رأس السنة يوم الأحد التاسع من سبتمبر القادم، نهاية العام الحالي ليست 31 ديسمبر القادم أو 30 ذي الحجة القادم كما نعلم، ولكنها ستوافق يوم الأحد التاسع من سبتمبر نهاية العام الحالي طبقًا للتقويم العبري، حيث يكون يوم الإتنين العاشر من سبتمبر يكون أول ايام العام الجديد عام 5779 عبريًا.
طبقا لمعتقدات اليهود أن التاريخ يبدأ من بداية الخلق أو من قبل بداية العالم كما يقولون حيث أنهم لا يعترفون بالتاريخ الميلادي البادئ منذ بداية المسيح قبل 2018 عام تقريبًا، ويعتقدون أن التقويم الحقيقي كان قد بدأ منذ 3760 سنة قبل مولد المسيح، وذلك بالطبع يتناسب مع إنكارهم أن يسوع هو المسيح المنتظر مما يجعلهم أيضًا لا يؤمنون بيوم ميلاده المقدس.
يقول الحاخام روبن فاير ستون في مقدمة فصل التقويم بكتاب ذرية ابراهيم (مقدمة عن اليهودية للمسلمين): "يتم حساب السنين في التقويم اليهودي التقليدي من بداية الخليقة كما حددها التقويم الزمني في العهد القديم، ولقد كان ذلك بإضافة أعمار كل الشخصيات المذكورة في سلسلة الإنسان إلى آدم صعوداً"
ويمكنكم ملاحظة أن التقويم العبري يُعتبر من أعقد التقاويم في العالم حيث أن السنة به شمسية وشهوره قمرية، وذلك قد يسبب لك الحيرة قليلًا عندما تبدأ في احتساب التواريخ.
من ناحية أخرى يرى أبي إسحاق البيروني في كتابه (الآثار الباقية عن الخالية)، أن الارتباك في حسابات التقويم العبري ترجع إلى تقليد قديم كانوا قد اتبعوه، حيث يقول: "إنما العبرانيون واليهود وجميع بني إسرائيل والصابئون أخذوا سنتهم من مسير الشمس، وشهورها من مسير القمر لتكون أعيادهم وصيامهم على حساب قمري وتكون مع ذلك حافظة لأوقاتهم من السنة فكبسوا كل تسعة عشرة سنة قربة بسبعة اشهر"
إذا.. كيف يتم حساب التقويم العبري؟
يعتمد التقويم اليهودي على حركة الشمس والقمر معًا، حيث أنه كما ذكر البيروني فالسنة به شمسية وشهوره قمرية، لذلك فهم يضيفون 7 أشهر في كل 19 سنة للتوفيق بين كون السنة شمسية والأشهر قمرية، وذلك لأن اليهود القدامى قد عرفوا بطريقة ما - يقال عن طريق البابليون- أن للقمر دورة تتم كل 19سنة، حيث أن مولده يعود كما كان في أول الدورة، كما أنهم توصلوا إلى أنه خلال هذه الفترة يمر 235 هلالاً قمرياً.
ولحل مشكلة التوفيق بين دورة الشمس (السنة الشمسية) ودورة القمر (الشهر القمري)، لجأوا إلى الكبس حينما قاموا بتوزيع تلك السبعة أشهر -التي يتم بها التوفيق بين السنة الشمسية وأشهرها القمرية إذا جاز التعبير- على 19 سنة في كل دورة على النحو التالي: 3، 6، 8، 11، 14، 17، 19، وبذلك تكون كل سنة من السنين آنفة الذكر كبيسة، أي تحتوي على 13 شهراً بدل 12 شهراً والشهر الكبيس يكون بين شهري آذار ونيسان، ويعرف باسم آذار الاول.
للتقويم حسابات أخرى
لمعرفة السنة البسيطة من السنة الكبيسة تتم قسمة السنة على 19 فأن صادف الباقي أحد الأرقام السابقة الذكر (3،6،8،11،14،17،19)، فالسنة كبيسة ذات 13 شهراً وإلا فهي بسيطة ذات 12 شهراً، و لا يجوز أن تبدأ السنة عند اليهود بيوم الجمعة أو الأحد وذلك لمنع تضارب الأعياد مع يوم السبت، إذ لا يجوز حلول يوم الغفران في الجمعة أو الأحد الذي تحظر الشريعة اليهودية القيام فية بأي أعمال وكذلك يوم السبت، ولا يمكن بالطبع تأجيل تلك الأعمال لمدة يومين، وأيضًا لا يجوز أن يحل يوم السابع من أعياد سوكوت (المظال) في السبت، إذ يحظر القيام بأعمال ضرورية لأداء الطقوس الدينية الخاصة بهذا اليوم.
أنواع السنة العبرية وأسماء الشهور
ستة أنواع كاملة تنقسم إلى بسيطه معتدلة وطولها 354 يوم 2، بسيطه زائدة وطولها 355 يوم، بسيطة ناقصة 353 يوم، كبسيه زائدة وطولها 385 يوم، كبسية معتدلة وطولها 384 يوم، كبيسة ناقصة وطولها 383يوم.
أما الشهور في التقويم العبري فهي إثنى عشر شهر، وتُستمد أسماء الشهور العبرية من اللغة الآكادية القديمة وتسمي الشهور في السنوات البسيطة وهي تشرين وحشوان وكسلو وطيبيت وشباط وآذار ونسيان وآيار وسيوان وتموز وآب وأيلول، ويضاف شهرًا في السنوات الكبيسة يسمى آذار الأول بين شهري شباط ونيسان، ويقابل كل شهر عبري شهرين من الشهور الميلادية، حيث يقع الشهر العبري بين شهرين ميلاديين، وبذلك يأتي شهر تشرين بين شهري سبتمبر وأكتوبر، وشهر حشوان بين شهري اكتوبر ونوفمبر وهكذا باقي الأشهر.
بداية الشهر في المصادر العبرية
ذُكر رأس الشهر في العهد القديم كيوم عيد واعتبر من الأعياد اليهودية استنادًا على سفر العدد - الأصحاح 10 حيث كُتب "انفخوا في الأبواق أيضاً في أيام فرحكم وفي أعيادكم ورؤوس شهوركم"، وكان يتم تقديم القرابين والذبائح في هذا اليوم إعداد وجبة خاصة للإحتفال.
في أيام الهيكل الثاني بعصر المشناه، كان يتم تحديد بداية الشهر طبقًا لشهادة الشهود الذين شاهدوا القمر وكانوا يخبرون أهلهم بذلك، وفي فصل رأس السنة في ذات العصر يتم وصف كيفية تحديد رأس الشهر.
اليوم العبري لا يبدأ صباحًا، حيث يبدأ اليوم في التقويم العبري منذ غروب
الشمس وتستمر حتى المساء في اليوم التالي.
وأخيرًا.. ومع كل التمسك بالمعتقدات الدينية اليهودية من حساب معقد للتقويم وحساب بدايات الأشهر وبدايات اليوم وترحيل ايام لتجنب تعارض الأعياد مع أيام معينة، إلا أن حكومة (إسرائيل) مثلًا قررت اعتماد التقويم الميلادي تقويمًا رسميًا في الوزرات والهيئات الحكومية، لتتماشي مع التقويم المتداول في أغلب بلدان العالم، وتركت التقويم العبري للحاخامات ورجال الدين والأعياد والمناسبات الدينية.