من الطبيعي أن تتألم حينما يخبرك الطبيب دون سابق إنذار، بإصابتك بمرض لعين ينهش جسدك، تقاوم كل يوم كما لو أنك تحارب جيشًا بأكمله وأنت مكبل اليدين، لكن الأشد ألمًا أن تصبر وتقاوم حتى تصل للشفاء، وما إن تبدأ في نسيانه.
"السرطان" المرض الخبيث الذي أصاب النائبة أنيسة حسونة، وهزمته بالعزيمة والصبر والصمود على الابتلاء، فظنت أنها انتصرت عليه، لتصدر كتابًا "بدون سبق إنذار" لتدعو لمقاومة الخبيث وتحكي فيه عن المأساة، ولكنها لم تعلم أنه من الممكن أن يعود إلى جسدها مرة آخرى لينال منها أكثر وأكثر، ولكنها في النهياة تعود إلى الحياة بانتصار جديد.
لحظات لم تكن متوقعة للكثيرين ليتوقف العالم بأكمله، خاصة وأنها تذهب إلى الدكتور لإجراء بعض من الفحوصات البسيطة، ليخبرها بأنها صادفت الذئب الخبيث الذي يتملك منها، وأن عليها ترتيب أمورها، فعلى الرغم من تمتع "حسونة" بالقوة كسيدة مشاركة بقوة فى العمل العام، إلا أن واقع الخبر لم يكن مختلفًا عن الآخرين، فكان أول ما بدر إلى ذهنها أن هناك خطأ ما فى التحاليل والأشعة أو أن يكون تم استبدالها مع مريض آخر، لتردد "لابد أن هذه الأشعة وتقريرها يخصان مريضة أخرى".
ولازالت على أمل أن يفتح شخصًا باب الغرفة فجأة ليعتذر عن الخطأ الوارد من الجميع، ويخبرها بأن نتيجة الأشعة الخاصة بالمرض له هو، وأنه تم استبداله فقط، وأنها على ما يرام.
وبالرغم من تلك التجربة التي لم تكن هينة على الكثيرين، فبدأت فى رسم خطط لإسعاد الأحفاد هذا الشتاء والصيف القادم، لتترك لهم ذكرى جميلة فى حياتهم، ولكن لأنها سريعة التحمس وعاشقة للحياة فتخطت تلك المرحلة سريعًا واستحوذت على درجات عالية من النجاح، وظلت كما هي فى أعين من يحبونها، فإصابتها بالمرض اللعين لن تغير فيما ترغب فيه من هذه الحياة بل ربما ستعيد ترتيب أولوياتها بشكل أفضل وأكثر واقعية، لتجعلها تفتح آفاق جديدة للاستمتاع بنعم الحياة الكثيرة في فترة أقصر بينما تدق ساعة العمر.
وذكرت "حسونة"، على صفحتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى "الفيسبوك"، موجهة رسالة إلي الكبار، وكأنها تريد من يساندها في أزمتها من جديد، خاصة وأنها كانت تعتقد أنها قد انتصرت عليه.
"أن تكون واحدًا من الذين انتصروا على المرض اللعين فهو مِنةٌ من الله وأن يعود إليك مرة أخرى فهو اختبارٌ أشد قسوة من سابقه".. كلمات رددتها النائبة أنيسة حسونة، فور إخبارها بأن المرض قد تمكن منها من جديد، خاصة وأن التجربة الماضية قد استهلكت منها الكثير من القوة والإرادة.
وتحكي «أنيسة»، خلال صفحتها على "فيسبوك"، عن لحظات الفرح التي عاشتها بعد شفائها خاصة تلك الأوقات التي قضتها مع أحفادها: «استغليت كل لحظة لاحتضان وتقبيل أحفادي والاستمتاع بوجودي مع ابنتاي الغاليتين في معظم الأوقات التي تسمح بها انشغالاتهم اليومية فذهبت إلى تدريبات الرياضة الخاصة بالأحفاد وقعدت جنب البيسين لأشاهد حفيدي الصغير يعوم مثل السمكة "البساريا" مستعرضًا مهارته أمامي قائلا: شفتيني يا تيتا وأنا أرد بمنتهى الفخر وضحكة كبيرة على وجهي: شايفاك طبعا يا روح قلب تيتا».
وأنهت أنيسة حسونة المقاتلة الشجاعة تدوينتها قائلة: «أنا في طريقي للمستشفى لأُجري جراحة خطيرة بعد عدة ساعات قليلة، راضية بقضاء الله وقدره، آملة أن يستجيب الله سبحانه وتعالى لدعواتكم المخلصة هذه المرة أيضا فأنا لم أرفع رايتي البيضاء بعد».
واليوم وبعد إجراء العملية، تعود إلينا النائبة أنيسة حسونة، فى ثوبها الجديد، وبعد الانتهاء من تلك الفترة الصعبة، لتنتصر على المرض واقفة على قدميها تدعو الجميع لمحاربته.