يعتبر محصول البطاطس، واحداً من المحاصيل التي تسجل مصر فيها أرقاماً قياسية على مستوى العالم، فمصر أكبر منتج لهذا المحصول الهام على مستوى أفريقيا، إضافة إلى كونها الرابع عشر على مستوى العالم وخامس أكبر مصدر للمحصول على مستوى العالم، كما تصدر نحو 80% من إجمالى صادراتها إلى كل من "روسيا– دول الاتحاد الأوروبى– الإمارات"، و20% الأخرى لباقي الدول.
.
إلا أن هناك بعض التخوفات قد تشكل تهديداً لتلك الأرقام القياسية التي تتميز بها مصر في ذلك المحصول خلال عروة شهر مايو المقبل، وذلك بعد التخوفات الأخيرة التي أثارتها جمعية منتجي البطاطس على لسان رئيسها أحمد الشربيني.
و وتوقع "الشربيني"، أن تنهار أسعار البطاطس خلال العروة المقرر حصادها شهر مايو المقبل ليتراجع سعر الكيلو من الحقل إلى جنيهان فقط ، بسبب استيراد ما يصل إلى 140 ألف طن من تقاوي البطاطس والتحضير لزراعة مساحات ضخمة تفوق الاحتياجات المحلية والتصدير، مشيراً إلى أن هذه المعطيات ستؤدي إلى انهيار أسعار كبير يكبد المزارعين خسائر ضخمة وسيدفهم إلى العزوف عن الزراعة الموسم العام المقبل وبالتبعية سنشهد انخفاضا في الإنتاجية وارتفاع في الأسعار.
كما طالب الشربيني في تصريحات صحفية، وزارة الزراعة بغلق باب الاستثناءات أمام استيراد تقاوي البطاطس حيث كان من المقرر انتهاء فترة الاستيراد يوم 31 ديسمبر وفقا للقرار الوزاري المنظم لعملية استيراد التقاوي ، حيث لا يستوعب السوق في مصر أكثر من 120 طن تقاوي فقط بينما ما وصل إلى الأن يقترب من 140 ألف طن جزء كبير منهم سيعدم لعدم القدرة على تصريفه وهو ما يعتبر إهدارا للعملة الصعبة في وقت تحتاج فيه مصر إلى النقد الأجنبي بشكل كبير.
"العطار": الكميات المستوردة تكفي المساحات وتخدم الفلاح
من جانبه، أكد الدكتور أحمد العطار رئيس الحجر الزراعي، أن الكميات التي تم استيرادها حتى الآن مناسبة تماماً، وهي الكميات التي يحتاجها الفلاح المصري حتى لا ترتفع أسعار التقاوي، كما ستقلل من تكلفة زراعة الفدان لدى الفلاح.
وأضاف "العطار"، أن ما تم استيراده تحديداً 135 ألف طن تقاوي، منهم طن تم رفضه فالموجود فعلياً 134 ألف طن، وهذا هو الاحتياج الفعلي للسوق المصري، مشيراً إلى أن احتياج السوق يتراوح ما بين 130 ألف إلى 150 ألف طن تقاوي.
وأشار إلى أن الكمية المستوردة بالفعل ستستخدم في زراعة 220 ألف فدان، وهذه هي المساحة التي نمتلكها فعلياً من الأراضي المخصصة لذلك، وإذا تم تقليل هذه الكمية فلن تكون كافية لزراعة هذه المساحة، متسائلا:" هل من المطلوب أن التقاوي المستوردة لا تكفي الزراعة؟".
وأكد أن الحكومة كلها بما فيها وزارة الزراعة والحجر الزراعي، لا دخل لها في الكميات المستوردة، فلا يمكن منع من لديه رغبة في استيراد التقاوي إذا كانت مطابقة للمواصفات، لذلك فإن الكميات المطروحة في السوق تخضع لآلية العرض والطلب، فمن سيستورد ويجد نفسه قد تعرض للخسارة فلن يقدم على تلك الخطوة.
"عطا": استيراد التقاوي شكل أزمة لبعض التجار وما يعنينا هو المزارع
من جانبه، أكد المهندس محمود عطا رئيس الإدارة المركزية للبساتين والحاصلات الزراعية، أنه فيما يتعلق بالكميات المستوردة، فإذا زادت الكميات فسيستفيد المزارع بذلك، فإذا كانت الاحتياجات كما يقال 120 ألف طن وزادت إلى 130 ألف طن فسينخفض السعر ويستفيد المزارع.
وأضاف أنه لا يمكن تخصيص حصص، وتحديد الكمية الأقصى 120 ألف أو 130 ألف طن، فلا يمكن منع من يريد الاستيراد بأن يستورد، مشدداً على الالتزام بالموعد المحدد للاستيراد وهو 31 /12 وهذا من بلد المنشأ، ويمتد حتى منتصف يناير لحين الوصول إلى الحدود المصرية، مؤكداً على عدم تجاوز القرار الوزاري الخاص بالموعد، وستقلل السعر وسيتسفيد المزارع، والوزارة مع مصلحة المزارع وليس مصلحة المستورد.
وأشار إلى أن هذا القرار، شكل إزعاجاً لبعض التجار؛ لأن الكمية زادت عن العام الماضي، وهو كانوا يستفيدون من ذلك؛ لأنهم يدركون أنه كلما زادت الكمية فسيقل السعر، ولكن ما يعنينا هو المزارع، ولكن هذا لا يعني أن الدولة ليست مع التاجر فلا يمكن منعهم من الاستيراد، ولكن لا يمكن لـ5 أو 6 أفراد يحتكرون فقط البطاطس لحسابهم الخاص، فالمجموعة التي كانت تبيع بسعر عالي هي المتضررة من ذلك، كما أنه لا ضرر يقع على جمعية منتجي البطاطس من استيراد كمية أكبر؛ لأنه يقلل السعر ويصب في مصلحة المزارع، ويجب على الجمعية إعادة النظر في حقيقة أن الاستيراد الزائد يضر بمصلحة الفلاح.
