"بفستان ملطخ بالدماء".. عروس التفجير تُفتش عن أشلاء ذويها بالمستشفيات

الثلاثاء 06 اغسطس 2019 | 12:58 صباحاً
كتب : سارة أبو شادي

أطفأت القاعة أنوارها وهم الجميع للعودة إلى المنزل، احتضنت الفتاة أمها وقبلت يد أبيها، استقلت السيارة مع زوجها وعيناها تودع أسرتها إلى حياتها الجديدة، لم تدر العروس أنّ هذا الوداع هو الآخير، انطلقت السيارة من أمام القاعه، وأسرة العروسين وأصدقائهم في الخلف، كان الطريق مزدحمًا كعادة العاصمة الكبرى في ليالي الصيف، على كوبري المنيل في حوالي الحادية عشر والنصف هنا توقف الزمن، انطفأت أصوات الأغاني وحل محلها الصراخ والعويل، كسى الدماء فستان العروس الأبيض، وتحولت الزفة إلى مأتم.

معهد الأورام

نعمة طارق شوقي عروس عشرينية فقدت للتو أسرتها بالكامل في يوم زفافها، تلك الفتاة التي قدمت عائلتها من قرية ميت حبيب بمحافظة الغربية لتقطن في منطقة البساتين بمحافظة القاهرة، كانت تحلم باليوم الذي ستصبح فيه عروس ترتدي فستانها وتجلس برفقة حبيبها محمد، الشاب الذي يقطن معها بنفس المنطقة، خططا كثيرًا لهذا اليوم، لإخراجه في أفضل صورة لم يعلما أنّ هناك آخرين يخططون لإفساده.

انتهت نعمة ومحمد من الفرح غادروا القاعة متوجهين إلى المنزل، وأثناء مرورهم من أمام معهد الأورام بالمنيل، وبعد لحظات معدودة من مرور سيارة العروسين، انفجرت إحدى السيارات لتلحق بسيارتين ميكروباص كانا يستقلانهما أسرة نعمة ومحمد ليتفحما جميعًا لم ينجوا منهم سوى القليل الذين لم تتمكن النيران من التهامهم بعد، ليرقدا بين الحياة والموت بداخل المستشفى.معهد الأورام

"ابنى عمل ايه علشان يتفجر" أمام معهد الأورام بالمنيل، وقف هيثم علي محمد مواطن أربعيني والد أحد الضحايا الذي كان يستقل السيارة الميكروباص التابعة لزفة العروس، والذي ذكر بأنّ صغيره مات في الانفجار هو وأبناء عمومته، العائلة بالكامل لقت مصرعها في الحادث مايقرب من 21 شخصًا فاضت أرواحهم، منهم 7 أشخاص لم يتعرفوا عليهم حتى الآن كونهم أشلاء لا يظهر لهم ملامح.

معهد الأورام

بنبرة صوت متقطعة وعينان ملأتهما الدموع حاول الأب التماسك واستكمال حديثه، قدماه لم تعد تحملاه فوقف اثنان من شباب عائلته بجواره لمساندته، أصرَ على استكمال الحديث، ليخبرنا أنّ السيارة التى تسببت في الكارثة كانت تلاصق الميكروباصين اللذان كانا يستقلاهما أفراد العائلة بالكامل لذا فبعد الانفجار "لم ينجو أحد منهم".

لم يعد الأب قادرًا على استكمال الحديث لكنّه رددّ بضعة كلمات في نهايته قبل أن ينهمر في البكاء "ابني مات وأخته من صدمة التفجير اتخرست".

 

شاب ثلاثيني لم يفصح عن اسمه أحد أفراد العائلة المنكوبة، أخبرنا هو الآخر عن ضحايا العائلة من أبناء عمومته، مايقرب من 12 جثة في معهد ناصر و4 آخرين في معهد الأورام، وأخرى لم يتم التعرف عنها لخفاء ملامحها أو لتحولها أشلاء.

"اتعرفت على محمد بن عمي من ساعته كان متفحم"، هكذا كان حال حوالي 7 أشخاص من الأسرة لم يتم التعرف عليم بسبب عدم وجود ملامح لهم، البعض بدون رأس وآخرين التهمتهم النيران لم يتبقى منهم سوى أجزاء بسيطة، كان التعرف على الأطفال هو المهمة الأصعب فالكبار حاولوا تمييزهم لكن الصغار كانت بالنسبة لهم مهمة صعبة.

معهد الأورام

العروس هي الأخرى فقدت أسرتها وحتى الآن لم تتعرف عليهم، فوالدتها ووالدها باتوا في عداد الموتى ليلة عرسها.

كانت معظم جثامين الضحايا وذويهم بداخل معهد ناصر، مما دفعنا لمحاولة الوصول إليهم، فور دخولك من بوابة المعهد وحتى تصل إلى "الثلاجات" ستجد بعضًا من النساء يرتدين الملابس السوداء، وعشرات الشباب ينتظرن بجوارهم، كلا منهم يبحث عن فقيد له في الحادث، كان البعض تداول معلومات بأنّ العروسين فقدوا في الانفجار لكن لم يكن الخبر صحيحًا خاصة بعد لقائنا مع أحدهم.

شاب نحيل الجسد يجلس وحوله بعضًا من رفاقه وجهه مليئ بالحزن وعيناه طغى عليها اللون الأحمر الأشبه بالدماء، كان الشاب محمد العريس الذي فقد هو الآخر بعض أقاربه في الحادث، حاولنا الحديث معه لكن الصدمة لم تجعله يتحدث إلينا، العروس هي الأخرى تعيش حالة من الصدمة فقد فقدت للتو أسرتها وسندها في الحياة.

بعض من صور الضحايا..

معهد الأورام

معهد الأورام

معهد الأورام

معهد الأورام

اقرأ أيضا