الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق:
لسنا دولة إسلامية.. والدستور ينص على أن المبدأ الأساسى هو المواطنة
"الإلحاد"هو المقابل الطبيعى للتشدد.. ولا يمكن أن نطلق عليه فى مصر وصف "الظاهرة"
التعليم من الابتدائى إلى الجامعة فى أسوأ حالاته.. ونرجو من الوزير الحالى إحداث نهضة
لا يوجد دليل شرعى على فرضية الحجاب.. والنقاب "مالوش لازمة"
فيلم الضيف لإبراهيم عيسى واحد من الدُرر التى صنعتها السينما المصرية
البرلمان مجرد شكليات.. ولا أرى شيئا إيجابيا فيه ونوابه
وزير الثقافة السابق الدكتور والمفكر جابر عصفور عرف بتصريحاته الشاذة ضد الأزهر والمؤسسات الدينية وافتراضه لعدم وجود نص قرآنى يدل على فرضية الحجاب مما جعله محط أنظار الجميع، لم يخش أحدا، يدلى بتصريحاته التثقيفية التنويرية فى محاولة منه لتثقيف العقل واستخدامه.
شغل منصب وزير الثقافة بتاريخ 31 يناير 2011؛ خلفًا للوزير السابق فاروق حسنى، ثم ما لبس أن استقال منها لأسباب صحية، وفى عام 2014 عاد مرة أخرى ليشغل ذات المنصب.
ألف عدة كتب تثقيفية وتنويرية ونقدية وإحيائية، وحصل على عدة جوائز عربية وعالمية، وكانت جائزة القذافى العالمية سنة 2009 من نصيبه.
له عدة حوارات إعلامية وصحفية حول "الدين والتدين" وما أن يتحدث؛ إلا ويثير الجدل مرة أخرى، ومن أجل هذا كان لنا اللقاء التالى معه.
كيف ترى معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام؟
أولًا سعيد بتنظيمه؛ لسببين، أولهما أن هذا المعرض يوافق مرور 50 عامًا على تأسيسه، والذى أسسه اثنان أعزهما على صدرى، الوزير ثروت عكاشة ولدى صلة وثيقة به، وهو أعظم وزير ثقافة شهدته مصر بالتأكيد، فقد وضع الأسس الخاصة بوزارة الثقافة والتى تسير عليها الوزارة حتى الآن، ولكن أى خلاف فى الوقت الحالى يكمن فى التفاصيل، ولكن المبادئ الأساسية وضعها ثروت عكاشة.
وبالمناسبة فى هذا العام نحتفل بالذكرى الـ50 عامًا لتأسيس وزارة الثقافة كما أننا احتفلنا بذكراه بالإضافة إلى الأديبة الكبيرة سهير القلماوى التى أشرفت على رسالتى، وأنا تلميذها، وعندما علمت بمعرض الكتاب طلبت من هيئة الكتاب أن نعد كتابًا يحتوى على مقالاتها التى لم تنشر، وبالفعل أشرفت على هذه المقالات وتم طبعها فى 80 صفحة، وحاليًا موجودة بين يدى زوار المعرض.
ما رأيك فى الكتب التى تحمل أفكارا متطرفة ومنافية للأخلاق وضرورة مصادرتها؟
ولماذا نهتم أساسا بمثل هذه الكتب، وأنا شخصيًا ضد مصادرة أى كتاب أو منعه من النشر؛ لعدة أسباب "أولها" تعليم الجمهور وتنوير عقولهم وأذهانهم، ومن ثم إذا تم التعليم سيترك القارئ الردىء ويقبل على الجيد، ولهذا يجب علينا هنا الالتزام بالدستور، والدستور ينص على أنه "لا عقوبات سالبة للحريات فى مسألة النشر والإبداع"، وعلى القارئ إذا وجد كتابا رديئا أن يحذر منه ويلجأ للقضاء، ولكن ليس من حق أحد مصادرة أى كتاب.
ما هو دور وزارة الثقافة بشأن الرقابة على تلك النوعية من الكتب؟
وزارة الثقافة ليست رقيبة على دور النشر وهذه ليست مهمتها.
