يواصل الرئيس السوري بشار الأسد تنفيذ خططه بوضع يده على ممتلكات ابن خاله رجل الأعمال، رامي مخلوف، وكانت آخر تلك الخطوات، إخضاع إحدى أكبر شركات مخلوف، لما يعرف بالحراسة القضائية.
وقررت محكمة البداية المدنية التجارية الأولى، في العاصمة السورية، الأربعاء الماضي، فرض الحراسة القضائية على شركة "شام" القابضة إحدى أكبر الشركات العائدة لرامي مخلوف المعاقب دولياً على فساده ودعم جيش النظام السوري، طيلة سنوات الحرب السورية.
وبحسب نص القرار الصادر من قضاء الأسد، والذي وصف بمعجّل النفاذ القابل للاستئناف، فإنه تم تعيين حكيم ناصر محفوض، حارسا قضائيا على "شام" القابضة، وبمرتب شهري مقداره خمسة ملايين ليرة سورية، بعد طلب المدعي طلب صفة المستعجل لدعواه، وتقصير مدة الحضور وإبلاغ المدعى عليهم، إلى 24 ساعة فقط.
وكان أحد المساهمين في شركة "شام" القابضة ويدعى أحمد خليل خليل، قد ادعى يوم الأحد الماضي، على الشركة، وعلى نائب رئيس مجلس إدارتها، وسمّاه بالاسم: رامي مخلوف، متهماً إياه بـ"الغش" و"التدليس".
وفي تفاصيل الدعوى المرفوعة من خليل، فإن رامي مخلوف حوّل أموالاً تخص الشركة أصلا، إلى حساب خاص به، من طريق إنشاء شركة وهمية "صورية" باسم "أورنينا".
وفجّر المدعي مفاجأة بمثابة فضيحة مدوية بحق الأسد وابن خاله، بأن مخلوف أنشأ شركة "أورنينا" باسم شخصين يعملان عنده في "البوفيه" وسمّاهما بالاسم: سميع عاقل، وعمار حمده.
وذكر المدعي أن مخلوف، عمد من خلال تأسيس تلك الشركة "الصورية" الوهمية المسجلة باسم اثنين من موظفي "البوفيه" لديه، لتحويل أموال تخص شركة "شام" ومساهميها، إلى حساب تلك الشركة، كي تصبح تلك النقود "في حسابه الشخصي، في النهاية" ولا تدخل في "حساب شركة شام".
وقال المدعي إن الشخصين المسجلة الشركة الوهمية باسمهما، اعترفا بأن الشركة عائدة لهما، وإن المبلغ المذكور في عريضة الدعوى ويبلغ 23 مليون دولار أميركي، قد تم تحويله لحساب تلك الشركة الوهمية وأصبح في حساب رامي مخلوف في النهاية، كما أنهما أقرّا بأنهما من "عمّال البوفيه" لديه.
واستند المدعي أيضا، على قرارات الحجز الاحتياطي التي ألقاها النظام على أموال رامي مخلوف المنقولة وغير المنقولة، فطلب تعيين حارس قضائي في دعواه، على شام القابضة.
وبوضع قضاء الأسد يده على شركة "شام" القابضة يكون رامي مخلوف قد كُفّت يده، عن غالبية نشاطاته المالية والاقتصادية، خاصة بعد قيام الأسد، في شهر يونيو الماضي، بتعيين حارس قضائي على كبرى شركات الاتصالات الخلوية في البلاد، وهي شركة "سيريتل" المملوكة لرامي مخلوف.
وتفجّر الخلاف بين أبناء العائلة الواحدة، بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف، وظهر إلى العلن، منذ شهر أبريل الماضي، عندما بدأ مخلوف بالظهور المصور على حسابه عبر الفيس بوك، وكتابة تدوينات، صعّد فيها من لهجته، متوجها بالتهديد المباشر لنظام الأسد، بزلزلة الأرض، إلا أنه ما لبث أن حذف التدوينة، في وقت لاحق.
ورامي مخلوف، في الأصل، هو واجهة آل الأسد الاقتصادية، منذ سنوات، يدير فيها الأموال المنهوبة من الشعب السوري، مستفيدا من دعم آل الأسد له، بعقد صفقات وإنشاء مشاريع كبرى أوصلت مخلوف لحمل لقب "الأخطبوط" لكثرة ما لديه من استثمارات شملت جميع قطاعات ومؤسسات النظام وباقي الفعاليات الاقتصادية في سوريا.
وبدأت العقوبات الدولية تصيب رامي مخلوف، منذ عام 2008، وقبل اندلاع الثورة السورية بسنوات، إلا أنه لجأ إلى ما سمّي بحركة التفاف، مدعيا تنحيه عن أي عمل اقتصادي وانصرافه إلى ما سماه العمل الخيري، إلا أن الوقائع أثبتت، أن ما قام به، كان مجرد "حيلة" لتخفيف الضغط عن ابن عمته وشريكه في تلك الأموال، بشار الأسد، لحظة اندلاع الثورة السورية عام 2011، وكان من ضمن هتافاتها وشعاراتها أن رامي مخلوف لص وفاسد قد سرق البلاد.
وبحسب نص الدعوى التي أقيمت على مخلوف، وصدور حكم بتعيين حارس قضائي على إحدى أكبر شركاته "شام" القابضة، فإن مخلوف كان يمارس جميع نشاطاته المالية الفاسدة، بعيدا عن الإعلام وبحماية من بشار الأسد ومؤسساته، كالعادة، خاصة أن نص الدعوى أكد أن مخلوف أسس شركة وهمية بُعيد سنة 2015، ليحول إليها أموالا تخض الشركة، فيما تصبح في حسابه الشخصي، بطريقة الاحتيال والتهرب والغش والتدليس، كما جاء في الدعوى.
ومنذ تفجر الخلاف بين الأسد ومخلوف، اتخذ الأسد إجراءات مختلفة للاستيلاء على أمواله، من طريق تفويض زوجة الأسد، أسماء الأخرس، بالملف الاقتصادي في البلاد، والذي تمكنت من خلاله من "الإجهاز" على مخلوف ومحاصرته ماليا وقضائيا. فصدرت قرارات بالحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة، ثم تم منعه من مغادرة البلاد، وقرارات أخرى كثيرة، في سياق سعي الأسد للاستيلاء على أموال "العائلة" المنهوبة من قوت السوريين، ويديرها رامي مخلوف.
ويعاني الأسد من أزمة مالية واقتصادية خانقة، لجأ فيها إلى استعمال أموال "العائلة" التي تم تحويل أرصدة كبيرة منها إلى الخارج، إلا أن مخلوف رفض الاستجابة لحاجة الأسد المالية، ورفض الكشف عن أرصدته في الخارج، وهو "البارع" بالحسابات الوهمية والشركات الصورية، بحسب وثائق الدعوى الأخيرة التي أثبتت تأسيسه شركة باسم اثنين من عمّال "البوفيه" لديه.