تغيرت في "زمن الكورونا" كل تفاصيل حياتنا، ومماتنا أيضا! لم يكن دفن من نحب أمرا سهلا أبدا! لكن الواقع الجديد الذي فرضه انتشار وباء كورونا عالميا زاد الأمر صعوبة وضاعف ألمه.
في السابق كان من يعيشون بعيدا عن عائلاتهم يفكرون في احتمالات وفاة أحد أفراد العائلة وما إذا كانوا سيلحقون مراسم الدفن في الموعد!
لكن أغلبهم الآن متأكد أنه إذا حدث وتوفي أحد أفراد العائلة البعيدة فلن يكون بوسعه السفر للمشاركة في مراسم الدفن أو العزاء أو تقاسم الألم والمواساة مع العائلة.
فأغلب بلدان العالم مغلقة على نفسها، في محاولات حثيثة لاحتواء انتشار الوباء. وأغلقت حتى حدود المدن داخل البلد الواحد.
من بين إجراءات الوقاية التي فرضتها الدول التي تحارب الوباء، منع التجمع حتى لو كان ذلك لدفن ميت.
قبور جماعية وإجراءات دفن استثنائية
دفعت الأعداد الهائلة للموتى بفيروس كورونا دولا مثل الصين وإيران للجوء إلى المقابر الجماعية، وحديثا نيويورك حيث أظهرت صور عمليات دفن جماعية لضحايا الفيروس في جزيرة هارت.
وتتوقع دول كبريطانيا عشرات الآلاف من الموتى بوباء كورونا.
أعداد كهذه تحتاج دعما لخدمات الدفن والخدمات المتعلقة بها. وتحتاج أيضا إلى مساحات واسعة في المقابر التي تعاني ضغطا شديدا أساسا.
وقد يخفف خيار حرق الجثث للذين يتبعون هذا التقليد العبء. لكن ماذا إذا كان الدفن شرطا أساسيا كما في الإسلام واليهودية مثلا؟
بعض القواعد الشرعية للتعامل مع أجساد الموتى في الديانتين الإسلامية واليهودية باتت الآن تشكل تحديا صحيا وأمنيا، إذ تتعارض مع ما يحدو التعامل مع وفيات كورونا من خصوصية.
الأعداد الكبيرة للموتى يوميا فرضت على السلطات الصحية تأخيرا في تسليم الجثث ودفنها بينما تنص الديانتان، الإسلامية واليهودية، على الإسراع في دفن الموتى.
وتنص الشريعة الإسلامية على غسل أجساد الموتى قبل الدفن. وتحت الوضع الراهن يصعب ذلك وقد يستحيل في بعض الحالات.
يطرح الناس يوميا تساؤلات كثيرة حول فيروس كورونا، من بينها: هل يبقى الفيروس موجودا في الجسد بعد موت المصاب؟ وهل يعدي الأحياء؟
أوضحت منظمة الصحة العالمية "أن أجساد الموتى لا تنقل عدوى كوفيد-19 بوجه عام ".
لكنها تدعو إلى اتخاذ تدابير احترازية معينة عند التعامل مع أجساد الموتى بالفيروس.
واتباعا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، نشرت السلطات في كل بلد دليلا لدفن ضحايا وباء كورونا بطريقة صحية تجنب المشاركين في الدفن العدوى.
ويتبع المشاركون في غسل الميت ودفنه إجراءات وقاية محكمة، منها ارتداء الزي الواقي وتعقيم أماكن الدفن ومستلزماته وغيرها.
متطوعون "لإكرام "موتى فيروس كورونا
تبعا لإجراءات السلامة ومكافحة الوباء المفروضة في كثير من الدول، قد يمنع أفراد أسرة الميت من حضور الجنازة والدفن إذا كان يتوجب عليهم العزل الصحي لظهور أعراض الإصابة بفيروس كورونا لديهم.
قد تعني هذه الإجراءات أن يموت أحدهم ولا يجد من يغسله أو يقيم عليه صلاة الجنازة أو يدفنه حتى!
والتعامل مع الجثث وفق إجراءات معينة حددتها السلطات الصحية، تبعا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، يحصر عدد القادرين على هذه المهمة في بضعة أشخاص، قد لا يكفي عملهم على مدار الساعة لغسل مئات الجثث يوميا.
لذا انطلقت مبادرات تدعو من لا يعاني أعراض الإصابة بفيروس كورونا للتطوع لغسل ودفن بعض الموتى الذين لا تستطيع عائلاتهم القيام بذلك.
وشكل أشخاص في مدينة "قم" الإيرانية مجموعة من المتطوعين لغسل جثث الموتى وفقا للشريعة الإسلامية.
وفي بريطانيا كذلك شكل البعض مجموعات تواصل يدعون من خلالها من يستطيع المساعدة في دفن جثث المتوفين وفقا لتعاليم الشريعة، خاصة الذين قد لا يجدون من يدفنهم لغياب العائلة أو التزام أفرادها بالحجر الصحي.
وأطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لإقامة صلاة الغائب على الموتى بشكل فردي.
خوف من جثامين الموتى
رغم توضيح منظمة الصحة الدولية بأن جثث الموتى لا تنقل العدوى، ورغم الإجراءات الاحترازية المفروضة في التعامل مع الجثث، حدث جدل كبير في بعض البلدان، مثل مصر وتونس، حول عمليات الدفن.
في تونس أظهرت مقاطع فيديو رفض السكان دفن جثمان أحد ضحايا فيروس كورونا في المقبرة القريبة من بيوتهم. وواجهوا رجال الأمن والبلدية المكلفين بالمهمة. ورددوا هتافات تطالب بإخراج الجثة بعد دفنها!
ومع تكرار الحادثة، التي واجهت استنكارا شديدا، لوحت السلطات باستخدام القوة وفرض عقوبة على من يعيق سير عمليات الدفن.
موضوعات ذات صلة:-
بكين تعلن تراجع الإصابات بفيروس كورونا المستجد
بـ450 نزيل مصاب.. وحش كورونا يضرب السجون الأمريكية
وفيات كورونا في إسبانيا ترتفع إلى 15843 شخصا