خلال السنوات الماضية كانت شركات توريد العمالة هي الباب الخلفي الذي تلجأء له الكثير من المصانع والشركات، للتنصل من تحمل مسئولية العمال أمام القانون، ومع قدوم قانون العمل الجديد استبشر الجميع خيرًا لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
فالبرغم من أن العامل يعمل لصالح شركته الأصلية وفي مقرها إلا أنه يكون منسوبًا لشركات توريد العمالة مما يجعل العمال يتقاضون أجورهم ويستجدون أمانهم الوظيفي من هذه الشركة الوسيطة وليس الشركات أو المصانع التي يعملون لصالحها.
قياديون من العمال أكدوا أن قانون العمل الجديد أجحف بحق العمال بل ساهم في تقنين شركات توريد العمالة بشكل قانوني وفتح الباب لها أمام الإلتفاف على القانون، معتبرين القانون سقطة كبيرة وأن قانون 12 لسنة 2003 رغم مساوئه فهو أفضل منه.
شعبان خليفة، رئيس لجنة العمال المركزية بحزب المحافظين قال إن القانون أجحف بحق العامل في الكثير من مواده خصوصًا شركات توريد العمالة التي أعطتها صلاحيات أكبر من أي قانون أخر.
وأضاف خليفة لـ "بلدنا اليوم" أن القانون مثلا حدد رأس مال الشركة بـ 50 ألف جنيه، في حين أن القانون السابق كان يحدد رأس مالها بـ 150 ألف جنيه، موضحًا أنه طبقًا لهذا من السهل جدًا أن يقوم صاحب العمل بتكوين شركة لتوريد العمالة عبر أشخاص تابعين له وبذلك يتنصل من من تحمل ضريبة كسب العمل والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي وأي مسئولية مرتبطة بالعامل.
وتابع رئيس لجنة العمال المركزية أن القانون أوهم العامل بالقضاء على الفصل التعسفي فالمادة 69 نصت على أنه يبرم عقد عمل الفردي بمدة غيرة محددة ولكنه في نفس المادة قال "أو محدد بمدة لا تقل عن سنة" فهنا تم الإلتفاف حول القانون من جديد وأصبح من حق صاحب العمل وضع عقد محدد بسنة.
وأكمل أن القانون نص في المدة 129 أيضًا على أنه إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لأي طرف من الطرفين أن يخطر الطرف الأخر كتابة قبل الانهاء بثلاثة أشهر فهنا من حق صاحب العمل أن يفصلك لكنه فقط يخطرك بالفصل، كما نقص القانون من حق العامل المفصول بأنه في حالة فصل العامل يتم إعطائه شهر واحد من الراتب الأساسي عن كل عام بعكس القانون لاسابق الذي تضمن شهرين من الأجر الشامل عن كل عام.
وأكد خليفة أن خلال مناقشات القانون تم الاعتراض على القانون وسجل في مضبطة المجلس، مؤكدًا أنه في حالة إقراره سيتم الطعن على دستوريته.
فيما قال صلاح الأنصاري، القيادي والخبير العمالي، إن قانون العمل الجديد لم يواجه شركات توريد العمالة بل ساهم في تقنينها تحت اسم "وكالات التشغيل"، موضحًا أن قانون 12 لـ 2003 كان يجرم عمل هذه الشركات على عكس القانون الجديد.
وأضاف الأنصاري لـ "بلدنا اليوم" أن العامل كان يعاني الأمرين من هذه الشركات فعند مطالبته بحقوقه تحيله الشركة التي يعمل بها إلى الشركة التي وردته وعندما يعود لها إما تتنصل منه أو يجدها العامل مغلقة، موضحًا أن تقنين هذه الشركات يتعارض مع دور القوى العاملة التي تعتبر مسئولة عن توظيف العمال بل إن الوزارة تخلي مسئوليتها من إلحاق العمال بعمل طبقًا لقانون العمل الجديد.
وأكمل القيادي العمالي أن هناك مثال حي على ذلك في شركتي توريد العمالة اسكندرية للأسمنت وشركة أوكسوم موبيل في اسكندرية التي تنصلتا من دورهما تجاه العمال، مشيرًا إلى أن قانون العمل الجديد لم يحقق أي إيجابيات للعامل بل يتحايل على الكثير من القضايا ومنها قضية الفصل التعسفي التي ربطها بفكرة إخطار العامل قبل فصله.
وتابع أن شهادات أمان التي أطلقها الرئيس بادرة جيدة من الرئيس، لكن الكثير لا يعلم أن الدستور كفل حق التأمين الاجتماعي للعامل، مؤكدًا أن قانون العمل الجديد لا يحمي العامل، ضاربًا المثل بالعاملة المنزلية التي حرمت من تطبيق القانون عليها في حين أننا ننفذ عقد عمل للخادمة القادمة من الفلبين لضمان حقوقها في حين المصرية مستثناه.