يبدو أن طبول الحرب بدأت تقرع قريباً من إدلب السورية، حيث لوحت موسكو، أمس السبت، بتطبيق "سيناريو حلب" في إدلب عبر تكثيف القصف، تمهيداً لعملية برية واسعة، لدعم قوات النظام السوري، بالتوغل في آخر معاقل المعارضة في البلاد.
وبدأت موسكو حملة إعلامية واسعة لتشجيع المدنيين في إدلب على مغادرة المدينة، على خلفية التحضيرات لتوسيع نطاق العمليات العسكرية، وسط زيادة نزوح المدنيين نحو حدود تركيا، بسبب القصف الروسي والسوري، وفق صحيفة الشرق الأوسط، اليوم الأحد.
وذكر الإعلان عن فتح معبرين لمغادرة "منطقة خفض التصعيد" في إدلب، بسيناريو التصعيد في حلب نهاية 2016، وفي غوطة دمشق في بداية 2018.
وقال اللواء فيكتور كوبتشيشين مدير مركز حميميم، للمصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، إن الهدف من فتح المعبرين: "ضمان الخروج الطوعي، وغير المعرقل للمدنيين من منطقة إدلب لخفض التصعيد، عبر نقطتي عبور قرب بلدتي صوران في محافظة حماة، وأبو الظهور في محافظة إدلب".
وتسيطر هيئة تحرير الشام، على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، مع فصائل إسلامية في أجزاء من محافظات مجاورة.
وتخضع المنطقة لاتفاق روسي تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه.
وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق في سبتمبر(أيلول) الماضي. ونشرت تركيا كثيراً من نقاط المراقبة لرصد تطبيق الاتفاق.
إلا أن قوات النظام صعدت منذ فبراير(شباط) الماضي وتيرة قصفها، قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً.
وتتهم دمشق أنقرة الداعمة للفصائل بالتلكؤ في تنفيذ الاتفاق، إلا أن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، اتهم ليل الثلاثاء الماضي، النظام السوري بتهديد اتفاق وقف إطلاق النار.
ودفع القصف والمعارك منذ نهاية أبريل الماضي، نحو 200 ألف شخص إلى النزوح، بينما طالت الغارات 20 مرفقاً طبياً، لا يزال 19 منها خارج الخدمة، بحسب الأمم المتحدة.
في المقابل، قال مسؤولون من المعارضة السورية، ومصادر من المسلحين، السبت الماضي، إن تركيا أمدت مجموعة من مقاتلي المعارضة بأسلحة جديدة، لمساعدتهم في صد هجوم كبير للقوات السورية المدعومة من روسيا.
وتدعم روسيا الهجوم الضخم الجوي والبري للجيش السوري الذي يسعى للسيطرة على آخر منطقة كبرى لا تزال تحت سيطرة المعارضة في شمال غرب البلاد.
وشن الرئيس السوري بشار الأسد الهجوم في الشهر الماضي، قائلاً، إن "المعارضة انتهكت وقفاً لإطلاق النار، ما أسفر عن نزوح جماعي للمدنيين من محافظة إدلب، ومناطق مجاورة"، وأصبح الهجوم أكبر تصعيد منذ الصيف الماضي بين الأسد وأعدائه، في إدلب وما حولها.
وقالت شخصيتان كبيرتان من المعارضة السورية، إن "أنقرة زادت الإمدادات العسكرية للمسلحين في الأيام القليلة الماضية، بعد إخفاقها في إقناع روسيا في اجتماعات مجموعة عمل مشتركة في الآونة الأخيرة، بضرورة إنهاء التصعيد لتفادي تدفق كبير للاجئين إلى تركيا".
وكانت الولايات المتحدة، قد دعت الأربعاء، إلى وقف إطلاق النار مجدداً في سوريا.
وقالت واشنطن، إنها ترى دلائل على أن الأسد استخدم أسلحة كيماوية، بما في ذلك غاز الكلور، في أحدث هجوم، وهددت بأنها سترد "سريعاً وبشكل متناسب"، إذا ثبتت هذه المزاعم التي ينفيها الأسد منذ بدء الحرب.
وقال الممثل الأمريكي الخاص لسوريا جيمس جيفري: "ما نحتاجه حقاً في إدلب وباقي أنحاء البلاد هو وقف إطلاق النار".
وتريد واشنطن الحفاظ على خطوط التماس الحالية بين المناطق الثلاث في سوريا، الروسية والأمريكية والتركية، وهي "مرتاحة" لتفاهماتها مع موسكو بعدم شن عملية واسعة في إدلب بل استعجال تشكيل اللجنة الدستورية، والعودة إلى حل السياسي وصولاً إلى خروج جميع القوات الأجنبية خاصةً الإيرانية منها.
لكن دولاً أوروبية حليفة لأمريكا، حذرت من "خديعة روسية" جديدة لواشنطن، بإعطاء وعود دبلوماسية وتكليف وزارة الدفاع الروسية بـ"الحسم العسكري" على الأرض سواء بـ"القضم" أو بـ "الأرض المحروقة".
وأثار احتمال شن هجوم على إدلب تحذيرات من كارثة إنسانية أخرى، وحذرت الأمم المتحدة من نزوح ما يصل إلى 2.5 مليون شخص، نحو الحدود التركية، في إطار مثل هذا السيناريو.