وأين دور النشر المسئولة عن إتاحة مثل تلك الكتب؟
دور النشر لديها اتحاد الناشرين يحاسبها، ولكن نحن كمواطنين إذا وجدنا أن هناك كتابا مخلا؛ وجب علينا مقاضاة صاحب الكتاب ومنعه ولكن ليس من حق أحد مصادرة الكتب ولا مهادنة فى مصادرة كتاب إلا بحكم قضائى.
متى نرى من يعيد زمن إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ والعقاد فى مصر؟
مصر ولادة، وهتكرر ذلك ولكن بصورة مختلفة تعبر عن ما هو موجود فى الزمن المقبل، فالتاريخ لا يتقهقر بل العكس، ومن ثم سيكون هناك نجيب محفوظ "ولكن بشروط العصر الحديث"، فالزمن سيتقدم ولن يعود.
ما رأيك فى مستوى الأجيال الثقافى الحالى؟
سأضرب مثالا بسيطا، كنت بالأمس مع زوجتى وأسرتى نشاهد فيلم "الضيف" لإبراهيم عيسى، فمن وجهة نظرى أن هذا الفيلم واحد من الدُّرَرْ الذى صنعته السينما المصرية، ومن المحتمل أنه لا يعجب بعض الأشخاص فكريًا، ولكن من وجهة نظرى أن هذا الفيلم من أهم الأفلام المصرية، كما أنه يواجه الإرهاب الدينى والجماعات الإرهابية، ومع ذلك تم صنعه بطريقة مذهلة.
ما أكثر شخصية مخضرمة ومثقفة فى مصر من وجهة نظرك؟
إبراهيم عيسى بالنسبة لى كاتب شاب؛ لأننى أكبر منه سنًا، وعلى كل الأحوال إبراهيم عيسى كروائى؛ ممتاز، وككاتب صحفى؛ مخضرم، وكصاحب رأى جديد؛ مبدع، وكصاحب رأى تنويرى؛ ممتاز، بجانب أن هناك الكثير غيره فى كل المجالات شخصيات مفكرة ومبدعة فى مصر.
أين دور وزاة الثقافة فى القرى والمحافظات؟
دور وزارة الثقافة خارج العاصمة، يتمثل فى قصور الثقافة، ولكن مشكلة قصور الثقافة تتعلق بالميزانية ومن هنا وجب على الدولة أن تقدم الميزانية الكافية بحيث يتم إقامة دور لقصور الثقافة فى كل مكان فى محافظات مصر وهذه مسألة تتعلق بالميزانية ومرتبطة بأوضاعنا الاقتصادية، وإذا تم ضبط أوضاعنا الاقتصادية؛ بالتأكيد ستكون هناك ميزانية وقصور ثقافية فى كل مكان فى مصر.
هل لها دور حقيقى فى المدارس؟
من المفترض أن هناك برتوكول تعاون بين وزارتى الثقافة والتربية والتعليم؛ لتنظيم هذا التعاون، وعندما كنت وزيرا عقدت اجتماعًا بين وزارات الحكومة يتم من خلالها تبادل الأنشطة بين وزارة الثقافة وهذا موجود حاليًا.
وفى النهاية وزارة الثقافة ليست مسئولة عن الثقافة فى مصر، ولكن الدولة هى المسئولة عن الثقافة من خلال ما لا يقل عن 5 وزارات، تتمثل فى كل من "التربية والتعليم، والتعليم العالى، والإعلام، والأوقاف- المسئولة عن الوعاظ والمساجد-، والشباب" هم المسئولين عن عقول الشعب المصرى، بالإضافة إلى موسسات المجتمع المدنى، وأيضا الشئون الاجتماعية لديها 6 آلاف جمعية ثقافية مسجلة.
ما رأيك فى وزارة التربية والتعليم حاليا والنظام الجديد بعد بدء تطبيقه؟ وهل هذا سينهض بأجيال واعية؟
التربية والتعليم من الابتدائى إلى الجامعة فى أسوأ حالاته، والمرجو أن يكون لدينا نهضة مستحدثة على يد الوزير الحالى، وإننى ألتمس أنه كفء إلى أبعد حد، أما الجامعات الخاصة ليس لدى علم بها، ولدى احتراز منها، وأرجو أن تكون متوافقة مع التحليل الوطنى للدولة، ولا يكون لديها مناهج مخالفة للوطن.
