تحولت منطقة الشرق الأوسط لسوق مفتوح لتجارة السلاح، خاصة مع انتشار الحروب الأهلية بالمنطقة، وشحن شعوب البلاد العربية ضد بعضها البعض، وشغلها بالتصارع المسلح على السلطة، حيث تفرق أبناء الشعب الواحد إلى عدة أطراف متصارعة بقوة السلاح، وهذا جعل مبيعات السلاح ذات نسبة عالية، خاصة للدول المصدرة للأسلحة.
في هذا الصدد قال اللواء جمال مظلوم الخبير الاستراتيجي، إنه بجانب التدخل العسكرى المباشر فى الصراعات بالشرق الأوسط، تتدخل الجهات الفاعلة الخارجية أيضا بشكل غير مباشر من خلال مبيعات الأسلحة والمساعدة الأمنية، والتى يمكن أن تبدو وسيلة جذابة للتأثير على ملامح الصراع دون نشر قوات أو القيام بعمل عسكرى، علاوة على ذلك، بالنسبة إلى المصدرين الرئيسيين، بما فى ذلك الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وكذلك روسيا والصين، فإن مبيعات الأسلحة يمكن أن تحقق فوائد اقتصادية كبيرة، وقد أصبحت أولوية دبلوماسية بالإضافة إلى كونها عاملاً فى الثروة السياسية للقادة فى الدول المصدرة.
وأوضح مظلوم أن الشرق الأوسط هو المنطقة الأكثر عسكرة فى العالم، على الرغم من أن عددهم أقل من 6 فى المائة من سكان العالم والمساهمة فى أقل من 5 فى المائة من إجمالى الناتج المحلي، إلا أنه يمثل حوالى ثلث واردات الأسلحة العالمية، أى أكثر من ضعف حصتها مقارنة بفترة السنوات الخمس السابقة، مؤكدا أن فى الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة أكبر مصدر للأسلحة فى العالم، حيث شكلت نحو 34 فى المائة من الإجمالي العالمي، تليها روسيا وفرنسا وألمانيا والصين والمملكة المتحدة، كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الموردين الرئيسيين للمملكة العربية السعودية، فى حين أن الولايات المتحدة وفرنسا زودتا مصر والإمارات العربية المتحدة، لقد قلصت ألمانيا مبيعاتها إلى الدول العربية، رغم أنها لا تزال موردا رئيسيا لإسرائيل.
وأضاف أن نظرية زيادة توفير الأسلحة قد يساعد فى تحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط، أو حتى تحقيق النصر للحلفاء الرئيسيين، لكن هذا خطأ كبير، فإن وحشية حروب الشرق الأوسط المعاصرة تشير إلى أن طوفان الأسلحة هذا قد صب الوقود على النار وجعل الصراعات أطول وأكثر دموية، وذلك يرجع إلى عدة أسباب، أولها أن من المستحيل أن تكون مبيعات الأسلحة للمقاتلين فى الصراع عاملا حاسما، ولكنها تدعو إلى رد فعل مضاد من جانب الدول المتعارضة، وبالتالى تغذى الحروب الأهلية بدلاً من إخمادها، وهذا ما وجدناه فى تغذية إيران للحوثيين بالسلاح، فكان رد فعل دول التحالف هو زيادة الهجمات على الميليشيات الحوثية باليمن، كما ساعد توفير الأسلحة من جانب الولايات المتحدة للمعارضة السورية فى البداية على قلب التوازن ضد الجيش السوري، لكن هذا الدعم نفسه شجع إيران أيضا على تصعيد دعمها، وبمجرد أن أصبح واضحا أن الإدارة الأمريكية لن تتخذ إجراء عسكريا مباشرا ضد القوات المسلحة السورية، انتهزت روسيا فرصة للتدخل وهزيمة هؤلاء المعارضين أنفسهم، وبالتالى تغيير معالمها بشكل حاسم للصراع.
وأشار إلى أن المنطقة الآن أصبحت عالما كبيرا لتجارة الأسلحة من جميع دول العالم، وهذا أعطى الفرصة للكثير من الدول على إشعال نار الفتن والاحتجاجات فى الدول العربية وتسليح الأطراف المتنازعة فى هذه الدول من أجل زيادة مبيعاتها من السلاح أو تجربة نوع جديد من الأسلحة، كما نرى أن أمريكا وروسيا والصين وتركيا وإيران والاتحاد الأوروبي أيضا فى منافسة قوية بمنطقة الشرق الأوسط لعدة مصالح منها نهب الثروات، وكسب حليف بالدول من أجل تأمين مصالحها بالمنطقة.