وعن حقيقة انخفاض السعر إلى جنيهان للكيلو من الحقل، لفت إلى أن هذا السعر يتراوح ما بين جنيهان إلى 3 جنيهات فلا جديد في ذلك، وهذا لا يتعارض مع مصلحة المزارع مطلقاً.
"أبو صدام": الإدعاء بأن استيراد تقاوي البطاطس يشكل أزمة استغلال من التجار للمزارعين
حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، أكد أن الإدعاء بأن استيراد تقاوي البطاطس يشكل أزمة، الهدف منه زيادة أرباح تجار البطاطس والتقاوي، مؤكداً أن توفير التقاوي بكمية كبير فالأسعار ستكون في المتناول وهامش الربح سيكون معقولاً بالنسبة للتاجر والمزارع، ولكن في حالة قلة التقاوي، فالتجار يحتكرون ويستغلون مزارعي البطاطس، ويرفعون الأسعار والتي وصلت إلى أرقام خيالية العام الماضي.
ووجه "أبو صدام" الشكر لوزارة الزراعة والحجر الزراعي، للسماح باستيراد كميات تقاوي تكون مناسبة حتى لا يستغل التجار المزارعين، مطالباً التاجر المستورد للبطاطس البيع بهامش ربح معقول ولا يتغالى في الأسعار، فهم يحافظون على أرباح معينة لا يريدونها أن تقل عن ذلك، لكن الاستيراد في صالح المزارعين وليس من الصحيح أن تضر المزارع.
وأشار إلى أن وفرة التقاوي، ستساهم في زيادة المزروع من البطاطس أكثر من الذي يتم زراعته، وستساهم بتوفير كميات البطاطس بالسوق وعدم استغلال مزارعي البطاطس.
وشدد على أن مثل هذه التصريحات "تجارية"، تستهدف منع استيراد كميات كبيرة ومناسبة للبطاطس لاستغلال المزارعين، لكن الفلاحين يطالبون دائماً بتوفير كل أنواع التقاوي بكميات مناسبة حتى يكون للمزارع فرصة الاختيار، ففي السابق كان التجاري يحتكرون التقاوي ولم يكن هناك رادعاً لهم، والفلاح عندما يحتاج تقاوي فيشتري بأي سعر موجود.
"متولي": الزراعة المصرية تتسم بالنظرية العنكبوتية وتسير بـطريقة "المخاطر واللا يقين"
الدكتور يحيى متولي، أستاذ الاقتصاد الزراعي، أكد أن الإنتاج إذا زاد في السوق فسيساهم ذلك في زيادة المعروض في السوق، ولكن اقتصاديات السوق تقتضي التوازن بين العرض والطلب، فعندما تزيد الطماطم على سبيل المثال في السوق، فالسعر سينخفض، لذلك فهناك فترة من الفترات لن يستطيع المنتج توزيع المُنتج الخاصة به.
وأشار "متولي" إلى إجرائه دراسة تتعلق بالكفاءة التسويقية للمحاصيل، فتبين من خلال الدراسة عدم وجود كفاءة تسويقية إلا في محصول القمح، أما الأرز والبطاطس والطماطم ليس لهم كفاءة تسويقية تلك التي تساهم في زيادة السعر عن 50%، فهامش ربح محصول البطاطس بالنسبة للمنتج لا يغطي التكلفة بصورة تامة، فمستلزمات الإنتاج من تقاوي وأسمدة ومبيدات مرتفعة على المنتج، بالتالي لا يحقق الربح المناسب.
وأشار إلى أن الزراعة المصرية تتسم بالنظرية العنكبوتية، فهذا العام كلما زاد العرض يقل الطلب ينخفض السعر، والعام القادم إذا قل العرض يزيد الطلب يرتفع السعر، ونظل في هذه الحلقة إلا أن يحدث توازن في السعر.
وتابع:" جمعية منتجي البطاطس لديها تخوف من زيادة المعروض من التقاوي، ولا يحقق المزارع أرباحاً، فيعزف عن الزراعة في العام القادم"، مشيراً إلى أن الزراعة كلها تسير بطريقة "المخاطر واللا يقين"، والتي تعني تخوفنا من المخاطر التي تواجه الإنتاج الزراعي، خصوصاً أننا ليس لدينا وسائل سليمة لتخزين البطاطس.
وشدد على وجود دراسة للتسويق المصري والتصدير، فمحصول القمح كان هناك معاناة في تخزينه قبل ذلك والذي وصل الفاقد فيه إلى 30%، والبطاطس يمكن أن يصل الفاقد إلى تلك النسبة أيضاً، ليس هذا فقط، بل إن المسالك التسويقية فيها احتكارات كثيرة جداً في السوق.
وأشار إلى أن أوروبا تدرس التسويق قبل الإنتاج، فإنتاج البطاطس يستلزم دراسة الحلقات التسويقية التي تحقق ربح بالنسبة للوسطاء وفي نفس الوقت تحقق ربح للمنتج، ففي هذه الحالة نعطي فرصة للمنتج بزيادة إنتاجه في العام وفي نفس الوقت تحقق أرباحاً للوسطاء.