"، في إشارة إلى المشيشي، المحامي البالغ من العمر 46 عاما، وزير الداخلية في حكومة رئيس الوزراء المستقيل إلياس الفخفاخ.
كما رفض سيف الدين مخلوف رئيس ائتلاف الكرامة المقرب من حركة النهضة، طريقة اختيار المشيشي، قائلا إن "مصير استشارة الأحزاب كان سلة المهملات" في قصر قرطاج.
وبينما يبدو واضحا أن اختيار المشيشي أغضب النهضة وحلفاءها، فقد رحب به عدد من النواب من بينهم حاتم بوبكري الذي وصف رئيس الحكومة المكلف بـ"الرجل المحترم البعيد عن التحزب ودوائر المال والمؤمن بالدور الاجتماعي للدولة"، واعتبر أن اختياره "ينسجم مع الشروط التي وضعها حزبه حركة الشعب لشخصية رئس الحكومة".
فيما رأى النائب ياسين العياري أن المشيشي مطالب بـ"إعادة الثقة للحياة السياسية"، مضيفا أن قادة حركة أمل وعمل، ورغم موقعهم في المعارضة، سيتعاملون مع الحكومة بإيجابية في الرقابة والتشريع والاقتراح.
من جهة أخرى، اعتبر المحلل السياسي سمير عبد الله اختيار المشيشي "مفاجأة سارة"، بالنظر إلى أدائه الناجع خلال الخمسة أشهر التي قضاها على رأس وزارة الداخلية.
وتواجه الأحزاب الآن خيارين لا ثالث لهما، إما منح الثقة لحكومة المشيشي، أو حل البرلمان وإعادة الانتخابات، مع ما يمكن أن تفرزه من نتائج مغايرة للمشهد السياسي الحالي، تصب وفق استطلاعات الرأي في صالح الحزب الدستوري الحر والقائمات المساندة للرئيس قيس سعيّد.
واختار سعيّد، غير المتحزب، وفق ما يمنحه الدستور من صلاحيات رئيس حكومة من خارج الدوائر الحزبية، وأمهله 30 يوما للعودة إليه بتشكيلة حكومته بعد التشاور مع الأحزاب.
ويستنتج مراقبون أن أولويات الحكومة ستكون أمنية إلى جانب الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بالعودة إلى تصريحات سعيّد في أكثر من مناسبة عن "مؤامرات لزعزعة أمن الدولة من الداخل".
ويذهب البعض إلى أن الرئيس التونسي أجاب على انتقادات الغنوشي، الذي قال إن المرحلة تتطلب رجل اقتصاد وليس رجل قانون، بتعيين شخصية أمنية بخلفيات قانونية، في إشارة لمواجهة كل مخاطر زعزعة أمن البلاد.
موضوعات ذات صلة
وزير الخارجية الإماراتي يحذر من خطر كبير يهدد المنطقة العربية بالكامل
مظاهرات حاشدة أمام مقر إقامة نتانياهو