استعادة مصر لدورها الريادي فى إفريقيا، أصبح حقيقة ملموسة على الأرض تجلت في زيارات وتحركات الرئيس عبدالفتاح السيسى، داخل القارة الأفريقية لاستعادة مقتربًا من فكرة عبدالناصر حول أهمية الدائرة الأفريقية فى السياسة المصرية، وهو ما مهد لمصر رئاسة الاتحاد الأفريقى خلال دورته القادمة.
يأتى هذا بالتزامن مع توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا صباح اليوم، في زيارة تاريخية تشهد تسلم الرئيس رئاسة الاتحاد الأفريقي يوم الأحد ١٠ فبراير الجاري ولمدة عام، يليها ترؤسه لأعمال الدورة العادية الثانية والثلاثين لقمة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة بالاتحاد.
ومن المقرر أن الرئيس السيسي سيلقي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الإفريقية يطرح من خلالها رؤيته حول أولويات القارة السمراء خلال عام تولى الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي.
وفيما يلي تستعرض"بلدنا اليوم" دور الرؤساء في القارة الإفريقية.
تبنى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر سياسة مساعدة الدول الإفريقية بالمال والسلاح في مواجهة قوى الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية وانتشار أفكار التحرر الوطنى، خاصة مع انطلاق العديد من الدول الأفريقية فى البحث عن حريتها من الاستعمار بالإضافة للدعم السياسى والدبلوماسى لهذه الدول، وتأسست الجمعية الإفريقية فى القاهرة، والتى كانت حاضنة لحركات الاستقلال وعملت على إعداد وتدريب القيادات الأفريقية لتتحمل مسئولية الكفاح لتحرر بلادها، حتى أن مصر استضافت القادة الأفارقة فى مصر، وهو ما حدث مع كوامى نكروما وأحمد سيكوتورى وأحمد بن بيلا، وكان من نتائج الدعم المصرى للقارة السمراء، إلى أن وصل عدد الدول المحررة إلى ثلاثين دولة فى عام 1963، وكانت هذه الدول هى النواة الأولى لمنظمة الوحدة الأفريقية.
كما ان مصر ساندت ثورة الماوماو فى كينيا، ودعمت زعيمها جومو كينياتا، ثم دعمت الكونغو بإرسال قوات مصرية إليها، إضافة إلى الموقف المعادى لنظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا، كما قدمت مصر الدعم للمؤتمر الوطنى الأفريقى بزعامة نيلسون مانديلا.
دور أنور السادات
نأى الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمصر عن أفريقيا، كما نأى بها عن العرب عقب حرب أكتوبر 1973، مستبدلًا كل منهما بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أجمع المحللون على أن مصر بدأت فى عهد الرئيس السادات، الخروج من أفريقيا لتحل محلها إسرائيل، وتحولت القارة السمراء إلى ساحة من ساحات الحرب الباردة، وانخرط الرئيس الراحل فى مغامرات اعتبرها خصومه «عقيمة»، كان منها نادى «السافارى»، وهو حلف ضم 5 دول هى « فرنسا وإيران فى عهد الشاه، والسعودية والمغرب، فضلا عن مصر».
بل إن علاقات مصر بعدد من القارة الأفريقية أصيبت بالتوتر، وهو ما حدث فى العلاقة بين مصر، حتى أن السودان دخل فى أزمة أخرى مع مصر وقت حكم جعفر النميرى الذى تعاطف مع اثيوبيا فى ازمتها مع السادات حول مياه نهر النيل.
مبارك والقارة السمراء.
استمرت العلاقة المصرية الأفريقية السيئة مع وصول حسنى مبارك للحكم، حيث حدثت أزمات بين مصر والسودان، ودعمت مصر حركة تحرير جنوب السودان، ثم انفجرت الأوضاع بعد محاولة اغتيال الرئيس مبارك فى إثيوبيا عام 1995 لتصل العلاقة إلى أسوأ ما يمكن أن تكون عليه، لتفقد مصر قيمتها تدريجيا فى القارة السمراء، بسبب فقدان نظام مبارك لرؤية محددة للتعامل مع أفريقيا يمكنها من مواجهة إسرائيل التى أبدت اهتماما بمنطقة القرن الأفريقى.
مرسي والقارة السمراء
جاء محمد مرسى إلى الحكم غير مهتم بالملف الأفريقى، بعد أن تفرغ مع جماعته الارهابية التى كانت تسيطر على الدولة «للتمكين» من الحكم بالسيطرة على مفاصل الدولة لتظهر مصر فى أضعف حالاتها الأفريقية، وهو ما ساهم فى أن تتجرأ أثيوبيا على مصر وتبدأ فى بناء سد النهضة.
السيسي وإستعادة القارة وترأس الإتحاد الأفريقي.
تحركات الدولة المصرية فى أفريقيا حاليا والسعى للمشاركة فى المزيد من المشروعات الاقتصادية بدول القارة هى جزء من استراتيجية شاملة للعودة لأفريقيا بشكل عام ودول حوض النيل بشكل خاص، حيث قام الرئيس بعدة زيارات لها، واستقبل عددا من الرؤساء لبحث سبل تعميق العلاقات وأطر التعاون المشترك وتوقيع مزيد من اتفاقيات التفاهم الدبلوماسى والأمنى والاقتصادى بين مصر والدول الأفريقية.