هل مصر دولة إسلامية وفقا لدستورها أم لا؟
نحن لسنا دولة إسلامية، نحن دولة مصرية، وأنا مؤمن أنه لا علاقة للدولة بالدين، ولا توجد علاقة لوصف الدولة بصفة دين، وهل إنجلترا تدعى أنها دولة مسيحية؟، ولكنها تدعى أنها أنجلترا، ونحن فى مصر، والدين لله والوطن للجميع، والدستور ينص على أن المبدأ الأساسى هو المواطنة، ولا يوجد هناك مسلم أو مسيحى، وعلاقة الدين تتعلق بين الشخص وربه فقط، المسلم مسلم لنفسه، والمسيحى مسيحى بدينه، والمسيحية من الأديان التى اعترف بها الإسلام، ويتفق المسلم مع المسيحى فى المواطنة.
ما رأيك فى الحجاب وفرضيته؟
إذا تم البحث عن دليل شرعى حول الحجاب؛ لا نجد، ومن ثم خرجت طائفة شغلت نفسها بالبحث عن الحجاب، فلم تجد دليلا عليه؛ مما اضطرهم إلى عدة أشياء، أهمها حديث ينسب مرة إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-، ومرة إلى عائشة- رضى الله عنها-، ونص الحديث "أن إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها إلا هذا وذاك، وأشار النبى إلى عائشة إلى اليدين والوجه"، هذا الحديث من أحاديث الآحاد، وتعلمنا فى الفقه الإسلامى أنه لا يقاس حديث الآحاد أو يستخرج منها مبدأ شرعى، لأن علم الحديث نجد فيه حديثا واحدا، والواحد لم يعاصر النبى، فلا يمكن أن نبنى مبدأ شرعيا على حديث الآحاد، أما الحجاب من عدمه فهذا مسألة شخصية.
ولا يوجد دليل فى القرآن ينص على فرضية الحجاب، والحجاب فى القرآن هو الستارة، ومن هنا وجب تحكيم العقل؛ لأننى مؤمن بمغزى الحديث، وهناك حديث للإمام الغزالى، وهناك من يدعى أنه حديث قدسى "إن الله خلق العقل، فقال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال له: وعزتى وجلالى ما خلقت شيئا أحب إلى منك لك الثواب وعليك العقاب"، ومغزى الحديث عند الله؛ هو العقل والحجة علينا، وعلى أساسه العقل يحاسبنا، فالله منحنا العقل؛ ليحمينا، وعلى هذا الأساس نمشى ونعمل ما نراه صحيحا.
وما الحل إذا افترضنا أنه ليس هناك حديث أو غيره؟
هناك أشياء تثار حاليًا على الساحة بمعنى نعمل "تقديس للصحابة" ونمنع ظهورهم فى الإعلام أو لا، ومن وجهة نظرى هذه مسائل تسمى بالمستحدثات، مثلها مثل أى اختراع، منها "المحمول"، لم يكن موجودا قديمًا فهل يمكن فرضية حرمانه؟، ولكن هنا رجعنا لمبدأ المصلحة، بأنه لا يوجد نص قرآنى أو حديث عن حرمة أو فرضية استخدام الموبايل، فالمصلحة مبدأ، ومن ثم ففى الإفادة نسترجع تحكيم العقل فى استخدامه بكل ما هو صحيح، وترك كل ما هو شاذ، مثله مثل الكمبيوتر يحتوى على أفلام جنسية، وكذلك معلومات، فأى الطريق تختار؟، هنا نستعير مبدأ المصلحة.
ما رأيك فى النقاب؟
هناك خلافات كثيرة ومناقشات حوله، وفى وجهة نظرى "مالوش لازمة"، ولنفترض أن الحجاب حتى من الناحية الدينية من الممكن أن يكون "فركش" ومع ذلك هناك أشخاص فى مصر- منهم المفتى وعلى جمعة- كانا يدَّعيان بأن الحجاب فريضة، فكيف يكون فريضة، والإسلام المعروف 5 أركان هى "الشهادتين، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً"، فأين هى الفريضة؟، وعلى أى أساس يفترض ذلك.
