يشهد اليوم الإثنين، الاحتفال بالذكرى المئوية للرئيس الراحل أنور السادات، بطل الحرب والسلام، الذي أضاف للتاريخ أمجاد وانتصارات، الراحل أنور السادات عاش عبر حياته أحداث كثير قد لا يعلمها البعض منا، وكان منها حياته في الزنزانة 54.
في «الزنزانة 54»، صُنع فيها مناضل مصري ذو شخصية قوية، يهابها أعداءه علي مر التاريخ، قاد شعباً كاملاً بلا تخاذل، ساعد في تخليص شعبه من الملكية، ثم احتلال الصهاينة"محمد أنور السادات".
من أنا
أنا أنور السادات، فلاح نشأ وتربي علي ضفاف النيل، حيث شهد الإنسان مولد الزمان- نشأت في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، تخرجتُ من الأكاديمية العسكرية عام 1938، ومن بعدها التحقتُ بحركة الضباط الأحرار، التي قامت بالثورة على حكم ملك البلاد، وذلك علي فاروق الأول في عام 1952، حصلتُ عام 1978 على جائزة نوبل للسلام، مناصفة مع رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن، إثر توقيع معاهدة السلام في كامب ديفيد، وهو ما تسبب في ردود فعل معارضة داخل مصر والدول العربية، ما أدى إلى اغتيالي في يوم 6 أكتوبر 1981 أثناء عرض عسكري احتفالًا بانتصارات حرب أكتوبر، واكبت أحداث حياتي الأحداث التي عاشتها مصر، في تلك الفترة من تاريخها، حياتي كانت في الواقع هي "رحلة بحث عن الذات".
سر الزنزانة 54
كانت أيام حرية السادات معدودة؛ لأن الإنجليز قاموا بتضييق قبضتهم على مصر، وبالتالي على كل مناضل مصري، يكافح من أجل حرية بلاده مثل أنور السادات، فتم طرد السادات من الجيش واعتقاله وإيداعه سجن الأجانب عدة مرات، حيث قام بالاستيلاء على جهاز لاسلكي من بعض الجواسيس الألمان "ضد الإنجليز"؛ وذلك لاستغلال ذلك الجهاز لخدمة قضية الكفاح من أجل حرية مصر، وفي السجن حاول السادات أن يبحث عن معاني حياته بصورة أعمق وبعد أن مضى عامين 1942 إلى 1944، في السجن قام بالهرب منه حتى سبتمبر 1945 حين ألغيت الأحكام العرفية، وبالتالي انتهى اعتقاله وفقا للقانون.
الحاج محمد.. تحت هذا الإسم تخفي السادات لفترة من الزمن عن أعداءه ، وعمل تبّاعًا على عربة تابعة لصديقه الحميم حسن عزت، ومع نهاية الحرب وانتهاء العمل بقانون الأحوال العسكرية عام 1945، عاد السادات إلى طريقة حياته الطبيعية، حيث عاد إلى منزله وأسرته بعد أن قضى ثلاث سنوات بلا مأوى.
وفي نفس السياق عند الحديث عن حياة السادات في الزنزانة 54، وجد السادات نفسه في سجن قرة ميدان، وهو مختلف تمامًا عن سجن الأجانب، وكان ينام ملتحقًا ببطانية قذرة إلي أبعد حد، وحيطان الزنزانة في الشاء يشع منها الماء ليلًا ونهارًا، وهكذا عاش السادات لمدة سنة ونصف، ولم تكن نستطبع أن تُسجن فى الزنزانات الكبيرة، فهي مخصصة للص والقاتل وتاجر المخدرات، وحرامي الخزن..ألخ، عرف السادات وقتها الأكثر احترامًا في نظر المجرمين.
كان القاويش وكيل النيابة أنذاك، دائم السعي لإدانت السادات، وعندما جاء طلعت شقيقه ليأخذ ملابس السادات للغسيل، وضع السادات وقتها ورقة بالغة الإنجليزية ، شك القاويش في الأمر، فأخذ الملابس وفتشها وأخذ الورقة علم ما بها ثم أعادها مرة أخري، وعندما ذهب أخو السادات شعر بأنه مراقب، ذهب إلي البيت وقتها ثم أخذ الورقة وأرسل ما بها وأعاد الورقة إلي مكانها مرة أخري، ورجع دون أن يعلم أحد أنه قد أرسل الرسالة وقت الفجر.
حاول القاويش امتحان السادات، حيث طلب منه أن يكتب ورقة بها نفس الكلام، التي كانت في الرسالة؛ ليقارن بين الاثنين، سرعان ما فهم السادات ذلك، فقام بالكتابة ولكن بأسلوب مختلف، وبذلك فشل القاويش في هذا الامتحان.
عاش السادات في هذا السجن حياة قاسية للغاية، ولكن تغلب علي تلك المعاناة، وكان الفضل لمقال قرأه في "ريدرزجيست"، لأحد علماء النفس الأمريكان، أن الإنسان معرض في حياته بالشعور بأن كل شيئ مغلق وكانه في سجن لا باب له، والحل للتخلص من ذلك هو أولًا معرفة ما يضايقك، ثانيًا الإيمان بالله.
اكتشف السادات في السجن أن الحب هو مفتاح كل شيئ، وفي الزنزانة 54 عُمر قلب السادات بحب الله، والحب هي المظلة التي تحمى الإنسان من كل الأزمات، فالحب عطاء، والعطاء يبني وذلك علي عكس الحقد.
بعد السجن
كانت بالطبع بعد قضاء السادات 31 شهرًا في السجن، أن يشعر بعد الخروج بعالم جديد، وأصبح كل ما هو مالوف في الحياة غريب بالنسبة له.
عمل السادات بعد الخروج من السجن مراجعًا صحفيًا بمجلة المصور حتى ديسمبر 1948، وعمل بعدها بالأعمال الحرة مع صديقة حسن عزت، ولكنه بعد ذلك أدرك أنه قد بعد عن الهدف الأسمي بالنسبه له ، وهو الرجوع للقوات المسلحة ؛ ليكمل رسالته،التى هي كل شيئ بالنسبه له ،وفي عام 1950 عاد إلى عمله بالجيش بمساعدة زميله القديم الدكتور يوسف رشاد الطبيب الخاص بالملك فاروق.
وفي عام 1951 تكونت الهيئة التأسيسية للتنظيم السري في الجيش والذي عرف فيما بعد "بتنظيم الضباط الأحرار" فانضم إليها السادات ، وتطورت الأحداث في مصر بسرعة فائقة بين عامي 1951 - 1952، فألغت حكومة الوفد معاهدة 1936 وبعدها اندلع حريق القاهرة الشهير في يناير 1952 ،وأقال الملك وزارة النحاس الأخيرة.
أعدت قيادة تنظيم الضباط الأحرار للثورة في ربيع عام 1952 ، وفي 21 يوليو أرسل جمال عبد الناصر إلى السادات في مقر وحدته بالعريش يطلب منه الحضور إلى القاهرة؛ للمساهمة في ثورة الجيش على الملك والإنجليز، وقامت الثورة، وأذاع السادات بصوته بيان الثورة، وأسند إليه مهمة حمل وثيقة التنازل عن العرش إلى الملك فاروق.
في عام 1953 أنشأ مجلس قيادة الثورة جريدة الجمهورية، وكان السادات أول رئيس تحرير لها، وفي عام 1954 ومع أول تشكيل وزاري لحكومة الثورة تولى منصب وزير دولة، وكان ذلك في سبتمبر 1954 وكان عضوا في المجلس الأعلى لهيئة التحرير.