"خسرهم داخل الصندوق".. "يحيى" طفل عشق كرة القدم فدفع يده ثمنًا لها

الخميس 18 يوليو 2019 | 04:14 مساءً
كتب : سارة أبو شادي

قبل عدة سنوات، وبإحدى قرى الصعيد كان يقطن طفلًا في السابعة من عمره، اعتاد أن يمر عليه رفاقه كل يوم من أجل لعب كرة القدم، دقت الرابعة عصرًا حان الموعد الآن، بدأ الرفاق يطرقون باب المنزل، هم مسرعًا للخروج، لا يمكن أن يتأخر على هوايته المفضلة، فطالما كان حلمه أن يصبح لاعب كرة قدم مشهور، لم يدر الصغير أنّ حلمه سيكون سبب مأساة يعيشها طيلة حياته.

يحيى

يحيى محمد عبده، فتى في التاسعة عشر من عمره يسكن في قرية تتبع محافظة أسيوط، في عمر السابعة كان يعتاد الخروج عصرا واللعب برفقة أصدقائه أمام المنزل، في أحد الأيام وكعادته خرج للعب كانت الأمور تسير طبيعية، حتى ركل أحدهم الكرة بقوة لتتخذ طريقها بعيدًا عن الصبيان، ركضوا خلفها فتفاجئوا أنّها استقرت بداخل صندوق الكهرباء المفتوح المتواجد بالشارع، وقف الجميع مكانهم لم يحرك أحدًا ساكنًا، فقرر الفتى أن يغامر ويدخل كشك الكهرباء، بالرغم من أنّ والدته تخبره دائمًا أن يبتعد عن هذا الخطر، لكنّ شغفه لاستكمال المباراة التي بدأها قبل قليل مع رفاقه دفعته لخوض تلك المخاطرة.

يحيى

ثواني معدودة دوت صرخة كبيرة من داخل الصندوق، الفتيان في الخارج بدأت ملامحهم تعلوها الخوف، فصديقهم بالداخل يجهلون مصيره، ارتفعت ألسنة النارهرول المارة جميعًا لإنقاذ من بالداخل، حملوا الفتى وهموا مسرعين إلى المستشفى، حاولوا إسعافه لكنه في ذلك الوقت كان قد فقد عزيزا لديه، خرج من المستشفى على قدميه وبدون يديه الإثنتان.

ظل الفتى فترة طويلة يحاول أن يستوعب ما ألم به، عاش ظروفا نفسية صعبة كيف لصغير لم يتجاوز السابعة أن يفقد يديه الإثنتان، تيقن أن الحياة توقفت هنا خاصة وأن المجتمع في البداية لم يتقبله بهيئته الجديدة.

يحيى

لم يعتقد "يحيى" أن خسارته ليده ستضعه في مواقف صعبة، خاصة وأنه تميز بقدر كبير من الذكاء لكنّ المجتمع تعامل معه من الخارج فقط، بعد فترة قرر الصغير أن يستكمل المشوار ويحقق حلمه الذي تسبب في فقدان يده وهو لعب كرة القدم، لكن لم تمنحه الحياة الفرصة، فاستقبل صدمة جديدة حينما أخبره والده أن المدرسة التابعة للتربية والتعليم بالقرية، رفضت انضمامه إليها فقط بدعوى أن يديه مبتورة ولا يصلح، لم ييأس الأب والإبن فقدموا العديد من الشكاوي للمسؤولين بشأن هذا الأمر، حتى تمكن "يحيى" من استعادة حقه وأمرت الوزارة السماح له بدخول المدرسة، هنا شعر الفتى بالانتصار لكنّه من قرر الاعتراض وعدم الالتحاق بتلك المدرسة، فلم يجد الوالد أمامه سوى أن يلحق ابنه بمعهد أزهري بالقرية.

يحيى

بدأ "يحيى" حياة جديدة لم يسلم في بدايتها من النظرات المعتادة من الغير، والتي أصابت الفتى برهبة الخروج بمفرده إلى الشارع واستمر هذا الوضع عامين، حتى قرر يحيى المواجهة، وأحيانًا ما كان يدفعه فضول الغير أن يقص عليهم حكايته بنفسه.

يحيى

"بعد الحادثة قالولي حياتك وقفت وخلاص مش هتحقق أي حاجه".. مايقرب من ثلاثة عشر عامًا مرت على الحادث، استطاع يحي في تلك المدة تنمية مهاراته، واستكمل السير في طريق حلمه، وهو لعب كرة القدم، والتحق هذا العام بالجامعة التي كان يفضلها، تفوق على مدار السنوات الماضية لم يتنازل عن المراكز الأولى طوال فترة دراسته، أتمّ حفظ القرآن الكريم، عادت ضحكته من جديدة تملأ المكان بهجة وفرحة، يسعى حاليا لتحقيق الحلم الأكبر، وهو لعب كرة القدم بالمنتخب المصري، لم تمنعه فقدان يديه أن يكتب كل ما يحبه بطريقته الخاصة التي باتت تميزه عن غيره.

يحيى

حديث يحيى كان كفيلا أن يزرع الأمل في قلوب من يستمع إليه، لم تفارق الضحكة وجهه طوال الحديث بالرغم من تذكره لمأساة كادت أن تفقده حياته بأكملها.

يحيى

اقرأ أيضا