وكان عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر قبل ذلك وزوجته وابنته ليستا محجبتين، فهل كان عبد الرحمن كافرا؟، والشيخ الباقورى عليه رحمة الله زوجته وبناته لسن محجبات هل نكفرهم، وجامعة الأزهر بها أكبر نسبة من المنتقبات لأن داخل الأزهر سلفيين بنسبة كبيرة، والنقاب ما هو إلا إعلان عن "أنا سلفى تلقيت تعاليم الإسلام بتشدد".
وأخشى عند الاختبار الحقيقى للحجاب؛ ألا يكون هناك حجاب أصًلا، وفى عهد الرسول وعهد عمر ابن الخطاب كان يختص النقاب بالسيدات الحرائر، إنما الجوارى يظهرن من غير حجاب، وأن عمر بن الخطاب كان يضرب السيدات اللواتى يتحجبن من غير الحرائر وهذا الكلام موجود فى الإمام الطبرى وغيره وكان يضربهن بعد الإسلام، ومن ثم أسلم عمر بن الخطاب وأصبح قاسيا على من يخالف تعاليم الإسلام.
وماذا عن تجسيد الفنانين لدور الأنبياء؟
فى وجهة نظرى هذا أمر داخل فى فقه المستحدثات لكن ليس هناك إيجاب أو سلب ولكن بالرجوع لمبدأ المصلحة ننظر أن هذه الأفلام أو المسلسلات تغزى وتعرف الفكر السليم، من ثم نجد أن النبى ضحى بنفسه من أجل أمته، فهل هذا أفاد المشاهد أم أضره، ومن هنا تم تحقيق مبدأ المصلحة، إذا فلتتحق هذه التجسيدة؛ طالما بصورة صحيحة؛ وطالما تحقق العبرة؛ هنا تحققت المصلحة.
أين دور الأزهر فى تجديد الخطاب الدينى؟
حتى الآن لم يخرج أحد من مؤسسة الأزهر بتجديد صريح للخطاب الدينى، وشيخ الأزهر عايش فى القرن السابع الهجرى، وقرن ابن تيمية، ولكن فى وجهة نظرى سيتم تجديد الخطاب الدينى؛ لأن المستقبل الآن أكثر ازدهارًا، وهؤلاء أعمارهم قصيرة.
كيف ترى دور النواب فى تمثيل المحافظات؟
مجرد شكليات، وليس هناك حل للمواطنين، وفى وجهة نظرى لا أرى شيئا إيجابيا فى البرلمان ونوابه، وهو مجرد مؤسسة من مؤسسات الدولة، ومن حيث إنها فعالة؛ ففى وجهة نظرى لم أر له أى دور حقيقى.
لماذا لا تحاسب الدولة البرلمان؟
ليس كل شىء يقع على عاتق الدولة، كما أن البرلمان هو نفسه رقيب على الدولة، وفى الغالب لا يحقق المرجو منه.
كيف ترى مصر فى 2020؟
ستكون متقدمة إذا كان هناك تقدم اقتصادى، الدولار بيقل هذا صحيح، وهيقل أكثر بالفعل، ونحن على خطى إيجابية اقتصاديا حاليًا، بدليل أن لدينا اكتفاء ذاتيا من الغاز، وسنصدره فى آخر العام، وكذلك سيكون لدينا اكتفاء ذاتيا فى البترول، إضافة إلى أن هناك مصانع يتم إنشاؤها، وأراض تتم زراعتها، ومن الناحية الاقتصادية نحن فى طريقنا إلى النمو.
هل النساء غير قادرات على تولى المسئولية؟
النساء أصبحن رؤساء يدرن البلاد، فلدينا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وفى مصر أصبحت 7 وزارات تديرها النساء، فهل هذا يشير إلى عدم قدرتهن على تولى المسئولية.
ما رأيك فى ظاهرة الإلحاد فى مصر؟
الإلحاد فى مصر شىء عارض وغير دائم، وهو المقابل الطبيعى للتشدد، ومن الصعب أن نتحدث عن ظاهرة الإلحاد فى مصر؛ لأننا حتى الآن لم نصل لهذه النسبة، ومن وجهة نظرى قد يكون الإلحاد فى المجتمعات الغربية؛ لأنها أمر عقلانى أكثر، وإنما مجتمعاتنا حتى الآن لم تعان من هذه الظاهرة كما لو كانت ظاهرة.